أ.د.محمد بهجت ثامر
يعد الماء شريان الحياة والأساس في وجود الكائنات الحية على سطح الأرض وفي أماكن وجوده، نشأت أقدم الحضارات الإنسانية كحضارة وادي الرافدين ووادي النيل، ولأن الماء عصب الحياة البشرية، فإنه محل اهتمام الحضارات منذ القدم، ففي بابل سن حمورابي تشريعات تحدد سبل استعمال المياه بهدف ترشيد استهلاكها والمحافظة عليها من التلوث، اذ تعد المياه من أفضل الهبات التي أنعم الله عز وجل بها الطبيعة وهي من العناصر الأساسية، لتكوين الكائنات الحية وعنصر جوهري لكل نشاط اقتصادي فهي تشكل المورد الرئيس لكل تنمية لذك فان استثمارها بشكل منظم وعقلاني والمحافظة عليها من التلوث مظهر من مظاهر التقدم والرقي الحضاري لكل بلد. ويعد الإنسان المصدر الأول لتلوث المياه نتيجة الأعمال الزراعية والصناعية المختلفة التي يقوم بها، كما يُعتبر من أكثر الكائنات الحية تأثرًا بهذا التلوث، اذ أثبتت إحصائياتُ منظمة الصحة العالمية (who) أن أكثر من ملياري شخص في العالم لا تصل إليهم مياهٌ نقيةٌ، وأن أكثر من 700 مليون إنسان حول العالم لا تصلهم مياهٌ صالحةٌ للشرب، وذكرت التقارير أيضًا أن 120000 حالة وفاة سنويًّا تحصل حول العالم نتيجة الإصابة بأمراضٍ خطيرةٍ ناتجة عن فيروساتٍ تنتقل عبر مياه الشرب الملوثة غير الصحية. لذا يحظى تلوث المياه بأهمية بالغة لدى المختصين في مجال حماية البيئة، إذ إن للمياه مهامَ عديدة في حياتنا اليومية، منهــا استخدامه للشــرب والــري والصناعة والبناء والانشاءات، أضف إلى ذلك أن المياه الجوفية تعتبر مصدرا رئيسا في كثير من المناطق الصحراوية، خصوصا المناطق التي تعاني من شح في الموراد المائية السطحية.
يؤدي تلوث المياه إلى حدوث خلل في نظامها ومن ثم يقلل من قدرتها على أداء دورها الطبيعي، إذ تصبح ضارة مؤذية عند استعمالها أو تفقد كثيراً من قيمتها الاقتصادية، ويتلوث الماء عن طريق المخلفات الإنسانية أو النباتية أو الحيوانية أو الصناعية أو الكيمياوية التي تلقى أو تصب في الماء، سواء كان في البحر أو الأنهار أو المياه الجوفية، وتتلوث المياه الجوفية نتيجة لتسرب مياه المجاري ومياه التصريف، التي تجتمع فيها المكروبات المختلفة، إضافة إلى المركبات الكيمياوية، فيجعل الماء غير مستساغ للاستعمال سواء للانسان، أو للحيوان أو لنمو النبات مثل اكتسابه الرائحة الكريهة أو اللون أو المذاق السيئ.
يعرف تلوث المياه بأنه أي تغير يطرأ على الصفات الطبيعية للماء يجعله مصدراً حقيقياً للمشاكل أو يجعله غير صالح للاستخدامات المختلفة. وهذا ما أكدته منظمة الصحة العالمية (who)، لما عرفت تلوث المياه بأنه أي تغير في تركيب عناصر المياه أو تحويل حالتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة بسبب نشاط الانسان. بحيث تصبح حالة المياه أقل صلاحية للاستعمالات الطبيعية المخصصة لها.
اذ تعد المياه النظيفة من أهم الموارد الطبيعية التي يحتاجها الإنسان للبقاء والاستمرار في الحياة. إلا أن في السنوات الأخيرة، شهد العراق زيادة ملحوظة في نسب تلوث المياه، ما يؤثر في الصحة والحياة اليومية للملايين من السكان. ويؤدي تلوث الماء إلى مشاكل صحية لدى الإنسان بشكلٍ كبير، وذلك لأن الماء يُعد ناقلًا للكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض إلى الإنسان، فتنتقل من إنسانٍ إلى آخر، اذ يعتمد 10% من سكان العالم على الغذاء والخضراوات المروي بماءٍ ملوث. هنالك أمثلة عديدة على المشاكل الصحية التي يسببها تلووث الماء ومن هذه الأمثلة أمراض الجهاز التنفسي، والإسهال، والاضطرابات العصبية، وأمراض القلب والأوعية الدموية. اذ يزيد معدل الموت بالسرطان في الريف عنه في المناطق الحضرية لأن سكان الريف يستخدمون المياه غير المعالجة للشرب، كما يشكل تلوث الماء بالمواد الكيميائية خطرًا على النساء الحوامل، لأنه يؤدي إلى انخفاض وزن الجنين مما يؤثر في صحته عند الولادة.
أما تلوث الماء بالمعادن فيؤدي إلى تساقط الشعر وتليف الكبد والفشل الكلوي، كما يؤدي تلوث الماء الإصابة بالامراض البكتيرية مثل الإسهال، والكوليرا، السالمونيا (التيفوئيد) والأمراض الفيروسية مثل التهاب الكبد الفيروسي، التهاب الدماغ، شلل الأطفال والتهاب المعدة
والأمعاء.