علينا أن نصنع نظاماً انتخابياً يناسب ظروفنا

الثانية والثالثة 2019/07/23
...

بغداد / الصباح 
اكد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي خلال مقابلة بثتها “قناة العراقية الفضائية” ان الحكومة تعمل وفق القواعد الصحيحة وعلى القوى السياسية ان تراعي ذلك، مشيرا في الوقت نفسه الى ان العراق يعيش اليوم مرحلة جديدة. واجرى عبد المهدي مساء امس الاثنين زيارة الى طهران، التقى فيها الرئيس الايراني حسن روحاني، بينما بحث خلال اتصال هاتفي مع وزيرة الدفاع البريطانية العلاقات الثنائية، وسبل تدعيمها بما يلبي طموح الشعبين.
وفيما يلي نص الحوار
 

*ماهي الخطوات العملية للحكومة في معالجة البطالة؟ وهل هناك مدد؟.
 البطالة في العراق تراكمت خلال فترات طويلة، حتى اصبح من الصعب احصاؤها، وحين تسأل الاقتصاديين والمختصين، حتى وزارة التخطيط عن اعداد العاطلين سوف تجد اجابات مختلفة، ليس فقط لوجود بطالة مقنعة كما يقال في الدولة، لكن لوجود عمل مبطن داخل وخارج الدولة، فالدول تقيس معدلات البطالة من خلال الباحثين عن العمل، ومن خلال التسجيل في دوائر العمل، اذ توجد ربات بيوت وافراد لديهم موارد وهؤلاء لا يبحثون عن العمل ولديهم اتجاهات اخرى في الحياة، لا سيما ان المسجلين في دوائر العمل بالعراق اعدادهم قليلة بالمقابل فان هناك عاطلين غير مسجلين في دوائر
 العمل.
وفي ما يخص العمل، عندما كنت وزيرا للمالية عام 2004 كان عدد العاملين في الدولة بحدود 850 الف موظف واليوم يقترب العدد بين 3  الى 4 ملايين، وهذا رقم كبير وضخم جدا، لذلك منذ سنوات بدأت الموازنات العامة تقنن ذلك من خلال وضع عراقيل امام المزيد من التوظيف في الدولة، اذ لم يعد بالامكان استيعاب اعداد اكثر لا موضوعيا ولا ماليا، في وقت ان موارد النفط محددة، بالمقابل نسمات العراق تزداد بمعدل مليون سنويا اي يضخ في سوق العمل من 300 الى 400 الف يد عاملة وبالتالي لا تستطيع الدولة استيعاب ذلك، كما ان معدل العمل اليومي في الدولة لا يتعدى الـ17 دقيقة بسبب حجم الملاكات الموجودة، اذ ان علاقة العمل بالانتاجية ضعيفة جدا، حيث لم يعد حل تلك المشكلة الا بتحريك القطاع الاهلي والاستثمارات، في وقت ان نظامنا الاقتصادي مليء بالكوابح التي تعطل انطلاق الاقتصاد الى امام، ونحتاج الى توحيد الرؤية لجميع المؤسسات التي تجمع على ان العراق لا يستطيع حل مسألة البطالة من دون الانطلاق نحو الاقتصاد 
الاهلي.
كما اولينا اهتماما كبيرا بالزراعة، وهذا لا يعني اننا نهمل بقية القطاعات، فالزراعة تحرك الصناعة الخفيفة والمتوسطة وبعض الصناعات الثقيلة وخطوط الانتاج، اذ انها تعد رأس القاطرة التي تحرك الجميع، فمقومات النهضة في الزراعة سريعة ونتائجها مباشرة، وحققنا رقما قياسيا في تسويق محاصيل الحبوب، وما فعلناه هو شراء المحاصيل مباشرة من الفلاح ودعمناه وسددنا له مبالغ المحاصيل وشجعناه على الزراعة. 
وعندما شاهد الفلاح بسداد الحكومة المباشر لمستحقاته طالب بزراعة مساحات اكبر لمحصول الشلب، اذ كانت الزراعة العام الماضي للشلب لا تتعدي الـ 50 الف دونم  واليوم ارتفعت الى 660 الف
 دونم.
*هل لديكم قلق من وجود قوى سياسية داخلية بدعم خارجي تسعى لاسقاط حكومتكم؟
ـ  لا خشية لدينا من محاولات اسقاط الحكومة لاننا لم نتوجه الى الآخرين بل القوى السياسية هي التي توجهت الينا، كما اعتقد ان الحكومة اليوم اكثر صلابة وانسجاما ولدينا ما ندافع عنه، اذ ان المنهاج الوزاري اصبح برنامجا حكوميا، وصدر للستة اشهر الاولى من عمر الحكومة تقرير جيد يضع الحكومة امام مسؤولياتها ويجعلها قادرة على ايجاد الخلل في دوائرها فعندما تبالغ وزارة معينة في تقرير الـ 6 اشهر الاولى، ستتم ملاحقتها في 6 اشهر الثانية، لان التقرير يقوم على اساس الرقم والوزن وليس على الانطباعات.
الحكومة تعمل وفق القواعد الصحيحة للعمل، وعلى القوى السياسية ان تراعي هذه القواعد، لكن إن اراد مجلس النواب اقالة رئيس الوزراء فسيحترم رئيس الوزراء هذا القرار ويسلمه الامانة، ولا يوجد تمسك بالسلطة ولا نعتقد ان القوى السياسية لا تمتلك النضج والغيرة على مصلحة الوطن بحيث تذهب الى مثل هذه المغامرات.
 
