الـمـحـكـمـة الاتـحـاديَّــة تـصـدرُ قـرارهـا بـشـأن «الـكـتـلـة الأكـبـر»

الثانية والثالثة 2019/12/22
...

 بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب 
 
أصدرَت المحكمة الاتحادية أمس الأحد قرارها بشأن طلب رئيس الجمهورية برهم صالح بخصوص تحديد الكتلة الأكبر المكلفة بترشيح رئيس الوزراء المقبل، إذ ألقت المحكمة مهمة الترشيح على عاتق برهم صالح، مبينة أن الكتلة الاكبر هي “إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، أو الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية ودخلت مجلس النواب وأصبحت مقاعدها بعد دخولها المجلس واداء أعضائها اليمين الدستورية في الجلسة الأولى الأكثر عدداً من بقية الكتل”، يأتي ذلك في وقت، حذر أعضاء بمجلس النواب من مختلف الكتل من حدوث حالة فراغ دستوري وذهاب البلد نحو المجهول في حال التأخر بحسم اختيار رئيس وزراء جديد.
وقال المتحدث الرسمي للمحكمة الاتحادية العليا إياس الساموك في بيان صحفي تلقته “الصباح”: «طلب رئيس الجمهورية من المحكمة الاتحادية العليا تحديد الكتلة الاكبر الوارد ذكرها في المادة (76) من دستور جمهورية 
العراق لسنة 2005.
وقد تلقت المحكمة الطلب يوم الخميس الموافق (2019/12/19)، وبناء عليه عقدت المحكمة جلسة للنظر في الطلب، وذلك صباح يوم الاحد الموافق 2019/12/22، بكامل أعضائها وأصدرت 
القرار الآتي:
وضع الطلب المدرجة صيغته في أعلاه موضع التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا بجلستها المنعقدة بتأريخ 2019/12/22 وتوصلت بعد المداولة والتدقيق وبعد الرجوع الى أوليات تفسيرها لحكم المادة (76) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وذلك بموجب قرارها الصادر بتأريخ 2019/3/25 بالعدد (25/ اتحادية/ 2010) والذي أكدته بموجب قرارها الصادر بتأريخ 2014/8/11 بالعدد (45/ ت. ق/ 2014) ومضمونهما أن تعبير (الكتلة النيابية الأكثر عدداً) الواردة في المادة (76) من الدستور تعني إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، أو الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية ودخلت مجلس النواب وأصبحت مقاعدها بعد دخولها المجلس واداء أعضائها اليمين الدستورية في الجلسة الأولى الأكثر عدداً من بقية الكتل، فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحها بتشكيل مجلس الوزراء طبقاً لأحكام المادة (76) من الدستور 
وخلال المدة المحددة فيها.
وهذا ما استقرت عليه المحكمة الاتحادية العليا بموجب قراريها المذكورين آنفاً في تفسير المادة (76) من الدستور وببيان مفهوم الكتلة النيابية الأكثر عدداً.
وأضاف بيان المحكمة، “وحيث ان قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة التشريعية والتنفيذية والقضائية المنصوص عليها في المادة (47) من الدستور وحيث ان المحكمة الاتحادية العليا إحدى مكوناتها وفقاً لأحكام المادة (89) من الدستور فانها ملزمة بالأحكام والقرارات التي تصدرها، وبناء عليه تقرر المحكمة الاتحادية العليا التزامها بقراريها المذكورين آنفاً المرفقين مع هذا القرار بتفسير حكم المادة (76) من الدستور وفقاً لما ورد فيهما وصدر القرار هذا بالاتفاق باتاً وملزماً استناداً لأحكام المادة (94) من الدستور والمادة (5) من قانون المحكمة الاتحادية العليا وحرر في الجلسة المؤرخة 2019/12/22”.
 
