مشاورات مكثّفة بقصر السلام لاختيار رئيس الوزراء الجديد

الثانية والثالثة 2020/03/03
...

بغداد / الصباح / عمر عبد اللطيف ومهند عبد الوهاب 
 
كشفَ برلمانيون عن أبرز محاور المشاورات التي يحتضنها قصر السلام ببغداد بين رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح وقادة الكتل السياسية “الشيعية” بشأن اختيار شخصية جديدة لرئاسة الوزراء بعد اعتذار المكلف محمد توفيق علاوي، إذ أكدت مصادر لـ “الصباح” أن الخيارات تتجه صوب ترشيح شخصيات بديلة تتسم بالمرونة وتحظى بمقبولية الشارع العراقي وشركاء الوطن
بينما أفاد أعضاء بمجلس النواب بإعادة ترشيح شخصيتين لرئاسة الوزراء وتكليفهما بتشكيل الحكومة المقبلة.
وقال عضو مجلس النواب صفاء الغانم لـ “الصباح”: إن “رئيس الجمهورية سبق له أن اجتمع مع الكتل السياسية الشيعية للتداول في ترشيح شخصيات أخرى لرئاسة الحكومة المقبلة”، مشيراً الى أن “المكونين السني والكردي ليس لهما علاقة لا من قريب ولا من بعيد بهذا الأمر”.
وأضاف أنّ “تلك الكتل ستتفق على شخصية معينة ومفاتحة المكونين الآخرين للاتفاق على طرحه”، مبيناً أنه “لا يمكن ترشيح شخصية جدلية أخرى لهذا المنصب، بعد ما جرى من تجربة سابقة مع رئيس الوزراء المكلف السابق محمد توفيق علاوي الذي كان من الشخصيات الجدلية وقدم برنامجاً حكومياً لا ينفذ حتى بـ 6 سنوات وليس في سنة واحدة”. على حد قول النائب.
وأشار الغانم إلى أن “محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني ورئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي مصطفى الكاظمي؛ هما أبرز شخصيتين سيعاد طرح ترشيحهما على رئيس الجمهورية خلال الأيام القليلة المقبلة لتكليف أحدهما بتشكيل الحكومة المقبلة”، مرجحاً “اختيار الشخصية الاولى كونها ستكون أقل جدلية”.
 
حوارات وشخصيات
من جانبه، أفاد عضو مجلس النواب جاسم البخاتي لـ “الصباح”، بأن “سمة الحوارات الحالية هي الذهاب باتجاه شخصية بديلة تكون أكثر مرونة وتستجيب لمطالب المواطنين وشركاء الوطن”. 
وتوقع البخاتي “إعادة ترشيح بعض الأسماء التي تم تداولها في السابق، والتأكيد على أن تكون لهم مقبولية دولية وإقليمية ومحلية من قبل باقي المكونات الأخرى”. 
وأضاف أنّ “الحوارات التي سادها الجفاء خلال المرحلة الماضية ستعاد، لأخذ رأي باقي المكونات في ترشيح الشخصية لرئاسة الحكومة المقبلة”، مؤكداً “ضرورة الاستفادة من الخلل الذي رافق الحكومة والذي تسبب بعدم تمريرها، وأن تكون هناك حوارات جدية، بعد التشظي الكبير الذي حصل سواء في البيت الشيعي أو غيره والذي لا يخفى على أحد”.
بدوره، كشف النائب عن تحالف الفتح حنين القدو عن تسريبات اجتماع رئيس الجمهورية برهم صالح مع القيادات السياسية في قصر السلام أمس الأول الاثنين.
وقال القدو: إن “اجتماع رئيس الجمهورية برهم صالح مع القيادات السياسية، ناقش أربعة أسماء مرشحة لرئاسة الوزراء”، مبينا أن “الأسماء هي مصطفى الكاظمي ومحمد شياع السوداني وعلي الشكري ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي”.
وأضاف أن “العبادي كان الشخصية الأبرز التي تمت مناقشتها في اجتماع الرئيس مع القيادات”، مبينا أن “الأسماء الأربعة كانت محط نقاش وتداول ولم يجر الاتفاق على أحدهم”، بحسب النائب القدو.
 
