منظومة القيم وتلقيها سردا

ثقافة شعبية 2019/12/29
...

 باسم عبدالحميد حمودي

في دراسة جوزيف كورتيس (التصويري والثيمي) التي ترجمها ادريس سعيد ونشرها في العدد4 عام 1995 في مجلة (علامات) المغربية ، يقوم الكاتب بتحديد البعد التصويري,في كل المضامين التي تعود للحواس الخمس,أي كل مايمكن أدراكه كمعطى مباشر قابل للمعاينة  في العالم الخارجي,ويتحدد البعد القيمي هنا كمكون مجرد، بمضمون لارابط له مع العالم الخارجي
ورغم عدم تأكيدنا على أن البعد الثيمي (القيمي ) يعد كونا مجردا، ومضمونا لا رابط له مع العالم الخارجي، فأن ذلك يأتي   لأن هذا العالم يتأثر بوساطة أنسانه المتلقي بمنظومة  القيم التي يطلقها النص  المقروء (الرسمي ) أو ( الجهري) المدون الشعبي .
إن تركيز كورتيس على البعد التصويري يجعلنا نأخذ مقولته بعين الأعتبار هنا،  ذلك أن لفظ التصويري يطلق على كل مدلول وكل مضمون للسان الطبيعي,وبشكل أوسع على كل نسق تمثيلي (بصري مثلا) يمتلك معادلا على مستوى الدال (التعبير) في العالم الطبيعي والواقع المدرك.
بناء على ذلك فأن كل ما يعود داخل كون خطابي معين(لفظي أو أيمائي ) الى احدى الحواس الخمس المعروفة: البصر ، السمع ، الشم ، الذوق ، اللمس، نطلق عليه مصطلح (التصويري) وعلى ذلك فأن المتلقي يستقبل المادة الفولكلورية بواسطة هذه الحواس أضافة للتأثير الفكري,ويكون المتلقي رهين منظومة هذه الحواس وقدرتها على التأثير المدرب فكريا . 
إن بنية الأداء الحكائي للسيرة الشعبية جهرا بواسطة الراوي –الحكواتي – القصخون تتكون  مقوماتها من القول الجهري والحركة وطبقات الصوت ووسائل الأيضاح الأخرى من عصا أو سيف وعمامة أو طربوش ومن متممات الجلوس داخل الديوان (المضيف –المقهى – الفناء ) ويكون التلقي مرهونا بالوقت والمكان المناسبين ورغبة المتلقين مع قدرة الراوي –المؤدي على التأثير
 والأدهاش .
أن التقاطات الحواس الخمس  أو بعضها للخطاب الجهري المقدم من قبل الراوي هنا يرتبط ايضا بمنظومة القيم الاجتماعية التي يتمتع بها الفرد والجماعة هنا .
ذلك يعني أن منظومة القيم القديمة –التاريخية –السردية هنا تشكل ظاهرة قيمية تصويرية فولكلورية ولكنها ايضا تشكل عطاء تصويريا لقيم ومناقب زمن سالف وسط زمن يتجدد، وذلك يعزز صورة الصراع بين الماضي والحاضر وبين القيم في مختلف عصورها رفضا وقبولا.