نوزاد حسن
لا أظن أن أحدا منا كان يفكر بأننا سنواجه، بعد سقوط النظام السابق مشكلة خطيرة كمشكلة الفساد. اكتشفنا بعد سنوات أن الفساد يدمر كلَّ شيء.
وطال الحديث عن هذه الآفة الداخلية، التي دمرت الوضع الاقتصادي للبلد، وعطلت مشاريعه. ولا أبالغ لو قلت إننا نواجه دكتاتورا جديدا تتطلب مواجهته تكاتف الجميع، ولا يمكن إسقاطه بين ليلة وضحاها، ذلك لأن الفساد وهو دكتاتور ليس من لحم ودم يتطلب أن يقف الجميع في وجهه، لنتمكن من القضاء عليه. ولعل تصفية هذا الدكتاتور والتخلص منه، ستكون بمثابة عيد وطني كبير يحتفل به العراقيون
جميعا.
نفسيا ليس الانسان الفاسد شخصا عاديا، أنه حالة مرضية تجد الذرائع لتبرير السرقة. وهذه مشكلة خطيرة لا بد من الانتباه لها.
وفي مجتمع تخلص من نظام سياسي معمر، قياسا بأنظمة الحكم في العالم المتمدن فان مهمة بناء المجتمع والوعي والضمير ستكون مهمة في غاية الصعوبة لكنها ليست بالمستحيلة. وأن لدى النخب وشرفاء هذا الوطن ارادة للوقوف بوجه دكتاتورنا الجديد. ولا أشك في نجاح عمل الجميع، ممن يحلمون بيوم وطني يسقط فيه الفساد، وسياتي هذا اليوم بكل تأكيد.
فرحت كطفل صغير حين أطلعت على تفاصيل قبول الاكاديمية العراقية لمكافحة الفساد لثمانية عشر طالبا، يمنحون بعد عام من الدراسة درجة الدبلوم، وتتم حاليا مناقشة منح الطلبة درجة الماجستير والدكتوراه. الهدف من هذه الدراسة إعداد كوادر متخصصة ومدركة لمشكلة الفساد، تعود للعمل في دوائرهما.
وستشارك وزارات عدة في إعداد هؤلاء الطلبة، مثل هيئة النزاهة، ووزارة التخطيط وديوان الرقابة المالية، وغيرها من المؤسسات
المعنية. هل نحن ازاء صناعة وعي لمحاربة الفساد.؟هذا الامر يتعلق كما أرى بالإرادة السياسية، وتضافر جميع القوى للقيام بهذا الدور.
وبسبب ما فعله الفساد بحياتنا بشكل عام، فإن هيئة النزاهة أطلقت وصف المعركة على مواجهة الفاسدين. وهي حقا معركة بكل ما للكلمة من معنى. وكما نعرف فإن لكل معركة ظروفها وأسلوبها الذي تدار به. ومعركة الفساد هي قبل كل شيء هم وطني عام، يشغل شرفاء هذا الوطن بلا
استثناء. هو إذن تحد جديد نواجهه، وينتظر الجميع اللحظة الحاسمة، التي نصرخ بها جميعا وبصوت عال يسقط
الفساد.