نحن، ونتيجة (3 - صفر)

الثانية والثالثة 2019/12/01
...

سالم مشكور

بعدَ الانتخابات البرلمانية السابقة كان هناك مخاض انتخاب الرئاسات الثلاث وبعدها تشكيل الحكومة. بعد الانتهاء طلع علينا مسؤول إيراني رفيع ليقول إن إيران انتصرت على أميركا في هذه المعركة بثلاث نقاط مقابل لا شيء. كان هذا اعترافاً بأن الانتخابات والحكومة كانت معركة باردة بين واشنطن وطهران، والنقاط الثلاث هي رئاسة الجمهورية والوزراء ومجلس النواب. اعتبروا أنها جاءت بتأييد وموافقة من طهران التي عمدت إلى استمالة جزء من الساحة السنّية ودعمت الحلبوسي الشاب الصاعد الطامح الى منافسة الجيل القديم على زعامة هذه الساحة. تردد أن الأخير ومعه المرشح لرئاسة الجمهورية برهم صالح زارا السفارة الإيرانية، بينما لم تفلح مساعي منافسيهم وزياراتهم الى السفارة الأميركية في تثبيت دورهم في الحكومة. هنا شهدت الساحة السنية مصطلح «سنّة إيران»، قبل ذلك كانت الإدارة الأميركية قررت، منذ مجيء ترامب، انتهاج سياسة محاصرة إيران في ساحات نفوذها الرئيسة وأقربها لبنان والعراق. في الموضوع العراقي كشف مايكل روبن أحد منظّري المحافظين الجدد في واشنطن عن أن هناك رسالة تم إيصالها الى الحكم السعودي بضرورة الانفتاح على شيعة العراق وهو ما تم بالفعل وبانعطافة حادة تركت ردود فعل متباينة في الساحة الشيعية العراقية تراوحت بين مرحب مسارع الى الرياض ومتحفظ الى حد التشكيك بالنوايا. هذا التطور أفرز مصطلح «شيعة السعودية»، إيذانا بانقسام هذه الساحة بين محوري إيران وأميركا.
وعلى مدى سنوات كان الجانب الأميركي الذي رأى أن استثماره في العراق منذ 2003 انتهى بتفوق إيراني على الأرض رغم بقاء الجو وبعض القواعد بيد واشنطن، بدأ العمل على خلق شارع شيعي مناهض للطبقة الحاكمة المتهمة بالقرب من ايران، فقامت بحملة دعائية عبر وسائل مختلفة، معززة بدعم فاسدين في السلطة وعرقلة تقديم خدمات حياتية للناس، على رأسها الكهرباء، لإثارة نقمة شعبية عارمة وترسيخ مقولات مثل «حكم الأحزاب» و»الأحزاب الإسلامية» و»عملاء ايران» وشيطنتها واظهارها على انها المسؤول الأول عن الخراب في العراق. في المقابل، كانت أطراف محسوبة على ايران تدعم هذه الجهود من حيث لا تدري، عبر عجزها عن تقديم انجاز حقيقي لتخفيف معاناة الناس على مدى السنوات الماضية في حين تساوى رموزها مع غيرهم في الفساد 
واستباحة المال العام.
اليوم وبعد أكثر من عام على انتصار إيران على اميركا في العراق (3 - صفر)، وبعد جهود واشنطن باتجاه الرئاستين (الجمهورية والبرلمان)، بقيت الحكومة ورئاستها خارج الرضا الأميركي، فتعرضت للضغط المركّز شعبياً حتى أعلن رئيسها استقالته. هل التطورات القادمة ستفرز نتيجة (3 - صفر) معاكسة؟
أو أن دهاء «حائك السجاد» سيقلب الطاولة، وبأي ثمن ندفعه نحن؟