حقوق الإنسان: مسودته الحكومية تختلف جذرياً عن النسخة المدنية
بغداد / عمر عبد اللطيف
كشفت المفوضية العليا لحقوق الانسان عن تقديم الحكومة مسودة قانون “حق الحصول على المعلومة” تختلف جذرياً عن المسودة التي تناقش في الأوساط المدنية.
وقال عضو المفوضية الدكتور أنس أكرم العزاوي لـ”الصباح” على هامش الندوة التي عقدتها منظمة “برج بابل” لمناقشة قانون حق الحصول على المعلومة: إن “القوانين تنظم الحياة المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وهي تعطي وتمكن المواطن من الحصول على المعلومة لضمان حقه بالوصول الى ما يبتغيه فعلياً”.
وأضاف، انه “بشكل عملي فإن الكثير من المعرقلات لإقرار هذا القانون جزء منه يتعلق بالكم الهائل من القوانين العراقية الصادرة فعليا سابقا وحاليا والتي تتقاطع بشكل كبير مع القوانين الحالية سواء الخاص منها أو العام، والتي تجرم البعض منها هذا الفعل في حال عدم نيله الموافقة الخاصة بذلك، لوجود اشكالية حول من هو الذي يحدد الحق أو الجريمة الفعلية خاصة بوجود قوانين مازالت غير متوائمة مع التشريعات والقوانين الدولية”.
وبين العزاوي خلال الندوة التي حملت عنوان “المعلومة قوة”، أن “هناك إشكالية كبيرة في منح المعلومة بعد تمرير القانون ومدى التزام الدوائر الخاصة إذا ماعلمنا إن الحكومة التي تعد مظلة لكل الاجهزة التنفيذية لديها مسودة قانون مقدم الى مجلس الدولة يختلف كليا عن القانون المتداول بين الاوساط السياسية والمدنية والاجتماعية”، مبيناً ان “الحكومة لا تريد لمفوضية حقوق الانسان تلقي او تسلم او متابعة شكاوى او انتهاكات حق المواطن في الحصول على المعلومة، ولم تضمن الاستثناءات من المعلومات الواردة لضمان خصوصياتها وعملها وادارتها، اضافة الى ان التجريمات التي قدمتها في مسودتها تنسف القانون من أساسه، فإذا أردنا تعزيز العملية الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان فيجب العمل معاً على تنضيج قانون للحصول على المعلومة يراعي الجميع”.
وألمح العزاوي، الى انه “كان لأعضاء مجلس المفوضية موقف في مجلس الدولة دفعنا الى ضرورة إجراء مزاوجة بين القانونين المقدمين من الحكومة ومن المنظمات المدنية، على أمل استيفاء جميع الثغرات، خصوصاً إن هذا القانون هو ليس للدعاية أو الاعلام وانما واجب التنفيذ ومن حق الجميع الوصول والحصول على المعلومة”.
من جانبه قال عميد كلية الاعلام في جامعة بغداد الاستاذ الدكتور هاشم حسن التميمي: إن “ما ينقصنا منذ سقوط النظام ولغاية الآن هي الحقوق الاساسية التي تؤكد وتمنح حق المواطن ان يكون شريكاً ورقيباً على أداء الدولة بكاملها برئاساتها وسلطاتها”.
وأضاف التميمي لـ”الصباح”، ان “قانون حق الحصول على المعلومة معمول به في جميع الدول المتقدمة ليجعل المواطن يعلم ما يجري بكل دائرة وأين ينفق المال العام وماهي الخطط والستراتيجيات لكي يدرك بأنه يمارس رقابة حقيقية، وهذا معناه أن كل شيء سيكون متاحاً بشكل رسمي يجبر وزارات الدولة والرئاسات على تقديم المعلومات حول العقود والمليارات من الدنانير والدولارات التي تصرف ومن هي الشركات المنفذة لكي يستطيع أي مواطن ان يتدخل في الوقت المناسب ليؤكد ان هذه الشركة وهمية وهذا العقد مبالغ به، وملاحقة الفساد خطوة بخطوة قبل فوات الأوان”.
أما مدير علاقات وإعلام وزارة الداخلية اللواء الدكتور سعد معن، فقد بين ان الوزارة تؤمن بشكل قاطع بأن وجود القوانين هو أسهل وأيسر طريقة لتنظيم الحياة اليومية.
وأضاف معن لـ “الصباح”، ان “حق الحصول على المعلومة جزء منه مطبق من خلال مكتب الناطق الاعلامي واتصالات المواطنين أو الاعلاميين أو وصولهم الى معلومة معينة، أما في وزارة مثل الداخلية فيكون الامر مختلفاً فما هي الوثيقة التي يمكن للمواطن الحصول عليها وهل هناك تقاطع مع قانون العقوبات العراقي في محل تسريب الوثائق، وبالتالي فإن تشريع هذا القانون سيرسم ملامح واضحة للمواطن حتى العادي في عملية الحصول على المعلومة وماهي هذه المعلومة والوثيقة”.
وأعرب معن، عن أمله بالدورة البرلمانية الحالية “لتشريع قوانين مهمة كحق الحصول على المعلومة أو الجرائم الالكترونية، خصوصاً إن تقادم الزمن واضح على الكثير منها الذي بلغ عمره التشريعي أكثر من 50 سنة، إذ لا يمكن التمسك بالتشريعات القديمة في حين أن العالم يتطور يوما بعد يوم”.
وأكد مستشار هيئة الاعلام والاتصالات الدكتور مضاد عجيل، ان هناك الكثير من التحديات التي تواجه إقرار هذا القانون.
وبين عجيل لـ”الصباح”، ان “قانون حق الحصول على المعلومة يفيد مؤسسات الدولة بالكامل، التي لا تعتمد في الوقت الحالي على الافصاح عن معلوماتها وهذا خطأ بنيوي كبير يضطر الصحفي بشكل أو بآخر الذهاب الى مصادر اخرى للحصول على المعلومة، التي قد لا تكون بالضرورة دقيقة وموضوعية ومهنية، بل قد تكون كاذبة ومضللة وتسمم الجو العام والمناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي”.
ودعا عجيل، “جميع دوائر الدولة الى الافصاح العام الذي قد لا يتوفر لاحترازات امنية معينة، فيمكن التوجه الى الافصاح الروتيني الاستباقي من خلال عرض المعلومات على الموقع الالكتروني لكل دائرة ليتسنى للصحفي الحصول على هذه المعلومات من دون الذهاب الى مصادر قد تضر بالمصلحة العامة”.