غزو الكويت والفتيل المؤجل!

الثانية والثالثة 2019/08/03
...


سالم مشكور
 

أمر غريب أن ترى بعض الأقلام ما زالت تدافع عن حماقة غزو الكويت على يد نظام صدام عام 1990 رغم كل ما جرى للعراق بسببها.
والاهم ان هؤلاء وكثيرين غيرهم يتجاهلون الدور الخارجي في دفع صدام الى تلك الجريمة بحق البلدين.
جرت العادة على اعتماد نص الحوار الذي جرى بين السفيرة أبريل غلاسبي وصدام وما فهمه منها على أنه ضوء أخضر لغزو الكويت من دون ممانعة أميركية، وهو حوار يشكك في صحته بعض الباحثين باعتبار ان مصدره الوحيد كان وكالة الانباء العراقية آنذاك ويصعب العثور على نصه في مصدر موثوق.
وإذا كانت الوكالة العراقية قامت بنشره بعد الغزو لإدانة الموقف الأميركي وكشف حقيقته، فإنه يشكل- في الوقت ذاته- دليلاّ يؤكد حماقة صدام ورعونته عندما يفكر بإلغاء وجود دولة قائمة ومعترف بها في الأمم المتحدة. 
لو تجاوزنا موضوع صحة وجود “فخّ غلاسبي” من عدمه، فإن مؤشرات أخرى دلّت آنذاك على موقف أميركي دافع لذلك الغزو، أو على الأقل مسهّل له وكأنه ذريعة مطلوبة لسياسة بدأ تنفيذها بعد ذلك.
الدليل الاوضح هو سرعة الإجراءات الاميركية  للرد على الغزو، بما يؤكد أن الجانب الأميركي لم يفجأ به بل راقبه وأعدّ العدّة لإجراءات مضادة بدأت بعد يوم واحد من حدوثه، فقد أصدر الرئيس الأميركي جورج بوش بعد ساعات من الغزو أمراً لسفن بحرية أميركية بالتوجه الى الخليج، وبدأت الإدارة الأميركية سلسلة تحركات يبدو انها كانت مرسومة مسبقاً، مثل التحرك في مجلس الامن ودفعه الى إصدار سلسلة قرارات تحاصر العراق وتفرض عقوبات عليه.
في أيلول عام 1990 اعترف وزير الدفاع الأميركي ريتشارد تشيني أمام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ أن بلاده كانت ترصد الحشود العراقية الضخمة قرب الحدود مع الكويت قبل الاجتياح.
هذا الاعتراف يطرح سؤالا بديهياً: لماذا لم تمنع أميركا صدام من غزو بلد حليف لها؟.
لا يحتاج الامر الى كثير من التحليل.
قبل الكويت كان التحريض الأميركي البريطاني لصدام لشن الحرب على إيران التي كانت بلا جيش آنذاك.
حرب دامت ثماني سنوات دمرت العراق اقتصادياً، لكنه خرج منها بماكنة عسكرية ضخمة بفعل الدعم الغربي، فكان فخ الكويت لتدمير هذه القوة، ليفقد العراق عناصر قوته الاقتصادية والعسكرية فضلا عن الاجتماعية التي شهدت خراباً كبيراً، ما زلنا نعاني نتائجه حتى اليوم.
لم تنته مشكلة الحدود العراقية الكويتية.
فالترسيم الاممي تم بضغط وتحكم أميركيين أبقى فيها فتيلاً ليجري اشعاله وقت الحاجة، فهل ينتصر عليه العقل
وينزعه؟.