بداية التحركات السياسية
النائب عن تحالف البناء أحمد الكناني أفاد في حديث لـ “الصباح”، بأنّ “التحركات السياسيّة ما زالت ببدايتها بشأن اختيار شخصيات وبشكل غير رسمي؛ وقد التقى رئيس الجمهوريّة عدة زعامات للكتل السياسية المختلفة لمجرد الاتفاق على حسم موضوع المرشح، وما إذا كانت الكتلة الأكبر لم تزل متمسكة بترشيحاتها القديمة أم لديها ترشيحات جديدة، أم سيتم التوافق على اختيار مرشح من ضمن الكتل السياسية يكون فاعلاً”.
وأوضح أنّ “مباحثات رئيس الجمهورية مع قادة الكتل السياسية لم تتوصل الى اتفاق لحسم مرشح الحكومة المقبلة سواء بالذهاب إلى طريق التوافق السياسي أو الكتلة الأكبر”، مبيناً أنه “في حال الذهاب لخيار الكتلة الأكبر، فإن الأمر سيدخل العملية السياسية في جدلية كبيرة والوضع الراهن لا يتحمل الجدل والمناكفات السياسية”.
وشدد الكناني على “ضرورة الإسراع بحسم مرشح رئاسة الوزراء من الكتل السياسية، لا سيما أن المدة المقررة 15 يوماً وهي ليست طويلة”، لافتاً الى أنه “في حال إقدام كتلة معينة على تشكيل الحكومة سيكون الحل الأمثل لكي تتحمل المسؤولية كاملة لإخفاق أو نجاح الحكومة”.
وتابع أنّ “نتائج التحركات السياسية ستتضح خلال اليومين المقبلين، هل نحن متجهون للكتلة الاكبر أو الاختيار وفق معايير أخرى”، مشيراً الى أن “مواصفات المرشح لمنصب رئيس الوزراء هي المواصفات السابقة نفسها، وهناك كتل سياسية تطالب بشخصية مستقلة وكتل أخرى تطالب بأن يكون المرشح مقبولا من الشارع العراقي”. 
وأكد النائب الكناني أنّ “المرشح لمنصب رئيس الوزراء يجب أن يتمتع بالكفاءة والنزاهة والقدرة على إدارة شؤون البلاد”، موضحاً أن “إخفاق محمد علاوي في إقناع الكتل السياسية بحكومته؛ كان بسبب التجاوز على معيار حقوق واستحقاقات المكونات، وهناك سياقات دستورية يجب أن تعتمدها الكتل السياسية في اختياراتها من ضمن المكون”.
 
جدلية الكتلة الأكبر
أما النائب عن تيار الحكمة أسعد المرشدي، فقال في الشأن نفسه: إن “هناك مشاورات مع رئيس الجمهورية برهم صالح، من أجل الإسراع باختيار مكلف قادر على تشكيل الحكومة الجديدة”، مبيناً أن “رئيس الجمهورية برهم صالح تسلم طلبات لترشيح شخصيات معينة لرئاسة الحكومة الجديدة، وهذه الطلبات قُدمت له من قبل بعض المتظاهرين، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها”.
وأوضح أن “هناك مقترحاً لرئيس الجمهورية برهم صالح، بأن يقدم أكثر من مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة، ويتم اختيار أحدهم من قبل الزعامات الوطنية ومن ذوي الخبرة”.
وحذر النائب المرشدي من أن “جدلية الكتلة الأكبر ستضع البلد في نفق مظلم من الخلافات”، موضحاً أنه “على رئيس الجمهورية أن يحسم اختيار شخصية غير جدلية تحظى بمقبولية الجميع بالتعاون مع الكتل السياسية”.
ودعا النائب عن تيار الحكمة “رؤساء الكتل السياسية ورئيس الجمهورية إلى الإسراع في تكليف الشخص المناسب”، مشيراً إلى أن “التوافق السياسي لا يعني بالضرورة أن تكون هناك محاصصة، وإنما يجب أن يكون هناك رأي للكتل السياسية وللقوميات الأخرى”.
النائب عن ائتلاف دولة القانون، منصور البعيجي، دعا في بيان تلقته “الصباح” رئيس الجمهورية لتقديم مرشح قوي غير جدلي خلال 48 ساعة وعدم “المماطلة والتسويف” بتأخير تقديم المرشح لرئاسة الوزراء لحين انتهاء المدة الدستورية. وأضاف أن “البلد لا يتحمل التأخير أكثر ببقائه بدون حكومة خصوصاً وأن الحكومة الحالية هي مجرد حكومة تصريف أعمال لا أكثر، لذلك يجب حسم هذا الأمر بأسرع وقت وتقديم مرشح غير جدلي يستطيع إدارة دفة البلد خلال الفترة الانتقالية التي لا تتجاوز العام الواحد”، وأردف: “على جميع الكتل السياسية والحكماء أن يجلسوا على طاولة واحدة ويدركوا مدى خطورة الوضع الخاص بالبلد وتقديم تنازلات لتمرير الكابينة الوزارية للمرشح المقبل بعيداً عن المصالح الخاصة والمحاصصة لأن البلد يسير الى ما لا تحمد عقباه إذا بقيت الأمور على ما هي عليه والجميع يتحمل المسؤولية وبدون استثناء”.
 
