رئيس الجمهورية يكلف الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة

الثانية والثالثة 2020/04/10
...

بغداد/ الصباح/ واع/ مهند عبد الوهاب
 
وسط ترحيب واسع من مختلف القوى السياسية؛ كلف رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح، أمس الخميس، مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة للفترة المقبلة، بحضور رؤساء مجلس النواب محمد الحلبوسي ومجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان والمحكمة الاتحادية القاضي مدحت المحمود، والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت، فضلاً عن عدد من رؤساء الكتل والقوى السياسية، وجاء تكليف الكاظمي بعد تقديم المكلف السابق عدنان الزرفي اعتذاره الرسمي عن التكليف.
واستُهِلت مراسم التكليف، التي جرت أمس في قصر السلام ببغداد؛ بقراءة سورة الفاتحة، ترحماً على أرواح ضحايا فيروس " كورونا" المستجد، بعدها ألقى رئيس الجمهورية كلمة موجهة إلى الشعب العراقي، أفاد بها "أننا اليوم بصدد تكليف الأخ مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة الجديدة وهذه مسؤولية كبيرة، نتمنى له كل الموفقية في هذا المسعى".
وأضاف رئيس الجمهورية، أنه "بجهود المخلصين توافقت القوى السياسية الأساسية، والقوى الوطنية والاجتماعية على اختيار الأخ مصطفى الكاظمي"، مشيراً إلى أننا "اليوم نجتمع في قصر السلام بحضور هذه الوجوه الكريمة، التي تمثل الطيف السياسي، والكل حريص على تشكيل حكومة وطنية، مستندة إلى قرار وطني عراقي وتلتزم ببرنامج الإصلاح، الذي ينشده المواطن وينتظر منا تلبية حقوقه في الحياة الحرة الكريمة".
وشدد صالح على "أهمية تشكيل حكومة قوية قادرة على مواجهة التحديات والأزمات الحالية، والمحافظة على سيادة واستقرار العراق، وتلبية مطالب العراقيين من خلال إنجاز الإصلاحات المنشودة"، داعياً إلى "العمل بكل جدٍّ وحرصٍ على إجراء انتخابات مبكرة ونزيهة تؤمّن لأبناء شعبنا فرصة مضمونة للتعبير عن رؤيتهم حول مستقبل بلدهم".
 
