سالم مشكور
الاتفاق الذي تم بين وزارة الخارجية العراقية وحكومة اقليم كردستان بشأن تمثيل الاقليم ضمن الوفود العراقية المشاركة في المؤتمرات الدولية، يمثل خطوة باتجاه النهج الصحيح الذي يعزز سيادة العراق وصورته أمام المحافل الدولية. وهو بالتأكيد أفضل من مشاركة وفد مستقل بإسم الاقليم مع عِلمِ الجميع، أن الاقليم ليس بلداً مستقلاً انما جزء من العراق. علاقات ومصالح اقتصادية وغيرها كانت وراء قبول المنظمين بالمشاركة المستقلة. سيعترض الكثيرون بأن الاتفاق الاخير سيعطي الاقليم وضعا خاصاً يميزه عن باقي أجزاء العراق، لكن ما تم هو تحقيق الممكن لمنع ما هو أسوأ. هكذا هي السياسة باعتبارها فن الممكن والتعامل بروّية لتقليل ما أمكن من
الاضرار.
في أربيل، ورغم أن مفاصل الحكم باتت محصورة في عائلة السيد البرزاني، الّا أن بين أركان الحكم هذا تباينات في المواقف. اتحدث هنا عن الموقف من السلطة الاتحادية. ربما يشكل هذا الامر أحد عوامل التباين بين رئيس الاقليم الحالي السيد نتشيروان البرزاني، ورئيس حكومة الاقليم ابن عمه وخال أولاده السيد مسرور البرزاني. نقاط الخلاف بينهما لا تقف عند حدود الموقف من بغداد بل تمتد الى صراع النفوذ داخل الحزب الديمقراطي بعدما قام مسرور بازاحة مؤيدي ابن عمه من مواقعهم الحزبية والحكومية تحت شعار الاستعانة بدماء جديدة، مما يفقد السيد نتشيروان، باعتباره رئيساً للاقليم، أدوات نفوذه داخل الحزب والحكومة.
لكن رئيس الاقليم الحالي يعوّل على الشارع الكردي الذي بدأ جانب كبير منه يميل إليه باعتباره الاكثر حماساً لحل المشاكل مع بغداد، وهو موضوع بات يشغل المواطن الكردي بعد معاناته المعيشية طوال سنوات والمستمرة حتى اليوم بسبب مواقف بعض سياسييه ومناكفتهم للحكومة الاتحادية التي يشاركون فيها بوزارات مهمة. ما يزيد من قلق الشارع من استمرار التوتر مع بغداد هو حالة الانتفاض التي يقودها سياسيون في بغداد ضد استمرار رفض سلطة اربيل أداء التزاماتها حيال الدولة الاتحادية، وتصرفها بشكل مستقل وهو ما يزيد من الاحتجاجات في بغداد ويضعف من قدرة القادة القريبين من قيادة الاقليم على مواصلة الصمت. الامر قد ينعكس على الموازنة القادمة وتحديدا مصير حصة الاقليم ورواتب
موظفيه.
هذا القلق الذي يعيشه الشارع الكردي كفيل برفع شعبية أي سياسي كردي يسعى الى حل المشاكل مع بغداد حماية لمصالح المواطنين الكرد في الاقليم.