بين سائرون ودولة القانون
من جانبه، كشف النائب عن تحالف سائرون رياض المسعودي، عن وضع تحالفه ثلاثة شروط لدعم أي مرشح لرئاسة الوزراء خلفا للمعتذر محمد توفيق علاوي.
وقال المسعودي: إن “الحديث عن إعادة تكليف عبد المهدي مرة أخرى يجوز من الناحية الدستورية، إلا أن إعادة التكليف تتطلب إعادة النظر من قبل المرجعية التي استقال عبد المهدي امتثالا لنصيحتها”.
وأضاف أنّ “إعادة النظر بموقف المرجعية أمر غير ممكن في الوقت الحاضر”، مبينا أن “سائرون سيبقى ملتزما بقراره في عدم الدخول بمشاورات أو لقاءات بشأن اختيار مكلف بديل، إلا أنه وضع ثلاثة شروط يجب توفرها بالمرشح للتكليف”.
وأوضح المسعودي، أن “الشروط الثلاثة تتلخص بأن يكون ذا شخصية قوية ومعروفة وأن يأتي بكابينة بعيدة جداً عن الأحزاب تعمل بجد للتهيئة لإجراء انتخابات مبكرة وتكون قادرة على مواجهة ملف الفساد وقيامها بتحقيق جدي بالكشف عن قتلة القوات الأمنية والمتظاهرين”. في المقابل، أكد ائتلاف دولة القانون، عدم وضعه شروطاً على اختيار رئيس الوزراء المكلف. وقال النائب عن دولة القانون أبو مجاهد الركابي: إن “الائتلاف لم تكن لديه شروط شخصية أو خاصة للموافقة على أي مرشح لرئاسة الوزراء”، مبيناً أن “معايير الائتلاف هي أن يكون المرشح قادراً على إعادة الهيبة للقوات المسلحة، وأن يحدد مدة زمنية لإجراء الانتخابات المبكرة، فضلاً عن قدرته على نزع السلاح الموجود في الشارع”.
وأوضح الركابي أن “دولة القانون من اليوم الأول، الذي كلف به محمد توفيق علاوي أدرك أن الوقت غير مناسب لتسنمه رئاسة الوزراء، لا سيما أن العراق يمر بفترة حرجة وأن تسلم رئاسة الوزراء يحتاج الى جهد كبير وقوة سياسية داعمة”، لافتاً إلى أن “الائتلاف مع الكتل والمكونات إذا اتفقت على شخصية وطنية لديها القدرة على ايصال البلاد الى بر الأمان”.
 
الموقف الكردي
الموقف الكردي الحالي، عبرت عنه النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني خالدة خليل، التي أكدت أن “هناك العديد من الاسماء مطروحة لمنصب رئيس الوزراء المكلف بدلا عن محمد  توفيق علاوي وننتظر التوافق عليها واختيار الشخصية التي تتواءم الكتل السياسية عليها، وبعدها يقدم كابينته الوزارية وفق المدد التي حددها الدستور لمنحها الثقة من خلال التصويت عليها”.
وقالت خليل لـ “الصباح”: إن “المكون الكردي -وعلى وجه الخصوص الحزب الديمقراطي الكردستاني- ليست لديه معايير خاصة لشخصية رئيس الوزراء المكلف الجديد لأنه من حصة المكون الشيعي، وبالتالي يتم التوافق عليه من قبل المكون الشيعي، وعند التوافق عليه يعمل على اختيار كابينته الوزارية”.
إلا أن النائب خليل استدركت أن “المكون الكردي لديه شروط، على رئيس الوزراء المكلف الجديد أن يراعيها، وهي حفظ حقوق المكون الكردي المنصوص عليها في الدستور، وأن يتم تطبيقها بشكل صحيح وليس بشكل انتقائي وأن تبقى صلاحيات الاقليم كما هي على اعتبارها من أهم النقاط التي يجب على رئيس الوزراء المكلف أن يلتزم بها وقد التزم بها كل المكون 
الكردي”.
وكان رئيس الجمهورية برهم صالح عقد أمس الأول الاثنين لقاءات منفصلة مع بعض الزعامات السياسية، أبرزهم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي ورئيس تحالف الفتح هادي 
العامري.
وأكد الرئيس صالح خلال اللقاءات بحسب بيان رئاسي تلقت “الصباح” نسخة منه “ضرورة الإسراع في التوصل إلى اتفاق بين الكتل السياسية من أجل تسمية رئيس مجلس وزراء يحظى بقبول وطني وشعبي”، مشدداً على “الالتزام بالفترة الدستورية المحددة من أجل تشكيل حكومة قادرة على التصدي لمهامها في ضوء التحديات التي تواجه العراق”.