كان الفيل ميرثي قد قتل 28 شخصا حينما أصدرت حكومة ولاية كيرالا أمرا يسمح بإطلاق النار عليه حين رؤيته. وخلال اسبوع، فر القاتل الذي كان يرعب ولايتي كيرالا وتاميل نادو الجنوبيتين بعيدا الى عمق الغابات.
وعندما لاحقته دائرة الغابات خلال ذلك الصيف من سنة 1998، فضلت الإبقاء على حياته، بل وإقناعه بالانضمام الى قوة الشرطة؛ وسرعان ما تحوّل ميرثي؛ الفيل الهندي البالغ طوله أكثر من مترين، من قاتل الى ما يطلق عليه محليا اسم “كمكي” (Kumki)، وهو فيل مدرّب يساعد على الإمساك بالفيلة البرية التي تعبث بمناطق سكن الناس
وملاحقتها.
وبين العامين 2015 و2018، أدى الصراع الدائر بين البشر والفيلة الى وفاة 1713 انسانا و373 فيلا في الهند، وفقا لبيانات رسمية. ومع بقاء الصعق الكهربائي والصيد غير المشروع يمثلان أسبابا رئيسة لوفيات الفيلة، أدى انتهاك مناطق رعيها الى ارتفاع هجماتها ضد البشر. والمعروف عن ذكور الفيلة البرية أنها تمر أحيانا بحالة من ازدياد هرمونات معيّنة تجعلها خطرة للغاية على كل من البشر والفيلة الأخرى، ومن بينها الفيل ميرثي، الذي أرعب المنطقة، رغم اطلاق المحليين النار عليه.
عملية واسعة
وعندما قررت دائرة الغابات الإمساك به حيّا، أخذت معها ستة فيلة مدرّبة، كما يوضح الدكتور آشوكان، المتطوّع الذي حضر عملية القبض على ميرثي. وارسل الفيل الجامح بعدها الى معسكر “مودوماليا” للفيلة في تاميل نادو، المخصص لاعادة تأهيل الفيلة القاتلة منذ عقود بعيدة؛ ليعمل الأطباء لأسابيع على كسب ثقة ميرثي، مع إعطائه مضادات حيوية وإزالة 15 رصاصة من جسده، وهو علاج كلّف سبعة آلاف دولار. وبعد شهرين من التغذية النافعة والعلاج المناسب والرعاية والتدريب، صار القاتل فيلا جديدا على نحو جذري.
يقول “كيروماران”؛ السائس الذي درّب ميرثي: “الفيلة حيوانات حساسة للغاية، وبالتالي، نحن نخصص لهن أقفاصا خاصة، وندخل اليها لكي نلمسها من مناطق محددة لمساعدتها على التغلّب على حساسيتها، ثم ندرّبها باستخدام أوامر خفيفة الصوت، ونكيّفها بسلوكيات معيّنة، مستعينين بمواد؛ مثل قصب السكر، والفيلة مثل الاطفال، ونحن نعاملها على ذلك الأساس.” وبعد شهرين من التدريب، كان ميرثي مستعدا للعالم الخارجي.
غير أن البعض يعتقد بكون عملية التدريب تمثل تعذيبا للفيلة البرية، كما يشير “بانيرسيلفان”، المدافع عن حقوق الحيوان: “نحن البشر من تجاوز على مناطق الفيلة وضايقناها من خلال استخدام مكبرات الصوت المزعجة لهن وإيجاد مزارع لنا وسط الغابة.” وشن هذا الناشط حملة بداية هذا العام لتحرير الفيل تشيناثامبي، الذي أسر بعد هجومه على محاصيل لبعض المزارعين، لكن المحكمة قضت في النهاية بعدم أهلية الحيوان الضخم للعودة الى البرية، وحكمت عليه بدخول معسكر تأهيل الفيلة.
معارضة بيئية
وأكّد بانيرسيلفان أنه إذا قامت دائرة الغابات بحماية البحيرات، إذ تستخدمها الفيلة للشرب والاستراحة من الطقس الحار، فلن تقوم الحيوانات بإزعاج القرى وسكانها. ويشير ناشط آخر، اسمه “سيوريا”، الى محاولة القرويين أيضا التودد للفيلة البرية من خلال إطعامهم الفواكه، ليتمكنوا من التقاط صور سيلفي معهم؛ لكن التفاعل مع الحيوانات البرية ليس فكرة جيّدة، بحسب الناشط، الذي أعجب بعلاقة المدرّبين بفيلهم: “رأيت فيلا يرفض تناول الطعام الى حين عودة مدرّبه الخاص من إحدى الجولات.”