* هل تؤمن ان مرحلة جديدة بدأت في العام 2018؟ 
ـ نحن في مرحلة جديدة والمرحلة السابقة قد انتهت، ويجب ان نبني لمعادلة جديدة، ولست مع إضعاف الاحزاب فالاحزاب مهمة جدا في اي نظام ديمقراطي، كما ان محاصصة الاحزاب في مجلس النواب هي حق لكنها في الدولة خطأ فيجب ان يتساوى في الدولة المنتمي واللا منتمي ويجب ان نحمي الاحزاب ونرشدها ايضا وتكون هناك شفافية بين الاحزاب والجمهور.
 
*هل تشكلت لدينا معارضة؟
ـ لم تتشكل لدينا بعد معارضة راشدة ولا اغلبية راشدة، ولا نزال نعيش ارهاصات الماضي، ومتفائل من ان وجود ازمات في البلد هي مقدمات للحلول فعندما نصل الى مستوى ان الاحزاب السياسية لا تستطيع ان تعرف الكتلة الاكبر لتسلم الحكومة او تريد ان تخرج من دائرة المحاصصة وان الكل يريد ان يشترك في الحكومة، فهذه فرصة ذهبية لتأسيس نظام اغلبية سياسية، وهذا يعتمد على قانون الاحزاب واهمية ان تكون الاحزاب 
راشدة.
ان قانون الاحزاب حتى هذه اللحظة يحتكر صوت الناخب، وعلينا ان نصنع نظاما انتخابيا يناسب ظروفنا لإقامة تجربة سياسية تفوز بها الكتلة او الحزب الاكبر كي يصبح تشكيل الحكومة امرا
 سهلا.
*ما هي الخطوات التي وضعت لحل ملف اختيار مناصب الدرجات الخاصة؟
نحن نحسن الظن بالاخرين وصبورون، فالقرار الصحيح المتريث اهم من القرار الخطأ السريع، ولدينا حاليا اكثر من الف منصب بالوكالة، يشمل مدراء عامين ورؤساء وعمداء في الجامعات وكذلك القادة العسكريون، فنجد اكثر من 500 درجة بالوكالة هم من المدراء العامين في الوزارات، بالاضافة الى  الوكالات في الهيئات المستقلة.
وبدأنا في مجلس الوزراء ببحث ماهو ضمن صلاحياتنا والذين هم فقط المدراء العامون، وتم حسم الموضوع من خلال التصويت على جميع المدراء العامين في الوزارات وبانتظار بعض المواقع في اقليم كردستان وبعض المحافظات، كي نصل الى الحجم الكلي لهذا الملف الذي تعقد بمرور الوقت، ومن مهامنا الصعبة موضوع السعي لحل الوكالات، وعليه تم تشكيل لجنة داخل مجلس الوزراء من عناصر غير حزبية ومهنية يترأسها رئيس ديوان الرقابة المالية، وبدأنا بدراسة القوائم المختلفة، وبعدها تم الوصول الى قائمة نهائية عرضت على مجلس الوزراء وتم التصويت عليها واعطيت فرصة لمدة تتراوح بين 3 اسابيع الى 3 اشهر للاعتراضات.
 
*هل توفرت لديكم اي معطيات بشأن الهجمات على مقرات الحشد الشعبي في آمرلي تحديدا، وبعض التقارير تقول ان الاعتداء هو اسرائيلي؟ 
ـ  المعلومات الإعلامية عن قصف مقرات الحشد الشعبي في آمرلي غير دقيقة، ولا يوجد عدد كبير من الضحايا وقد ضخم الامر، وهناك الكثير من الروايات تحاول ايجاد حدث 
وتصعيد.
 
*ماهي الاليات الفاعلة في التعامل مع المخاوف الاميركية من الحشد مقابل المعالجة الايجابية للحشد؟ 
الحشد حقيقة واقعة هو جزء من القوات الامنية، ولايمكن التفكير باضعافه او اهمال دوره، ومن يفكر بهذا الشيء فهو لا يحرص على امن العراق، ويجب ان يكون الحشد بحالة منظمة كما في السياقات العسكرية فهناك شروط معينة لهذا العمل فلا يمكن ان يكون هناك سلوك خارج نطاق الدولة، فجميع التحركات العسكرية هي بيد الدولة والقائد العام للقوات المسلحة والقيادات العسكرية العليا، فعندما صدر الامر الديواني ذهبنا الى التنفيذ من خلال اعادة الهيكلة وغلق المقرات واخراج قوات الحشد الى خارج المدن وبذلك انهاء جميع النشاطات التي كانت تقوم بها الفصائل من سيطرات ومكاتب.
  
