الكاظمي يبحث في إيران الاقتصاد وكورونا واستقرار المنطقة

الثانية والثالثة 2020/07/22
...

بغداد / الصباح
 
هيمنت قضايا الاقتصاد والصحة فضلاً عن أمن واستقرار المنطقة على مباحثات رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي دشن، أمس الثلاثاء، أول زيارة رسمية له إلى العاصمة طهران، مع كبار المسؤولين الايرانيين، إذ أكد الكاظمي أن العلاقة مع طهران "لا تقتصر على حدود مشتركة تمتد لـ 1458 كيلومتراً فقط، إنما تشتمل على امتدادات ثقافية ودينية واقتصادية". وناقش الكاظمي خلال زيارته للجارة الشرقية "الظروف الأمنية في المنطقة، وسبل إرساء السلام، وفق التحديات الراهنة، المتمثلة بوباء كورونا وانخفاض أسعار النفط"، وفي حين أشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في ايران، السيد علي الخامنئي، إلى أن بلاده تعارض كل مايسبب اضعاف العراق
لافتاً إلى أن العقل والدين والتجربة تقضي بتعزيز العلاقات مع العراق في جميع المجالات اكثر من السابق، أعرب النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري عن أمله بأن تساعد خطوات التعاون المشترك بين البلدين على تخطي الصعوبات والتحديات الآنية.
ووصل، امس الثلاثاء، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى العاصمة الايرانية طهران في زيارة رسمية، وأقيمت له مراسم الاستقبال الرسمي من قبل رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسن روحاني.
وفي مؤشر على أهمية اللقاء لدى مسؤولي البلدين الجارين، فان الكاظمي بدأ من طهران أولى زياراته الخارجية منذ تسلمه السلطة، في حين لم يكن لمرشد الثورة الاسلامية علي الخامنئي، قبل لقائه رئيس مجلس الوزراء، أي لقاء محلي او خارجي منذ خمسة أشهر. 
 
مؤتمر صحافي مشترك
وأكد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في ايران، علي الخامنئي، خلال استقباله لرئيس الوزراء، أن إيران تعارض كل مايسبب اضعاف العراق، مضيفاً أن العقل والدين والتجربة تقضي بتعزيز العلاقات مع العراق في جميع المجالات اكثر من السابق.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك، مع رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسن روحاني، قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي: "أشكر الرئيس حسن روحاني على هذه الدعوة، وعلى حسن الضيافة، وأؤكد على الروابط التاريخية التي تربط بلدينا"، لافتاً إلى أن "العلاقات الثنائية بين بلدينا تواجه تحديات وباء كورونا، وانهيار أسعار النفط، والعلاقة بيننا لا تقتصر على حدود مشتركة تمتد لـ 1458 كيلومتراً فقط، إنما تشتمل على امتدادات ثقافية ودينية واقتصادية".
وأضاف الكاظمي "ناقشنا الظروف الأمنية في المنطقة، وسبل إرساء السلام، وفق التحديات الراهنة، المتمثلة بوباء كورونا وانخفاض أسعار النفط"، مؤكداً، في خطاب وجهه "لإخواننا وأشقائنا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، أن "الشعب العراقي محبّ وتوّاق للتعاون الثنائي والمتميز، وفق الخصوصية التي يمتاز بها كل بلد، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية".
وتابع رئيس الوزراء "لقد قاتلنا الإرهاب والجماعات التكفيرية، وكانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أول من وقف مع العراق في حربه، وهذا الموقف لن ينساه العراق، ولهذا السبب وقف العراق مع إيران لتجاوز أزمتها الاقتصادية"، مبيناً أن "سياستنا مبنية على حسن النية في التعامل مع الجيران، والتفاهم لإخراج المنطقة من أزمة التوترات، والعمل الشامل للوصول الى حل شامل لجميع التحديات".
واشار الكاظمي إلى أن "البلدين يواجهان تحديات اقتصادية، وشعوبنا تنتظر منا الكثير بأفضل ما يمكن، وهذه الخدمة لن تتم من دون التعاون بين العراق وإيران"، منوها إلى أن "علاقتنا الخارجية تعتمد على مبدأ التوازن والابتعاد عن أي محاور، ولهذا السبب،فان  العراق لن يسمح بأي تهديد للأراضي الإيرانية يكون منطلقاً من أراضيه".
وأردف أن "علاقاتنا التاريخية عمرها مئات السنين، ويتوجب حماية هذه العلاقات وحماية الجمهورية الإسلامية الإيرانية من أي تهديد مصدره الأراضي العراقية"، موضحاً أن "فلسفة العراق أنه ينظر الى إيران كدولة مستقرة ومهمة، ويجب أن يكون العراق داعماً لهذا الاستقرار".
وبخصوص مشاوراته مع الرئيس الإيراني، قال الكاظمي: "تحدّثنا مع الرئيس روحاني حول تنشيط الاتفاقيات بين بلدينا، وتنشيط خط سكك الحديد من إيران الى البصرة، ونتمنى أن ترى هذه التعهدات النور في القريب العاجل، وبما يخدم الأجيال في بلدينا"، مؤكداً "سنعبر سوية هذه التحديات قريباً، وأهمها وباء كورونا، وسيكون النشاط التجاري والاقتصادي بالمستوى الذي نتمناه 
لشعوبنا".
 