كلمة رئيس الجمهورية
وفي ما يلي نص الكلمة التي وجهها رئيس الجمهورية خلال مراسم التكليف الرسمية:
"بسم الله الرحمن الرحيم. "إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون". صدق الله العظيم
سيداتي وسادتي الأفاضل، مرحبا بكم في قصر السلام في هذا اليوم المهم من تاريخ بلدنا، بداية أقول نحن نجتمع وبلدنا يمر بظروف وتحديات عصيبة ونقدر عالياً ما تقوم به الأسر العراقية من مقاومة شجاعة لفيروس كورونا، ونقدر عالياً المصاعب التي تتحملها في هذه الأثناء وسط حظر التجوال والعزل الصحي، أحيّي معكم بشكل خاص الرجال والنساء ممن يقفون في الطليعة أمامنا جميعاً في مقاومة هذا الوباء، الكادر الصحي من أطباء وخبراء وممرضين وموظفي خدمات وجميع العاملين في دوائر الصحة والمستشفيات، دورهم النبيل لن ينساه العراقيون، جهادهم البطولي وتضحياتهم شرف لنا ولهم ولأسرهم الكريمة ولبلدهم، هؤلاء أصحاب الأردية والقلوب البيضاء قرة أعيننا ولهم منا كل الاحترام والتقدير ويقدر العراقيون أن أفضل ما يمكن تقديمه لهم هو دعمهم والالتزام بتوجيهاتهم.
هذا اليوم نجتمع أيضاً حيث يصادف أحداث تاريخية مهمة في العراق، هذا اليوم ذكرى استشهاد الشهيد الصدر (قدس سره) واليوم ذكرى الفتوى الجهادية من أجل مقاومة داعش والذي حوّل مجرى الأحداث وساعد في دحر داعش والمضي ببلدنا من تلك الخطورة، التي كانت تحدق بنا، واليوم أيضاً ذكرى سقوط الصنم وانتهاء حقبة الدكتاتورية فترة الأنفال والمقابر الجماعية والتمييز والاضطهاد والإرهاب.
العراقيون في مثل هذا اليوم قبل سبع عشرة سنة كانوا يتوقعون حياة حرة كريمة وبلداً مستقراً مزدهراً، لأسباب مختلفة تداخلت وتخادمت، القصور السياسي، المحاصصة والصراعات والمناكفات مع الإرهاب والتدخلات منعت العراقيين من التمتع بهذا الحق البسيط بالحياة الحرة الكريمة.
نجتمع اليوم وبحضور هذا الجمع الكريم ونشهد على تحول دستوري وديمقراطي في بلدنا، الفترة الماضية كانت فترة عصيبة في تاريخ العراق، عايشنا وتعايشنا وتعاملنا وواجهنا الاحتجاجات الشعبية الواسعة، التي كانت تطالب بالإصلاحات وتصويب المسار في بلدنا، وحدثت الكثير والكثير من الأمور السياسية وفي هذا البلد وفي قلب الشرق الأوسط، حدث تداول للسلطة واستقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي، وتم تكليف أشخاص آخرين أخوة أعزاء ضمن سياقات دستورية معروفة والتزمت الأطراف بغض النظر عن السجالات والنقاشات بهذه الإجراءات، هذا إنجاز مهم وتقدير مهم، لستُ بصدد التبرير، إننا أضعنا فترة طويلة والشعب العراقي ينتظر منا الكثير والكثير، وكان الواجب علينا أن نتقدم بتشكيل الحكومة في وقت أسرع، لكن هكذا واقعنا، التزمنا بتلك السياقات واليوم نشهد وضعاً جديداً، الأستاذ عدنان الزرفي اعتذر عن تكليفه بتشكيل الحكومة وأرسل لنا رسالة رسمية بهذا الصدد، واليوم أريد أن أشكر الأخ الزرفي على التزامه وتقديره للمصلحة الوطنية ومواقفه الشجاعة في هذه الظروف، تكلمت معه وأكد لي دعمه لمسار العملية وما يؤمّن وحدة الصف العراقي، فأشكره وأقدره على هذا الموقف.
اليوم نحن بصدد تكليف الأخ مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة الجديدة في العراق، والأخ الكاظمي شخصية مناضلة ومثقفة معروف عنه بالنزاهة ومعروف عنه بالاعتدال ومعروف عنه بالحرص على الحقوق العامة للعراقيين. 
هذه مسؤولية كبيرة سيكلف بها أخي الأستاذ مصطفى الكاظمي، نتمنى له كل الموفقية في هذا المسعى، لكنني أريد أيضاً أن أقف على حقيقة مهمة، الفترة الماضية رافقت تلك العملية سجالات وخلافات حادة بيننا وبين الفرقاء السياسيين. 
اليوم بفضل الله وبجهود المخلصين توافقت القوى السياسية الأساسية وتوافقت القوى الوطنية والاجتماعية على اختيار الأخ مصطفى الكاظمي لهذا الموقف، فحقيقة انه يوم مشهود، إننا تجاوزنا مرحلة كانت صعبة علينا كلنا، وكان النظام السياسي يتعرض إلى تشكيك وتساؤل مستمرين، لا أريد الخوض في التفاصيل، ولكن العبرة في ما حدث، اليوم نجتمع في قصر السلام بحضور هذه الوجوه الكريمة، التي تمثل الطيف السياسي العراقي، والكل حريص على تشكيل حكومة وطنية مستندة إلى قرار وطني عراقي وتلتزم ببرنامج الإصلاح، الذي ينشده المواطن العراقي وينتظر منا تلبية حقوقه في الحياة الحرة الكريمة.
كان الله في عون الأخ مصطفى الكاظمي، مهمة عسيرة والكل هنا لا شك عندي سيكونون عوناً لك وأنت ستكون عونا لهذا البلد، ننتهي من هذه الفترة لننطلق إلى انتخابات نزيهة تعطي للمواطن العراقي حقه في اختيار حكومته من خلال انتخابات نزيهة وصادقة وتعمل أيضاً على تدارك تبعات هذه الأزمة الصحية الخطيرة، التي تلم ببلدنا وأيضاً التداعيات المالية والاقتصادية لهذا الوضع، كل هذا يجري ومفهوم مهم لبلدنا ألا وهو الحفاظ على الدولة وتعزيزها، دولة مقتدرة وذات سيادة ومستندة إلى قرار وطني عراقي.
أتشرف أن أقدم لك كتاب التكليف وأتمنى لك كل الموفقية.
سيادة العراق خط أحمر
بدوره، أكد رئيس الحكومة المكلف، مصطفى الكاظمي، خلال كلمة متلفزة تابعتها وكالة الانباء العراقية "واع" أنه سيقدم كابينته الوزارية بأسرع وقت، وبينما لفت الى أن حكومته ستكون خادمة للشعب "بالافعال وليس الاقوال"، شدد على ان "سيادة العراق خط أحمر".
وقال الكاظمي، إنني "اشكر كل من منحني هذه الثقة، لاسيما وان هذه المسؤولية هي اختيار وطني والنجاح ليس لفرد فقط، بل للجميع"، مبيناً أنه "سيقوم بتقديم كابينته في أسرع وقت".
واضاف أن "حكومته ستكون خادمة للشعب بالافعال وليس بالأقوال، حيث ستكون من أولوياتها محاربة الفساد والفاسدين، واعادة النازحين الى مناطقهم".
وأكد أن "سيادة العراق خط احمر ولن تكون هذه القضية محل جدال، فلا يمكن المجاملة على حساب العراق او العراقيين، فالعراق بلد عريق ويمتلك سيادة، وقراره سيكون بيد ابنائه فقط".
وحول فيروس كورونا، لفت الكاظمي، الى  أن "حكومته ستبذل جميع الجهود وتستخدم كل العلاقات لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وتدعم المتضررين من الحظر".
واشار الى أن "حكومته ستسعى الى علاقات متوازنة مع الخارج، لان الأزمات مع الدول الاخرى لا تصب بمصلحة البلاد"، مؤكداً في الوقت نفسه، أنه "لن يسمح باهانة اي عراقي سواء كان في الداخل او في الخارج".
ترحيب أممي
كما علّقت بعثة الامم المتحدة في العراق "يونامي"، على تكليف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة، وقالت البعثة في تغريدة على منصة "تويتر": "نقدر ونثمن العمل الدؤوب الذي أداه السيد عدنان الزرفي خلال الاسابيع الماضية"، وأضافت، "نرحب بتعيين السيد مصطفى الكاظمي لتشكيل حكومة جديدة"، مؤكدة أن "حجم التحديات التي تواجه العراق حالياً يتطلب قيادة موحدة تعمل بحزم".
 
