السنة الأولى لرئيس الوزراء عمران خان

بانوراما 2019/07/30
...


ترجمة: خالد قاسم  بن فارمر
 
ينظر محمد سهيل الى محل الخياطة الفارغ الذي يمتلكه ويتحسر على غياب النشاط فيه قائلاً {أعجبني شعار التغيير لعمران خان، لكن الآمال التي عقدتها عليه تلاشت تقريباً». فقد تراجع النشاط الاقتصادي كثيراً منذ تصويت هذا الخياط للاعب الكريكيت السابق قبل سنة، وهناك بائعان آخران في ذلك المحل الواقع وسط مدينة راوالبندي تم تسريحهما من العمل بسبب خفض التكاليف.

يقول البائع شودري شاباز: "يجب منحه بعض الوقت، فلم يمض عليه سوى سنة واحدة. سأصوت له مجدداً وأعتقد أنه سيفي بوعوده." مرّت مؤخراً الذكرى السنوية الأولى لتحول خان المثير للاعجاب من أسطورة رياضية الى رئيس وزراء لدولة نووية عدد سكانها 210 ملايين نسمة.
تعيش باكستان تراجعاً اقتصادياً سرعان ما خطف بريق فوزه الانتخابي ودفع الكثيرين للتساؤل عن كفاءة 
حكومته. وفي الوقت نفسه تدعي المعارضة أن حملته لمكافحة الفساد هي مجرد ثأر سياسي منحرف، اذ يسجن منافس بعد الآخر من قبل المحققين ويتعرض المنشقون للقمع من قبل وسائل الاعلام.
كسب خان انتخابات العام الماضي عبر تعهده بباكستان جديدة ونهاية الفساد والمحسوبية والفقر الذي خرب حياة الكثيرين هناك. وكان استئصال الفساد على وجه الخصوص نداءه ونداء حزبه حركة الانصاف الباكستانية.
ألقت حملته الانتخابية الشعبوية باللوم في مصائب البلاد على نخبة سياسية سارقة حولت المليارات نحو حسابات مصرفية خارجية على حساب الصحة والتعليم والتنمية. وأطيح برئيس الوزراء السابق نواز شريف قبل أشهر من الانتخابات الماضية بسبب تحقيق لمكافحة الفساد بعد تسريب وثائق بنما الدولية لوثائق ربطت عائلته بحسابات خارجية.
 
حليف الجيش
يقول دبلوماسيون وشخصيات معارضة ان حظوظ خان تغيرت أيضاً بعد سنوات من القفر السياسي بسبب دعم جنرالات البلاد الأقوياء. ومع ان الضباط ينفون تدخلهم بالديمقراطية، لكنهم كانوا ولسنوات طويلة إما يحكمون البلاد مباشرة أو يحركون المشهد من وراء الكواليس. 
تسببت وعود خان، عن بلاد أنظف وأكثر مساواة الى جانب دولة الرفاهية الاجتماعية، بفوز حزبه بمعظم مقاعد البرلمان وتكوين تحالف لكسب أغلبية بسيطة. ويظهر استطلاع رأي حديث أجراه معهد غالوب أن شعبية خان تراجعت بمقدار 13 بالمئة خلال شهرين فقط.
صوتت مدينة راوالبندي لصالح خان، لكن بعد مرور سنة على الاقتراع يعكس سكانها الانقسام الحاد للبلاد. ويقول نسيم أحمد الذي جمع أصوات لصالح رئيس الوزراء: "كان لدي ألف أمل وتوقع لعمران خان، وتبدأ حياتنا بالتغير عندما تأتي هذه الحكومة ونكون سعداء 
وآمنين. 
لكننا ندرك الآن الخطأ الذي ارتكبناه، وكان يتوجب عليّ التصويت لحزب الرابطة الاسلامية."
تنخر زيادة الأسعار الحياة اليومية وهي مصدر الألم الرئيس لنسيم ضد خياره الانتخابي، لكن كثيرين بالمحال المجاورة يدافعون عن خان ويطالبون 
بالصبر. 
وقد ورث عمران خان أزمة اقتصادية وشيكة من حزب الرابطة الاسلامية، لكنها زادت سوءاً تحت اشرافه. وتصارع حكومته أزمة ميزان المدفوعات وزيادة التضخم وهبوط قيمة الروبية وتراجع الصادرات. 
توجه اتهامات لرئيس الوزراء بالفشل في السيطرة على الوضع وتغيير كبار مستشاريه الاقتصاديين باستمرار. 
وقدّم صندوق النقد الدولي خطة انقاذ قيمتها ستة مليارات دولار رافقها خفض الاعانات وزيادة الضرائب.
 
ضعف اداري
تقول فارزانه شيخ، خبيرة شؤون باكستان بمركز تشاثام هاوس للدراسات: "يظهر سوء الادارة عجزه عن التحول من ناشط شعبوي في الشارع الى رجل دولة. ومن الواضح ان فن الحكم يغيب
عنه." 
تضيف فارزانه قائلة: "كان الادعاء بشأن بعض الحكومات المدنية المنتخبة سابقاً ان أداءها لم يكن جيداً لأن الجيش كان مصمماً على اسقاطها ووضع العراقيل بطريقها. 
لكن بهذه الحالة لا يمكنك قول ذلك، فالسر المكشوف هو صعود عمران خان للسلطة بمساعدة الجيش، لذلك ليس لديه عذر بوقوف المؤسسة العسكرية ضده."
اشتعلت البيئة السياسية المنقسمة والسامة بعد نشر حزب الرابطة الاسلامية مقطع فيديو يظهر قاضياً كبيراً يعترف بتعرضه للابتزاز مقابل حبس نواز شريف خلال كانون الأول الماضي. ويقول القاضي أن الفيديو أخذ خارج سياقه ويحاول حزب الرابطة رشوته. 
وقطع بث عدة قنوات كانت تنقل المؤتمر الصحفي لحزب الرابطة أثناء تقديمه تلك الاتهامات، وذكر رئيس الوزراء انه سيمنع كل تغطية اعلامية مع سياسيين "أدينوا ويخضعون للمحاكمة." 
مع هذا الحقد السياسي، لا يوجد أمل لرئيس الوزراء ببناء اجماع وتمرير اصلاحاته داخل البرلمان، وذلك مقياس للصعوبات التي واجهت زعماء باكستان خلال 70 سنة، اذ لم يكمل أي منهم ولايته الانتخابية رئيساً
للوزراء.