ممرّ فيلادلفيا ومصدر سلاح حماس

آراء 2024/09/11
...

 سناء الوادي 


بعد نشر جيشه على طول المعبر الفاصل بين الحدود المصرية والفلسطينية المحتلة الممتد قرابة أربعة عشر كيلومتراً وإعلانه الاستيلاء عليه، وباعتباره يدخل ضمن المنطقة (ج) وفقاً لاتفاقية كامب ديفيد بين الجانبين، فإن هذا يعدُّ خرقاً واضحاً لا لبسَ فيه، خرج رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو إلى الإعلام قبل يومين، رافضاً التخلي عن المعبر وسحبَ الجنود والمعدات، مبرراً ذلك بضرورة ضبط تهريب السلاح إلى داخل قطاع غزَّة عبر الأنفاق الواصلة مع سيناء المصرية، وكان الردُّ المصري بزيارة رئيس الأركان (أحمد خليفة) للحدود وتفقُّد جاهزية القوات هناك ونشر المزيد من المعدات الثقيلة والجنود على طول المعبر، وهذا التصعيد العسكري جاء عقب سيل الاتهامات بين سياسيِّ الدولة المصرية وحكومة الاحتلال واتهام نتنياهو بأنه يتمسك بالمعبر لتغطية فشله في تحقيق أي انتصار يُذكر على المقاومة الفلسطينية حماس في غزَّة ولإطالة عمر بقاءه على كرسي رئاسة الحكومة.

هذا وبعد مرور أحد عشر شهراً على قيامة طوفان الأقصى، مازالت المقاومة تفاجئ الاحتلال بأسلحة فتاكة ومتطورة ما يزيد من تخبُّط وجنون نتنياهو، ولربما تناولت الكثير من التحليلات مصادر السلاح وكيفية وصوله لأيدي المقاومة، وعليه فقد بدأت أولى عمليات إدخال السلاح إلى الأراضي المحتلة، بعدة سبل من الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، سواء من سوريا أو العراق وإيران و لبنان ناهيك عن تجار السلاح البدو الذين ينفذون صفقات الأسلحة ويهربونها من الأردن في العام 2000 وازدادت وتيرته منذ انقلاب حركة حماس على السلطة الفلسطينية وحكمها لقطاع غزة وسيطرتها على مخزونات السلاح هناك في عام 2007م.

وفي السياق ذاته تناولت العديد من المقالات في الصحف الأمريكية لكبار السياسيين والمحليين العسكريين هذا الموضوع منذ السابع من أكتوبر وحملت في طيات حروفها اندهاشاً من مدى تطور التكنولوجيا، التي تمتلكها حماس لتصنع قاذفات وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى بدقة عالية وإصابات بالغة، وعليه فإن صحيفة نيويورك تايمز ونقلاً عن مصادر عسكرية واستخبارية أكدت أنَّ ـ مصدر سلاح المقاومة بنسبة لا يستهان بها هو من القواعد العسكرية الإسرائيلية ـ كإشارة للفساد المستشري داخل الجيش الإسرائيلي.

وانطلاقاً من فكرة فساد الجيش نفسه فخير الكلام ما يشهد بهِ أهله، ففي مقالة نُشرت حديثاً في صحيفة معاريف الإسرائيلية كتبها «غابي أشكينازي» رئيس هيئة الأركان العسكرية الإسرائيلية انتقد فيها تمسك نتنياهو الغبي بمعبر فيلادلفيا، لمنع تهريب السلاح لغزة، بينما في حقيقة الأمر أنَّ إسرائيل نفسها هي المصدر الأكبر لسلاح حماس وفنَّد ذلك بالتفصيل، فبادئ ذي بدء سيارات الدفع الرباعي التي نفذت هجوم طوفان الأقصى، والتي دخلت المستوطنات محمَّلة بعناصر حماس وخرجت بالأسرى الإسرائيليين وكانت من نوع « تويوتا « لم تأتِ عبر التهريب، بل جاءت بحراً مشحونة من اليابان ووصلت إلى ميناء أسدود، التي تسيطر عليه إسرائيل وبطرق نظامية، ومن ثَمَّ إلى معبر كرم أبو سالم والتي تسيطر عليه أيضاً سلطة الاحتلال ليصل إلى حماس بكل سلاسة، فضلاً عن جنود الاحتياط الذين يدعون فقدان أسلحتهم والتي في الواقع هم يبيعونها لعناصر حماس، ناهيك عن القنابل المتفجرة التي تُلقى على قطاع غزة ذات المصدر الأمريكي من زنة 2000 رطل، ومن المعروف أن غالبيتها لا ينفجر فتكون بذلك صيداً ثميناً لعناصر حماس الذين يقومون بتفكيكها وتصنيعها بعد ذلك، إلَّا أنَّ عُقدة النَّجار كانت وحسب كاتب المقال هي ورشات التصنيع تلك فقد أثبت أنَّها ليست سوى مكنات ومعدات بِيعت من مصانع إسرائيلية للسلاح أفلست أو أرادت تحديث مكناتها.

في حقيقة الأمر فإنَّ الكلام الذي تفوَّه به رئيس هيئة الأركان سمعتُه قبل ذلك بمقابلةٍ أُجريت مع أحمد ياسين رحمه الله قائلاً ـ إنَّنا نقتلهم بأسلحتهم ونشتري سلاحنا منهم ـ 

وعليه فعندما تخرج وتتعالى الأصوات الرافضة من كبار سياسي إسرائيل لكل ما يقوم به نتنياهو من محاولة إشعال حرب إقليمية مع لبنان ومصر بذرائع واهية فإن ذلك إنذاراً بقرب انتهاء نتنياهو  سياسياً أو انتهاء إسرائيل نفسها إذا ما بقي المتعنت المجرم في سدة الحكم وهذا ما أشار إليه « إسحاق بريك « السياسي الذي حذَّر إسرائيل من طوفان الأقصى قبله بعام كامل حيث قال إنَّ تواجد إسرائيل في معبر فيلادلفيا هو ما سينهي الجيش الإسرائيلي. 


 كاتبة وإعلامية سورية