رئيس ديوان الرقابة الأسبق يدعو إلى إقرار موازنة 2020

الثانية والثالثة 2020/07/18
...

بغداد / عمر عبد اللطيف
 
دعا رئيسُ ديوان الرقابة المالية الأسبق عبد الباسط تركي مجلس النواب الى دعم الحكومة في الاسراع باقرار موازنة 2020، مؤكداً ان الاضرار المالية يمكن ان تزيد في حال استبعاد اقرارها.
وقال تركي في محاضرة إلكترونية ألقاها لصالح كلية المستقبل وحضرتها «الصباح»: إنّ استبعاد اقرار قانون الموازنة العامة، يمثل غيابا لاجازة التصرف بالمال العام، لذلك يجب على الحكومة اصدار موازنة 2020، وعلى البرلمان المصادقة عليها مهما تكن سلبياتها فهي اقل ضررا من عدم اصدارها.
واضاف تركي ان الموازنات الاستثنائية او الشهرية التي يجري الحديث عنها حاليا ليست بديلا عن الموازنات العامة، اذ يعالج النوع الاول الاستثناءات التي ترد اثناء الصرف لظروف غير طبيعية تمر بها المالية العامة، معرباً عن خشيته ان يستمر الانفاق لهذا العام من دون قانون موازنة.
وأوضح ان احد الاشياء التي قادت الى العجز في الموازنة هو اليات ادارة الاموال العامة في العراق ووضع الخطط المتعلقة بالموازنة، فلا يجوز الذهاب باتجاه مستمر نحو التوسع في بلد نفطي تستطيع ان تتكلم فيه عن تخطيط، اذ يجب ان توضع الموازنة على اساس النفقات ومن ثم يحدد سلم الاحتياجات الاساسية التي على الحكومة والادارة المالية ان تغطيها والذي يلزمها بوضع خطة فعلية قابلة للتنفيذ، واصفا الموازنة العامة في البلد بانها تأتي لتلبية متطلبات قوى سياسية وليس احتياجات المجتمع الذي ينظر الى المستقبل ويخطط له، اذ انها سياسية بامتياز وليست اقتصادية او مستقبلية ولهذا قادت الى تضخم استثنائي في مجال الرواتب.
وأشار رئيس ديوان الرقابة المالية الأسبق الى حجم الرواتب في موازنة 2020 الذي يبلغ 66 ترليون دينار، بعد ان كان في عام 2019 (56) ترليون دينار، بمعنى ان الحكومة تحولت الى ادارة للموظفين وليس الى ادارة خدمات الجمهور، في حين تواجه الحكومة والادارة والمجتمع في الوقت الحالي مشكلة العجز في التمويل المطلوب، والحل ليس بتخفيض الانفاق بل ترشيده وصرفه بواجهته الصحيحة، محذراً من ذهاب الاقتصاد الى “بطالة قاتلة” في المجتمع، والوصول الى مرحلة تفجر العلاقات الاجتماعية فيه بسبب الكساد، حيث تعد البطالة اسوأ ماكنة لخلق القتلة وقتل الفرص وانتشار كل الموبقات في المجتمع، وإذا كان يمكن تحملها من قبل المرء اليوم لكن بعد مدة عندما يتسكع الالاف من الشباب في الشوارع لن نتفاجأ بوجود العنف والعصابات في اي مكان وتحت اي مسمى.
وانتقد تركي اغراق السوق العراقية بالسلع المستوردة بطريقة استثنائية، ما وضع الدولة امام خيارين اما ان تتوسع في التوظيف لتدخل في مجال التوسع في تشغيل عناصر مستمرة من البطالة المقنعة غير المنتجة في دوائر الدولة ولكن تحوز دخلا، او تذهب لمساهمة القطاع الخاص وتسعى الى تنشيط مجالات الاستثمار وهذا يتطلب منها انفاقا في الاقل او توسعا في الانفاق.
ولفت إلى توجه الحكومة نحو الاقتراض من المصارف وخصم السندات على البنك المركزي لتأمين رواتب الموظفين للمرحلة الاولى، ما يعني ان السلطات العامة مضطرة الى الاستمرار بالالية نفسها اي ان حجم العجز سيتضاعف والموازنة مستمرة في اعادة انتاج مشكلاتها، متوقعاً استمرار الموازنة بعجز حقيقي واجهناه في الموازنات التي أعدت بعد عام 2014، لذا لا يوجد امام السلطات المسؤولة عن الادارة الا تغيير سعر صرف الدينار العراقي الذي هو احد اسس مشكلات الاقتصاد والذي تحتسب على اساسه النفقات العامة في الموازنة العامة عبر خطة اقتصادية متكاملة نقدية ومالية ذات اثر اقتصادي، بغض النظر عن جميع الادعاءات التي تتوقع ان يقود هذا الى تضخم في الاسعار.
وأكد تركي ان نافذة بيع العملة لا يمكن التخلي عنها الا عندما يصبح الاقتصاد العراقي منتجا، ويترك الاعتماد على الاستيراد الخارجي فقط، اي عندما يكون الانتاج الداخلي كافيا، في الأقل، لتغطية الاحتياجات بعيدا عن الاغراق في الاستيرادات، منبهاً على ان العراق لم يمر طوال السنوات الماضية بأزمة كما هو حاليا ليصبح فيها تحقيق توزيع الرواتب، والحصول على راتب الشهر المقبل «منجزا تاريخيا”.
واشار الى ان فرص الاستثمار في العراق مفتوحة بشكل استثنائي، الا ان هناك “مثلث موت” يضع العراقيل امام نهوضه وتطوره الا وهو الفساد والمحاصصة والعنف، وتوفر الارادة السياسية لكسر أضلاع هذا المثلث بات ضرورة للنجاح خلال المرحلة المقبلة.