سعد العبيدي
يمتاز الفعل العسكري في جميع الجيوش والمؤسسات العسكرية بالسرية العالية والانضباط الرصين، ويتصف المنتسبون على مستوى القادة والأعوان بالرزانة والالتزام الصارم بالتعليمات، والتنفيذ الدقيق للأوامر. ومع ذلك، يُلاحظ بين الحين والآخر في بيئتنا العسكرية العراقية ذات الأصالة العريقة وجود من يتجاوز على الضوابط العسكرية والتعليمات الأمنية، ويظهر في وسائل الإعلام أو ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي أموراً ذات صلة بمهنيته وواجباته العسكرية.
حدث هذا مؤخراً عندما ظهر أحد الضباط القادة (عميد ركن) في نهاية آب الماضي بتصريح حول الطائرة المسيرة التي سقطت في كركوك، مدعياً إسقاطها بأسلحة عراقية ومحدداً جهة انتمائها بأنها تركية، وذلك على النقيض من تصريح الناطق الرسمي لقيادة العمليات المشتركة (الشخص المخول)، الذي أكد عدم تحديد هويتها في البداية وإرسال فنيين لتحديدها والجهة التي تنتمي إليها (أصولياً). لذا يعتبر تصريح السيد العميد مخالفاً لتعليمات القيادة العسكرية العليا التي سبق وأن منعت المنتسبين بتعميم لا يقبل الشك من الظهور العشوائي في وسائل الإعلام والتصريح
لها.
ما يثير القلق في مثل هذه التصريحات، بالإضافة إلى مخالفتها للأوامر العسكرية، هو كونها في الغالب متسرعة وغير دقيقة، مما يحرج القيادة العسكرية والدولة ويعطي انطباعاً سلبياً عن المؤسسة العسكرية الوطنية، التي ينتمي إليها مثل هؤلاء الضباط.
وما يثير المزيد من الانتقاد هو طبيعة الشخصية الاستعراضية لصاحب التصريح؛ إذ لو تمت العودة إلى تصريحه والتدقيق في حركات جسمه ومخارج ألفاظه، لتبين أنه كان منفعلاً، يسعى إلى تأكيد الذات على حساب المؤسسة. كما يتبين أيضاً أن سلوكه العام لا يتماشى مع معايير الشخصية العسكرية السليمة.
لهذا، تبدو الحاجة قائمة لإعادة تأكيد التعليمات السابقة بعدم التصريح إلا للمخولين، وقائمة أيضاً لمعاقبة الضابط الذي يتجاوز عليها، حتى لو حاول تغليف تجاوزه بتحية القادة الأعلى بغية الاحتماء بهم والتسويق لنفسه، بما يخل بالمهنية
العسكرية.