مواقف القوى السياسية
وفور إعلان رئيس الجمهورية؛ رحبت القوى السياسية بتكليف مصطفى الكاظمي، وقالت النائب المستقلة ندى شاكر جودت: إن "تكليف الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء يعد خطوة ايجابية، لأن التكليف جاء بإجماع أغلب الكتل السياسية، وهناك توافق كبير، مما سيجعل تشكيل الحكومة قريبا جداً". 
وأكدت جودت لـ "الصباح"، أن "تشكيل حكومة بإجماع الكتل السياسية على شخصية رئيس الوزراء المكلف؛ ستكون قوية وقادرة على الوقوف بوجه التحديات، التي يواجهها البلد"، مبينة أن "نتيجة عدم توافق الكتل السياسية أوصلتنا الى صرعات، وبالنتيجة أدت الى تدهور أحوال البلد في كل القطاعات، لاسيما العالم يمر بأزمة كورونا، إضافة الى هبوط أسعار النفط، وهي كلها عوامل أدت الى تدههور أحوال البلاد". 
وأضافت، أن "إجماع الكتل السياسية وترحيبها بشخصية رئيس وزراء متفق عليه؛ سينعكسان إيجاباً على كل قطاعات البلاد الداخلية والخارجية"، مشيرة الى أن "توجه الكتل السياسية وتوافقها على شخصية مصطفى الكاظمي، يعدان عنصرين أساسين لاستقرار الحكومة وتشكيلها بأسرع وقت، ما ينعكس بشكل إيجابي على سياسات البلد من جميع النواحي"، داعية إلى "توفير الدعم لشخصية رئيس الوزراء المكلف الجديد، لتأسيس حكومة قادرة على مواجهة التحديات التي يعيشها العراق". 
بينما أكد النائب عن كتلة صادقون محمد البلداوي لـ "الصباح"، أنه "بعد مخاض البحث عن مرشح بديل، توصلت كتل المكون الشيعي الى ترشيح شخصية بديلة وهي مصطفى الكاظمي، الذي كان له دور في تقريب وجهات النظر وسيتمكن من تشكيل الحكومة ولن تكون صعبة ". 
وبين أن "ترشيح شخصية متفق عليها من قبل المكون الشيعي -المعني الرئيس بالترشيح- نتج عن المشاورات بين الكتل داخل المكون، والنتيجة كانت ترشيح شخصية متفق عليها، وهي بادرة قوة ودعم لتشكيل حكومة قوية وقادرة على تخطي الأزمات وبدعم من كل المكونات، التي أبدت تأييدها لشخصية رئيس الوزراء المكلف".
 