تعليقات على قرار الاتحادية
وفور صدوره، قدم خبراء القانون عدة تفسيرات لقرار المحكمة، بينما علق سياسيون ونواب عليه، وقال الخبير القانوني علي التميمي: إن “بيان المحكمة الاتحادية فسر المادة 76 من الدستور الخاصة بتكليف الكتلة الأكبر برئاسة الحكومة وفق الجلسة الاولى وهو ما تم وقد ترشح عن الكتلة الأكبر عادل عبد المهدي”.
وأضاف أنه “وبحسب الفقرات 5/4/3/ من المادة 76 من الدستور فإن لرئيس الجمهورية الحق في تكليف المرشح لرئاسة الوزراء دون الرجوع الى الكتلة الأكبر”.
وأوضح التميمي أن “البيان يعني أن المحكمة الاتحادية خولت برهم صالح بالذهاب بحرية واختيار من يراه مناسباً لرئاسة الحكومة دون الرجوع لأي كتلة سياسية”.
في المقابل، قال الخبير القانوني طارق حرب: إن “قرار المحكمة الاتحادية حدد اعتماد الكتلة النيابية الأكثر عدداً التي تحصل بعد الدخول الى البرلمان بحيث يكون عدد أعضائها من النواب أكثر من أعضاء أي كتلة أخرى بعد حصولهم على صفة نائب وترديدهم اليمين الدستورية”، وأكد أن “جميع الكتل التي حصلت بعد هذا الوقت لا قيمة دستورية لها وإنما نعود للجلسة الاولى التي حصلت بعد الانتخابات في اعتماد الكتلة الأكبر”.
وتابع حرب: “يبدو أن ما ورد في قرار المحكمة ينطبق على أن قائمة سائرون هي الكتلة الاكبر في البرلمان”، بحسب قوله.
وفي تعليقه على قرار المحكمة، قال المحلل السياسي كريم النوري: إن “رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود (فسر الماء بعد الجهد بالماء)، إذ نأت المحكمة بنفسها عن الصراع الحاصل اليوم في الشارع وقامت بذكاء بإعادة الكرة الى ملعب رئيس الجمهورية”، مبيناً أن “ضغوط الدولة العميقة والخارج أعطت ثمارها إذ ترك الخيار اليوم للبرلمان لتسمية الكتلة الأكبر بعد أن أعطت المحكمة تفسيراً عموميا للمادة 76 من الدستور”.
وأضاف أن “نار تفسير الكتلة الأكبر سنة 2010 (عادت من جديد)”، مشددا على أن “جواب المحكمة الاتحادية بشأن الكتلة الأكبر عقد التفسير وأغفل المصداقية، لتغرق رئيس الجمهورية بشكل أكبر في الحيرة”، بحسب تعبير النوري.
أما السياسي والنائب السابق حيدر الملا، فقال في تغريدة له على “تويتر”: إن “المحكمة الاتحادية أكدت قرارها، إما سائرون الكتلة الأكبر أو تحالف الاصلاح 
 
 
والبناء (مجتمعين)”، ووجه الملا كلامه إلى الرئيس برهم صالح، قائلاً: “دعك من كل ذلك التحرير (في بغداد) والحبوبي (في الناصرية) وبقية الساحات هي الكتلة الأكبر فاحتكم لها”.
 
مواقف الكتل السياسية
إلى ذلك، قال رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في تغريدة على “تويتر”: “نجدد التأكيد بعدم وجود مرشح محدد من قبلنا لرئاسة الوزراء”، وأضاف “نحن مع أي مرشح فيه المواصفات التي حددتها المرجعية الدينية العليا والقوى السياسية والاجتماعية، ويأتي عبر السياقات 
الدستورية المعتمدة”.
وفي مواقف الكتل السياسية، كشف النائب عن تحالف البناء حنين القدو، عن وجود نية للتحالف بترشيح شخصية بديلة عن مرشحه الحالي قصي السهيل، عازياً ذلك 
الى عدة أسباب.
وقال القدو: إن “عملية ترشيح شخصية لمنصب رئيس الوزراء باتت معقدة، إلا أن هناك سياقات لا بد من احترامها تتلخص بالتنسيق مع مطالب الشارع بالإضافة الى التنسيق مع 
تحالف سائرون”. وأضاف أن “الإعلان عن ترشيحنا للسهيل واجه مواقف رافضة لذا يتطلب منا مراجعة والعدول عن ترشيح السهيل بشخصية أخرى”، مبينا أن “الترشيح يجب أن يخضع للتنسيق مع الشارع والبرلمان والكتل السياسية وبالأخص سائرون”. وأعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني أمس الأحد، موقفه من ترشيح وزير التعليم العالي والبحث العلمي الحالي قصي السهيل ومحمد توفيق علاوي لرئاسة الوزراء.
وقال عضو الحزب صبحي المندلاوي: إن “الحزب الديمقراطي مع اختيار أي شخصية ترضي الجماهير والكتل الفائزة، وليس لدينا أي مشكلة مع ترشيح السهيل أو علاوي لرئاسة الحكومة المقبلة”، مشيرا الى أن “الانتخابات المبكرة الحل الأفضل 
في هذه المرحلة”.
وأشار المندلاوي الى “ممارسة جميع الأطراف السياسية والجماهير الغاضبة الضغط على رئيس الجمهورية وموقفه صعب جداً”، وأضاف أنه “في حال جرى توافق خاصة مع الكتل الرئيسة على شخصية معينة ربما يحسم رئيس الجمهورية الأمر”، مستطرداً: “ولكن تغيير الرئاسات الثلاث يعني تدمير النظام السياسي والوضع لا يتحمل إرضاء 
جميع الأطراف”.
بدوره، أكد المتحدث باسم كتلة صادقون النيابية، نعيم العبودي، أن رئيس الحكومة القادم لن يكون من مزدوجي الجنسية، وقال العبودي في تغريدة له على منصة “تويتر”: “استناداً للدستور العراقي، لن يكون رئيس الحكومة القادم من 
مزدوجي الجنسية”.
 