تعاون صحي واقتصادي
بدوره، قال الرئيس الإيراني، في المؤتمر الصحفي الذي عقد بالعاصمة طهران: "ناقشنا مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي رفع مستوى التجارة بين العراق وإيران إلى 20 مليار دولار سنوياً"، مبيناً "لدينا القدرة الكافية لمساعدة العراق، ونريد تبادل وجهات النظر بين المسؤولين الصحيين، وقد بحثت ذلك مع رئيس الوزراء العراقي".
وأضاف روحاني "بحثنا القضايا الاقتصادية الاساسية مثل ، كري شط العرب، وربط سكك الحديد بين العراق وإيران، وبحثنا قضايا المنطقة والدور الذي يمكن أن يقوم به العراق لاستقرارها"، متعهداً للعراق حكومة وشعباً بأن "تقف إيران إلى جانبه بمواجهة جائحة فايروس كورونا المستجد".
بعدها، عقد الوفدان العراقي والإيراني، اجتماعاً موسعاً برئاسة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، والنائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إسحاق جهانغيري.
وبحث الاجتماع الموسع، بحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء الإعلامي، تلقته "الصباح"، "الملفات المدرجة على جدول الأعمال، والتي تناولت تنمية آفاق التعاون في مختلف القطاعات بين البلدين، وسبل تذليل العقبات، وتجاوز الإشكاليات التي قد تعترض سير التعاون المشترك".
 
مواجهة التحديات
وأعرب رئيس مجلس الوزراء عن "شكره لهذه الدعوة من الجانب الإيراني"، مؤكدا أن "العراق يتطلع لتكوين أفضل العلاقات بين البلدين على أساس المصالح المشتركة، خدمة للشعبين الجارين".
وأضاف الكاظمي أن "هناك تحديات كبيرة نواجهها، ويجب العمل سوية على تجاوزها، وعلى رأسها التحديات الاقتصادية والصحية الراهنة التي تواجه
 البلدين".
من جانبه، رحب جهانغيري بـ"زيارة الكاظمي، والوفد الحكومي المرافق له"، معربا عن "تمنياته للحكومة العراقية بالنجاح في مهامها، وأن تكون المفاوضات بنّاءة بين الجانبين، بما يخدم العلاقة بين إيران والعراق".
وأكد جهانغيري "دعم إيران لاستقرار العراق، واستعادة كامل دوره في المنطقة"، معبرا عن "أمله بأن تساعد خطوات التعاون المشترك بين البلدين على تخطي الصعوبات والتحديات الآنية، والمتمثلة بجائحة كورونا، والأزمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط".
وعلى هامش الزيارة، التقى مستشار الامن الوطني قاسم الاعرجي، عضو الوفد الحكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء، مع وزير الاستخبارات الايراني السيد 
علوي.
وتم خلال اللقاء، وفقاً لبيان المكتب الإعلامي لمستشار الأمن الوطني، بحث تطوير العلاقات بين البلدين وتعزيزها خصوصا في الجانب الامني، والتأكيد مجددا على الاستمرار بمحاربة داعش.‬
بدوره اكد وزير الاستخبارات الايراني السيد علوي على دعم طهران لحكومة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي.
كما أعلن وزير الصحة حسن التميمي، أمس الثلاثاء، تشكيل فرق علمية مشتركة بين وزارتي الصحة، العراقية والإيرانية لتبادل المعلومات في مجال الوقاية والسيطرة على جائحة كورونا. 
وقال التميمي لوكالة الأنباء العراقية (واع): إنه "تم خلال الزيارة تبادل المعلومات بشأن البروتوكولات العلاجية المستخدمة في الجمهورية الإسلامية في معالجة وباء كورونا المستجد". 
وأضاف، أنه "تم تشكيل الفرق العلمية المشتركة بين وزارة الصحة العراقية ووزارة الصحة الإيرانية لتبادل المعلومات في مجال الوقاية والسيطرة على جائحة كورونا"، مؤكداً أنه سيتم عقد اجتماعات عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع فريق الخبراء 
والمستشارين. 
 
