فرصة للتأسيس للأغلبية السياسية!

الثانية والثالثة 2020/02/22
...

سالم مشكور
 
اعلان رئيس البرلمان السيد محمد الحلبوسي شروط انعقاد جلسة التصويت على كابينة السيد علاوي واستبعاده انعقادها غدا الاثنين لعدم توفر هذه الشروط، يؤكد صحة الخلافات بينه - ومن يمُثّل- وبين الرئيس المكلف. هذا الموقف ظهر الى السطح بعد لقائه البرزاني في أربيل، والأخير افصح عن موقف معارض لطريقة تشكيل الحكومة المرتقبة. وفي حين يفصح أكثر الأحزاب الشيعية عن تأييده لحكومة المستقلين، فان الصورة تبدو من السطح، تمسّكاً من الجانبين الكردي والسنّي بالمحاصصة. تحت السطح، يقدم الجانبان تبريراً لموقفهما: شكوك حول حقيقة “استقلالية” أعضاء الكابينة، خصوصا الشيعة منهم، بل يذهب البعض الى القطع بأن “استقلالية الوزراء الشيعة شكلية”. يزيد من هذه الشكوك أن الرئيس المكلف نجح في الحفاظ على سريّة الأسماء حتى الان ويريد مفاجأة البرلمان بها وهو ما يعتبره الاخرون محاولة منه لتضييع أي فرصة للتحقق من طبيعة ارتباطاتها. ربما يعتمد المشككون القياس على ما حدث حين تشكيل حكومة عبد المهدي في هذا الأمر.  من وجهة أخرى، يمكن النظر الى الجدل الدائر على انه تمسّك كردي سنّي بنظام المحاصصة، انطلاقاً من موقفهم من التظاهرات التي تأتي “حكومة المستقلين” كاستجابة لمطاليبها، والقاضي بأن “المشكلة هي بين الشارع الشيعي وسياسييه” وبالتالي فان المكونين الاخرين غير معنيين بموضوع الوزراء المستقلين. في هذه الحالة فان تمسكهم بوزراء حزبيين منهم سيعني اقصاء الأحزاب الشيعية فقط من الساحة، وبقاء الأحزاب الكردية والسنية التقليدية ومعها الجديدة. هذه المواقف تضع مؤشرات غير إيجابية على موقف هذه الأحزاب الداعم، سياسياً واعلاميا، للتظاهرات في الوسط والجنوب بينما يجري قمع أي تحرّك مطلبي في المحافظات الغربية والاقليم.
من أهم ما أفرزته التظاهرات المطلبية، هو توفير فرصة الانتقال الى الأغلبية السياسية بدل التوافقية المعرقلة منذ سبعة عشر عاماً.  الحكومة المرتقبة هي حكومة مؤقتة مهمتها اجراء الانتخابات المبكرة. الأحزاب القائمة قد تخسر كثيرا من حجمها اذا ما احسن المطالبون بالاصلاح تنظيم صفوفهم في تنظيمٍ مختلفٍ عمّا اعتدنا عليه، بإمكانه تشكيل كتلة برلمانية كبيرة بالتحالف مع أحزاب صغيرة متنوعة الهويات القومية والمذهبية تجتمع كلها حول خطاب وطني ونوايا حقيقية للبناء، بدل تحقيق المكاسب الفردية او الحزبية. الأحزاب الكبيرة ستغيّر من نهجها لتتمكن من المنافسة وبالتالي تتسع دائرة التغيير.
عرقلة تشكيل الحكومة المرتقبة لن تصادر فرصة الخروج من التوافقية الى الأغلبية السياسية، بل تدخل البلاد في فراغ وفوضى يخشى أن تكون مخططاً لها وفق ما ورد في مقال مجلة “فورين بوليسي” الأخير الذي تحدث عن “الحاجة لتغيير النظام في العراق ثانية”!!.