*كيف تقيمون علاقاتكم بالولايات المتحدة الاميركية واوروبا؟
ـ علاقة العراق مع الولايات المتحدة الاميركية جيدة وهي علاقة مستقلة، والطرف الاجنبي يؤكد ان علاقاته مع العراق علاقات منفتحة وجيدة، واليوم علاقتنا ممتازة مع اوروبا ايضا، وهذا تقدم. 
السفير الاميركي في بغداد اخبرنا سلفا بزيارة الرئيس ترامب الى العراق في وقتها، وعندما طلب الرئيس الاميركي من رئيس الوزراء لقاءه في قاعدة عين الاسد رفض رئيس الوزراء ولم يحصل لقاء وحصل بعده اتصال هاتفي وصدر عن ذلك بيان من البيت الابيض.
علمنا رسميا من الخارجية الاميركية بان ستكون لنا زيارة الى الولايات المتحدة الاميركية، وكنا على استعداد ولكن من يحدد موعد الزيارة هو من يرتب مواعيد الرئيس الاميركي، ولم يكن قد اعطى رأياً ، وقلنا لهم إنْ تأخر الموعد على التاريخ المحدد فسيتعذرعلينا الذهاب لان لدينا جداول اعمال وفعلا تأخر الموعد، فعادوا وقالوا سيكون الموعد في شهر آب فقلنا لا نستطيع، وقالوا بعدها في 31 تموز ولم نستطع ايضا، والمهم في الامر هو ان تكون الزيارة الى الولايات المتحدة الاميركية ناجحة.
 
*بخصوص الصراع الاميركي ـ الايراني ، كيف يمكن للعراق ان يكون محايدا؟ 
ـ  العراق بلد في موقع حسّاس وخطير وله مصالح مع الجيران والاصدقاء وهذه المصالح يجب ان تُخدم، والحياد ليس معناه ان تبتعد ولا تهتم لما يحدث، وبالتالي العراق يدافع عن تاريخه ومستقبله وعن واقعه،  منعنا اي اعتداء من اراضينا على اي دولة جارة.
 
*هل تميزون الكرد عن باقي فئات المجتمع العراقي؟
لا اميّز الاكراد على احد، وكل العراقيين متساوون لدينا، ولكن لكل ملف اهميته، ويجب ان نهتم به حسب قضيته ونقف عنده لحل القضايا وليس لتصعيدها. 
نحن نلتزم بالقانون، وقانون الموازنة العراقية يقول يجب ان تسلم كردستان 250 الف برميل نفط الى الدولة العراقية واذا لم تسلمها فسيتم اقتطاع مبلغها من الموازنة وهذا ما نقوم به بالضبط، والرواتب كلها جاءت من فترة الحكومة السابقة وهي تدفع في اطار الموازنة وبشكل مشروع، وهذا يفرح سكان كردستان ويربط ابناء الوطن الواحد بوطنهم الواحد. 
 
*ماذا عن القائد العسكري الذي اتهم بتسريب احداثيات الحشد الشعبي الى القوات الاميركية؟
. جرى التحقيق بشأن مسألة الفيديو الذي نشر بخصوص تخابر قائد عمليات الانبار مع جهات اجنبية والتحقيق لم يثبت هذه المسألة، وتم نقل القائد العسكري من قبل وزير الدفاع الى مكان آخر وانتهى التحقيق وحسمت النتيجة.
 
زيارة طهران 
وفي سياق اخر، التقى رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي في العاصمة طهران امس الاثنين، الرئيس الايراني الدكتور حسن روحاني، بحسب بيان صادر عن مكتبه. 
وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات بين البلدين والشعبين الجارين وتطورات الاوضاع في المنطقة وسبل نزع فتيل الأزمة الراهنة.
وكان رئيس مجلس الوزراء قد وصل إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية على رأس وفد يضم نائبي رئيس الوزراء، وزيري المالية والنفط ووزيري الدفاع والنقل ومستشار الأمن الوطني وعددا من المسؤولين والمستشارين .
بينما افاد مكتبه الاعلامي في بيان اخر بان “عادل عبد المهدي تلقى اتصالاً هاتفياً من وزيرة الدفاع البريطانية بيني موردونت، وجرى بحث العلاقات الثنائية، وسبل تدعيمها بما يلبي طموح الشعبين الصديقين». 
واضاف البيان “كذلك تم التباحث بشأن الامن الاقليمي وسبل التهدئة والعمل على تلافي عوامل التصعيد”.  واكد الجانبان “ضرورة تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط، واهمية حرية الملاحة لجميع الدول واحترام القانون الدولي، واتفقا على التعاون لتحقيق ذلك”.