خارج الصندوق كورونا.. اختبار لإنسانيتنا

الثانية والثالثة 2020/03/22
...

 
علاء هادي الحطاب 
 
لا يوجد ما يشغل بال "العالم" وتفكيره وجهده وانشطته وفعالياته سوى تداعيات فايروس كورونا المستجد، وكيف عطل هذا الذي لا يرى بالعين المجردة كل العالم.. نعم كل العالم وأوقفه على "تك رجل"، فلا رياضة ولا صناعة ولا سياحة ولا حتى حروب بوجوده. 
ما يشغل العالم اليوم ليس الخلاص منه نهائيا، بل كيف يمكن الوقاية منه حاليا ومنع سرعة انتشاره وتقليل الخسائر والاضرار، لذا فلا خيار لكل الدول، سواء تلك التي تفاقم فيها انتشار هذا الفايروس او تلك التي تنتظر تفاقمه، سوى حظر الخروج من المنازل والحجر المنزلي ومنع وتقييد حركة الناس واختلاطهم قدر الإمكان وبالنتيجة لتقليل مسببات انتقال وانتشار هذا الفايروس، ومن الطبيعي أن تكون لهذا الحظر سلبياته الكثيرة كما له إيجابية "خفض انتقال العدوى" ومن اهم هذه السلبيات، لا سيما في البلدان الفقيرة او متوسطة المعيشة هو ارتفاع أسعار حاجيات الانسان اليومية الضرورية من مأكل ومشرب ودواء وغيرها لصعوبة وصولها الى ايدي الناس وصعوبة وصول الناس اليها بسبب هذا الحظر، وهنا يكمن الاختبار الحقيقي لبائعي هذه الحاجيات بين ان يستغلوا حاجة الناس المستمرة وشح وجود هذه المواد بالأسواق بسبب الحظر وبالتالي يرفعون هذه الأسعار اضعافا مضاعفة، وبين ان يستغلوا هذا الظرف العصيب لزيادة التراحم والتكافل الاجتماعي بيننا كأبناء وطن واحد ومدينة واحدة بل وأبناء "هم وخطر " واحد يحدق بنا جميعا، فلا ديننا الإسلامي الذي ننتمي اليه يبيح لنا استغلال حاجة الناس ورفع أسعارها في ظرف شحها، بل يمقت ذلك اشد المقت، ولا تربيتنا العشائرية والبيئية تبيح لنا استغلال الفقير في هكذا ظرف، فنحن ندعي اننا "أبناء الغيرة والنخوة " ولا إنسانيتنا تبيح لنا هذا، فلسنا نعيش في غابة يكون البقاء فيها للأقوى، بل حتى بعض الحيوانات تتعاون في ما بينها اذا داهمها خطر محدق. 
لذا فان رفع أسعار المواد الغذائية في هذا الظرف هو "إرهاب للفقراء" الذين لا يملكون سوى قوت يومهم، نعم ظهرت لدينا مبادرات اكثر من رائعة تقضي بتوفير بعض الأغذية للفقراء والمحتاجين وهذه يجب تسليط الضوء عليها والاشادة بها، وبالمقابل ظهر لدينا عدد ليس بالقليل من ضعاف النفوس الذي استغل حاجة الناس ورفع أسعار الأغذية والخضراوات وهؤلاء النفر يجب ان نعزلهم وننبذهم اجتماعيا ان لم يستطع القانون محاسبتهم او لم تحاسبهم ضمائرهم وانسانيتهم، علينا كمجتمع ان نشخص هؤلاء ونكتب عنهم ونلفظهم و"نحجر" التواصل معهم، فمتى ما رُفض الانسان اجتماعيا عندها سيعرف ما اقترفه من "عظيم الذنب"، لا سيما في مجتمع كمجتمعنا تحركه الأعراف والتقاليد والوجاهة والمكانة بين الناس. 
نحن اليوم كعراقيين في اختبار حقيقي لإنسانيتنا امام الله والقانون والمجتمع وانفسنا في ان نعبر جميعا هذه المحنة بتكافل بعضنا بعضا او باستغلال بعضنا بعضا.