حدود الصداقة والتعاون
وعن أهمية الزيارة، قال السفير الإيراني في العاصمة بغداد، إيرج مسجدي، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": ان "طهران تعلن استعدادها لاستقبال رئيس الوزراء العراقي والوفد المرافق له، وإن العلاقات الثنائية بين البلدين في حال تطور وتوسع على مختلف الصعد".
وأضاف السفير الإيراني، أن "الحدود بين الجمهورية الاسلامية والعراق هي حدود الصداقة، والتعاون المشترك لازدهار البلدين الشقيقين".
بينما، عد النائب محمد شياع السوداني، في تصريح لوكالة الانباء العراقية (واع)، أن "الزيارة مهمة في إطار تدعيم علاقات العراق مع دولة جارة يرتبط معها بمصالح ومشتركات دينية واجتماعية وجغرافية وأمنية"، مبيناً أن "الزيارة مهمة ايضا لحكومة الكاظمي الجديدة التي ينتظر منها أداء سياسي متزن بعيد عن المحاور ويضع مصلحة العراق وسيادته وأمنه أولا وآخرا".
ولفت السوداني الى أن "العراق لديه مع ايران تبادل تجاري وملف الكهرباء وهذا يحتاج الى تنسيق وتعاون مشترك فضلا عن ذلك فان ايران تمتلك اقتصاداً متنوعاً ومستقراً، وهذا ما يمثل فرصة للعراق لإيجاد نوع من التكامل الاقتصادي في ظل وفرة الموارد الطبيعية والبشرية"، مشدداً على ان "الزيارة تمثل فرصة للعراق وهو مؤهل لأن يكون عامل توازن في المنطقة التي تشهد توترات جمة تؤثر في الاستقرار
 والأمن".
 
الانفتاح على المجتمع الدولي
من جهته، أكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو، في تصريح صحفي، تأييد الاتحاد الوطني لتوازن العلاقات الدولية، مشيراً إلى ان العراق يحتاج الى ايران وكذلك ايران تحتاج الى 
العراق.
وأضاف خوشناو أن تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية أمر مهم جدا خصوصا في ظل الظرف الحالي وعلى الحكومة استثمار الزيارات خصوصا الإيرانية والفرنسية الأخيرتين ونؤيدها اذا كانت في مصلحة البلد، لافتاً إلى أننا مع الانفتاح الدولي لدعم البلد للمرحلة المقبلة.
في حين أشارت النائب عن ائتلاف دولة القانون عالية نصيف، في حديث لوكالة الانباء العراقية (واع)، إلى ان "زيارة الكاظمي تأتي من اجل جعل العراق محل رضا للقطبين الشرقي والغربي وضمن سياسة خلق التوازن وليس سياسة المحاور التي ثبت فشلها"، مبينة أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قادر على تحقيق
 التوازن".