الديمقراطية والكابينة الحكومية

الثانية والثالثة 2020/02/22
...

رئيس التحرير

منْ أبسطِ شروطِ الديمقراطية وأكثرها عقلانية وإجرائية هو التداول السلمي للسلطة، والقبول بهذا المبدأ يؤكدُ حرصَ الفاعلين السياسيين على ديمومة الحراك السياسي ونجاح عمليتهم السياسية وحرصهم على تجاوز عقدة الحكم المركزي الشمولي، والاستبداد الذي ترك في ذاكرتنا شروخا لا تُنسى.
العراقيون اليوم يواجهون تحديا ديمقراطيا كبيرا، يتمثل في اختيار رئيس جديد للوزراء، ولكابينة حكومية جديدة، ولمسؤوليات تنطلق من الحاجة الى التغيير، ومن اهمية الحصول على ثقة الشعب بوصفه القوة الاخلاقية والشرعية التي تملك حقَّ ذلك التغيير.
الحديث عن هذه الحكومة الجديدة، يعني الحديث عن النجاح في ادارة الحقوق والديمقراطية، وفي القدرة على مواجهة تحديات الواقع واشكالاته واسئلته، وبقطع النظر عن رغبة هذا الطرف السياسي أو ذلك بطروحات وتوجهات رئيس الوزراء المكلّف محمد توفيق علاوي، فإن الواقع يفرض تصورات ومعطيات ينبغي أن نضعها في سياق التفاهم والتحاور والتفاعل، وبما يجعل الأفق الديمقراطي مفتوحا، والرهانات الوطنية متاحة ايضا، والتي ستقطع الطريق على" صنّاع الأزمات"  الذين يحاولون التأثير سلبا في العملية السياسية، أو التجاوز على حقائق الواقع العراقي باستحقاقاته وحاجاته وتظاهراته، والتي تعكس وجود مشكلات عميقة في ادارة الدولة، وفي ادارة الاقتصاد والخدمات والامن، وهذا ما يجب الاعتراف به أمام الشعب، وفي التمثيل الحقيقي لقيم الديمقراطية.
السجال حول طبيعة الحكومة المقبلة يُثير جدلا، وتباينا في المواقف، وهو مسألة طبيعية في مسار العمل الديمقراطي، لكن البحث عن معالجات مهنية وموضوعية لتلك المشكلات السياسية والاقتصادية والأمنية، هو ما ينبغي أن يجعلها حاضرة أمام فرقاء السياسة، وأمام الرأي العام، وعلى نحوٍ يجعل التعاطي معها واقعيا، وعبر ارادة حقيقية، لها خارطة طريق، وبرنامج عملي، وقدرة على ممارسة مسؤولياتها، بما فيها مسؤولية النقد، ومن خلال احترام المسارات الديمقراطية ذاتها، والتفكير بصوتٍ عالٍ وواضح، لأننا نحتاج الى هذا التفكير المسؤول، والرؤية العميقة، والجدّة في النظر الى المستقبل، على مستوى الارتباط بحياة الناس وحاجاتهم، وعلى مستوى مسؤولية بناء الدولة ومؤسساتها، ولتيسير وجود علاقة حقيقية مع الشارع التظاهري، إذ لا هروب من هذا الاستحقاق، ومن التزاماته الوطنية والاخلاقية والشرعية..