فراغ دستوري
النائب عن كتلة دولة القانون عبد الاله النائلي، قال في حديث لـ «الصباح»: إنه «وقبل انتهاء المهلة الدستورية على رئيس الجمهورية أن يكلف رئيس وزراء بتشكيل الحكومة الجديدة».
وأشار النائلي إلى أن «رئيس الجمهورية أمام مسؤولية وطنية في اختيار الشخصية المناسبة التي يجب أن ترشح من قبل الكتلة النيابية الأكبر»، مبينا أن «رئيس الجمهورية يعرف يقينا من هي الكتلة الاكبر ولا بد من حسم الجدل الكبير وعدم إدخال البلد في فراغ دستوري ووضع حلول جذرية للحيلولة دون تعقيد الامور أكثر ومنع انزلاق البلد 
الى المجهول».
ولفت الى ان “الكتل السياسية لا يمكن أن تتفق، والقضية الآن لا تتبع لمزاج الكتل السياسية وانما الدستور حددها بالكتلة النيابية الاكبر والاكثر عددا، وبالتالي لا بد من التنسيق مع هذه الكتلة، وإذا لم يجد الشخصية المناسبة لا مانع من استبدال هذه الشخصية بشخصية اخرى من خلال الكتلة الاكبر من اجل الوصول الى القناعة المطلوبة”. وأكد النائلي أنه “في حال عدم تسمية رئيس للوزراء سنعاني من الفراغ الدستوري وسيتحمل رئيس الجمهورية أعباء كبيرة جدا إذا لم يسمِ رئيسا للوزراء علما ان الكتلة النيابية الاكبر قد ارسلت اسماء شخصيات وعلى رئيس الجمهورية أن يرشح أحد الاسماء المطروحة عليه من خلال مطابقتها للمواصفات التي تلبي طموحات 
الشعب العراقي”. بينما أكد النائب عن كتلة المحور الوطني أحمد المشهداني، أن “هناك مسارين لتسمية رئيس الوزراء، منها كتلة الفتح النيابية التي تعد الكتلة الأكبر، أو مجموعة من النواب خرجوا من كتلهم وشكلوا كتلة نواب الشعب ونعتبر  أنفسنا الكتلة  الاكبر  لأننا  نمثل كل  الشعب  العراقي  ومن 
كل المكونات”. وأضاف المشهداني لـ “الصباح” أن “كتلة نواب الشعب ستجمع تواقيع من أجل تسليمها لرئيس الجمهورية لاختيار شخصية مناسبة لمنصب رئيس الوزراء وقد تصل الى 55 نائبا”، مبينا أنه “على الكتل السياسية ان تبتعد عن اللعب بالنار وعليها أن تعي حجم المسؤولية الكبيرة التي تقع على 
عاتقها”. وأضاف أن “عدم اختيار وتسمية رئيس وزراء سيفضي بالبلد إلى مفترق طرق يتجه إلى المجهول”.