قبل وقتٍ طويلٍ، طويل، كان من المعتاد أن تكون للنساء لحى. وكانت لحاهنَّ أطولَ، وأكثف، وأجمل من لحى الرجال. وكنَّ يولين عنايةً كبيرة بلحاهنَّ.
فكان البعض منهن فخورات أو مغرورات بها جداً إلى حد أنهن كن يزدرين الرجال، بمن فيهم أخوانهن، وآباؤهن، وأزواجهن. وكانت أكثرهن غروراً في ذلك امرأة ثدعى نكَمديش Nkemdiche . فقد كانت وأخواتها الثلاث معجباتٍ بجمالهن، وبلحاهنَّ بوجهٍ
خاص.
وكانت مدينتهن يحكمها ملكٌ طيِّب وثري يُدعى أيناي مبو Enyi Mba.
وكان الشيء النفيس المفضَّل خاتماً من ذهب. وفي أحد الأيام، رأت إحدى بناته أن الخدم مشغولون جداً فقرَّرت مساعدتهم بغسل جميع الصحون التي
في البيت
بنفسها. فرفعتها جميعاً، من دون أن تنتبه إلى أن الخاتم كان في أحد الصحون، وأخذتها إلى جدولٍ لتغسلها. و لم ترَ الخاتم ينزلق من الصحن إلى الجدول. و هكذا حملت المياه المندفعة الخاتم بعيداً وسرعان ما ابتلعته
سمكة.
وكان هناك أسفل الجدول ولدٌ يصطاد. وقد اصطاد من السمك ما يكفي ليبيع بعضه ويُحضر الباقي إلى البيت لأسرته. وبعد أن شوى لنفسه سمكةً، فتحها ووجد الخاتم فيها. فأخذه مسروراً إلى البلدة في اليوم التالي وباعه إلى نكَمديش، من دون أن يعرف أن الخاتم يعود للملك. وكانت نكَمديش تعرف ذلك، لكنها كانت مغرورةً وأنانيةً فلا يمكن أن تعيده إلى صاحبه الشرعي. وبدلاً من هذا، خبَّأت الخاتم داخل لحيتها الطويلة
الكثَّة. ولم يمر وقتٌ طويل حتى اكتشف الملك أن خاتمه مفقود. ولم تكن لدى أحدٍ، بمن فيهم ابنته، أية فكرة عمَّا حدث. وقد أُعلن خبر الخاتم المفقود في جميع أنحاء
المملكة. وسمع الولد الصيَّاد به وأدرك عندئذٍ لمن يعود الخاتم الذي وجده في السمكة. وانطلاقاً من علمه بأن الملك لن يعاقبه على جهله بذلك، هرع إلى خدم الملك وأخبرهم بالكيفية التي وجد بها الخاتم وأنه باعه، لعدم معرفته بصاحبه، إلى امرأةٍ من البلدة تُدعى نكَمديش.
فراح خدم الملك يبحثون في كل مكان عن نكَمديش، لكن أحداً لم يكن يعرف أين هي. وارتأوا، لعدم قدرتهم على العثور عليها، أن يعرض الملك الزواج على أية امرأةٍ تستطيع أن تعيد إليه خاتمه. وسرعان ما جاءت نكَمديش سائرةً بخُيلاء في حضرة الملك.
وقالت: ــ “ إنني أعرف أين هو الخاتم. إنه عندي. “
وسحبته من مخبئه في لحيتها. وأدرك الخدم جميعاً ما فعلت. فأصابت الرجال من الخدم الصدمة، لكن الخادمات، الفخورات بلحاهنَّ أبداً، كنَّ مسرورات للكيفية التي خدعت بها نكَمديش الباحثين عن
الخاتم.
فأرسل الملك النساء جميعاً ، بما فيهن نكَمديش، إلى مكانٍ آخر لا يسمعن فيه أو يرين ما يجري، وأخذ يتشاور مع رجال الخدم. فراحوا يتحدثون إليه عن مقدار احتقار النساء لهم بسبب لحاهم، وكيف استخدمت نكَمديش لحيتها لإخفاء الخاتم. وفي نهاية الاجتماع، أعلن الملك
قائلاً:
ــ “ فلتُحلَق لحى النساء جميعاً. ولتُنتزع كل شعرة من وجوههنَّ، حتى من وجوه زوجتي و بناتي.
فهذه اللحى مليئة بالشر. ونحن نعرف لصقةً ستوقف نمو الشعر ــ فلتوضع على فكوك النساء جميعاً، وبذلك لن تكون لدى أية بنتٍ أو امرأة لحيةً تُزعج بها الرجال مرةً أخرى على الإطلاق.”
و منذ ذلك الحين لم يعد للنساء لحى.
حكاية شعبية من أفريقيا