إردوغان: اتهام بن سلمان بالتورط في قتل خاشقجي سيكشف الكثير

الرياضة 2018/12/16
...

باحث لـ {     الصباح              }: الأتراك يستخدمون قرار {الشيوخ الأميركي} و{التحقيق الدولي} في الضغط على السعوديين 
 

اسطنبول / فراس سعدون
 
 
اكتسبت قضية قتل جمال خاشقجي، الصحفي السعودي، زخما دوليا جديدا، إثر تصويت مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قانون يحمل الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، المسؤولية عن قتل خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، مطلع تشرين الأول الماضي. ودعم القرار الأميركي توجهات تركيا لتحميل بن سلمان هذه المسؤولية، عبر تحركات على مختلف المستويات أغفلت الرسمية منها اتهام ولي العهد السعودي علنا، لتجنب تسييس القضية، في حين اتهمته المستويات شبه الرسمية والشعبية التركية بوضوح.
 
إردوغان يعول على قرار «الشيوخ الأميركي»
وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في أحدث تصريحات له عن قضية خاشقجي: «بعد اتهام مجلس الشيوخ الأميركي للإدارة السعودية بالتورط في قضية خاشقجي، وبعد حديث نيكي هيلي الصريح في هذا الشأن، فقد بلغ الأمر مرحلة متقدمة، وستتكشف العديد من الأمور». وزودت تركيا أطرافا دولية على رأسها الولايات المتحدة بتسجيلات صوتية توثق تورط فريق سعودي بعض أعضائه مقرب من بن سلمان بقتل خاشقجي.
وذكر إردوغان «أسمعنا الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وكندا. الرجل يقول بوضوح: أعرف كيف أقطع. إنه عسكري. كل ذلك في التسجيلات الصوتية»، في إشارة إلى صلاح الطبيقي المتخصص بالطب الشرعي والمتهم بتقطيع جثة خاشقجي إلى أوصال. 
ولم تعثر السلطات التركية حتى الآن على الجثة أو أشلائها بعد رفض نظيرتها السعودية الكشف عن مكانها.
وأكد إردوغان أن تركيا رفضت، في المقابل، تسليم السعودية تسجيلات واقعة القتل، شارحا «السعودية طلبت الاستماع للتسجيلات، وطلبت أيضا الحصول عليها. أسمعناها لهم لكن لم ولن نعطيها لهم.. هل نسلمها ليمحوها؟» في تلميح إلى رواية محو جثة خاشقجي.
وانتقد إردوغان التعامل الرسمي السعودي مع قضية خاشقجي منذ قتله.
وأوضح أن «الأمير يقول إن جمال خاشقجي غادر القنصلية. هل جمال خاشقجي طفل؟ خطيبته تنتظره في الخارج. إنهم يعتقدون أن العالم غبي. هذه الأمة ليست غبية وتعرف كيف تحاسب».
وجدد إردوغان المطالبة بتسليم قتلة خاشقجي الموقوفين؛ مخاطبا السعوديين بقوله: «التوقيف ليس سبيلا للحل. أين حساب هؤلاء؟ إذا كنتم غير قادرين على محاكمة مرتكبي الجريمة فلابد أن تتولى محاكم إسطنبول هذا الأمر، وفقا للقانون الدولي، وعليكم أن ترسلوهم لمحاكمتهم هنا».
وكشفت الخارجية التركية، على مدار الأسبوع الماضي، عن مباحثات مع دول بينها كندا، التي توترت علاقتها مع السعودية قبل مقتل خاشقجي بنحو شهرين، ومحادثات مع الأمم المتحدة، لتدويل التحقيق في مقتل خاشقجي عقب رفض السلطات السعودية التعاون في تسليم القتلة، والكشف عن مكان الجثة أو آثارها.
 
الأمم المتحدة تدعم التحقيق الدولي
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية التركية عن رافينا شمداساني، المتحدثة باسم مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تعليقات لها على قرار مجلس الشيوخ الأميركي ضد بن سلمان.
وأفادت شمداساني «المفوضية ترى أن التحقيق الذي تجريه السعودية غير كافٍ لأن الجريمة ارتكبت ضد صحفي منتقد للحكومة السعودية وداخل قنصلية هذه الحكومة»، مؤكدة أن «هناك حاجة إلى تدخل دولي ونحن ندعم هذا الأمر بقوة، وعنوان أي تحقيق محتمل في القضية سيكون بمقر الأمم المتحدة في نيويورك».
وكانت ميشيل باشليه، مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أعلنت، في وقت سابق، أن هناك حاجة لتحقيق دولي يحدد المسؤول عن قتل خاشقجي.
وأعلن متحدث أممي موقف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، من التحقيق الدولي.
وصرّح فرحان حق، نائب المتحدث باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «موقفه واضح تماما إزاء الحاجة لإجراء تحقيق دولي وشفاف، يخوض في كل الحقائق بشأن ما حدث».
وأثارت جريمة قتل خاشقجي الرأي العام العالمي، استنادا إلى ظروف ارتكابها، وكون الضحية فيها شخصية معروفة بشغل مواقع، ونشاطات بارزة، منها كتابة مقالات لصحيفة واشنطن بوست الأميركية.
وكتب أرون بليك، مقالا تحليليا في واشنطن بوست، عدّ فيه قرار مجلس الشيوخ الأميركي «توبيخا للرئيس الأميركي وأعضاء إدارته لأنهم حاولوا إخفاء الحقيقة». وانتقد بليك دور كل من مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، وجيمس ماتيس، وزير الدفاع الأميركي، في الدفاع عن ولي العهد السعودي، مبينا أن بومبيو نفى وجود ما يثبت تورط ولي العهد في قتل خاشقجي، وأن ماتيس نفى وجود دليل قاطع على التورط.
ونقلت الصحيفة عن ليندزي غراهام، السيناتور الجمهوري، قوله «لو كنا في إدارة ديموقراطية لوجهت اتهاما لهما (بومبيو وماتيس) بأنهما في جيب السعوديين»، كما نقلت عن بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي عن الحزب الجمهوري، قوله «لو حوكم بن سلمان أمام هيئة محلفين، لما استغرقت إدانته غير 30 دقيقة».
 
القرار الأميركي يفيد التوجهات التركية
وذهب ماهر الحمداني، الباحث المتخصص في الشؤون التركية، إلى أن قرار مجلس الشيوخ الأميركي «خطوة من خطوات كان الأتراك يريدونها منذ البداية، عن طريق إشراك أكبر عدد من اللاعبين الدوليين مثل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي فضلا عن الأمم المتحدة في قضية خاشقجي».
وقال الحمداني، في حديث لـ»الصباح» إن «الأتراك يستفيدون من القرار الأميركي والدعم الأممي للتحقيق الدولي بأن يعززا أوراق الضغط لديهم على المملكة العربية السعودية، لإزالة محمد بن سلمان من الواجهة وربما إدانته والإطاحة به، وألا يظهر من خلال ما شاهدناه مؤخرا في قمة مجموعة العشرين حين حضرها شخصيا وبدا وكأنه لم تتأثر شعبيته، ولم تتأثر مكانته كقائد للمملكة السعودية، حتى بعد كل هذه الفضيحة التي من الواضح أنها كانت تشير بأصابع الاتهام مباشرة إلى ولي العهد 
السعودي».