ائتلافا النصر والوطنية
وأصدر ائتلاف النصر، بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، بياناً بشأن تكليف رئيس جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمي برئاسة الوزراء، وقال بيان للائتلاف تلقته "الصباح": "يؤكد ائتلاف النصر مجدداً حرصه في التوصل إلى تفاهمات وتوافقات وطنية لتسهيل مسارات تشكيل حكومة جديدة بعيداً عن أي وصاية خارجية لتحقيق طموحات المواطن العراقي، حيث كانت كل مشاركات الائتلاف بالحوارات تأتي للتأكيد على المسارات الصحيحة لحل الازمة وايجاد سبل تشكيل حكومة ناجحة تحظى بدعم الشعب العراقي في ظل الظروف الصعبة المحلية والدولية الحالية".
وتابع بيان النصر: "وفي الوقت الذي يثمن ائتلاف النصر الموقف الوطني لعدنان الزرفي وايثاره وتغليبه لمصلحة البلد ووحدة الموقف وادراكه لما يمر به البلد من تحديات تتطلب المزيد من التلاحم الوطني، فإننا نتمنى للمكلف الجديد مصطفى الكاظمي النجاح والمضي قدماً في إكمال منهاجه الحكومي وتشكيلته الوزراية للتصويت عليها في البرلمان العراقي، مع ثقته بأن الكاظمي سيخطو باتجاه العمل للتخفيف من واقع الأزمات المالية والصحية والجماهيرية واجراء انتخابات حرة ونزيهة".
بدوره، قال رئيس ائتلاف الوطنية اياد علاوي في تغريدة على "تويتر": "أدعو المكلف الى إشراك الاتحادات والنقابات والمتظاهرين السلميين ومن الواجب والضروري على القوى السياسية تسهيل مهمته".
 
موقف سائرون واعتذار الزرفي
كما وجه رئيس تحالف سائرون في محافظة ديالى، برهان المعموري، رسالة الى الكتل السياسية بشأن تشكيل حكومة رئيس الوزراء المكلف، مصطفى الكاظمي، وقال في تغريدة على منصة "تويتر": إن "اعتذار الزرفي عن تشكيل الحكومة دليل حرصه على مصير البلد، وعلى الكتل السياسية فسح المجال أمام الكاظمي ليختار كابينته الوزارية من دون ضغوط"، وأضاف، أن "المكلف الجديد حظي بموافقة كل الأطراف، وهو أمام تحدٍ ليثبت أنه على قدر المسؤولية، وليترجم ولاءه للوطن بتلبية تطلعات الجماهير، وحل الأزمات المتلاحقة".
وكان رئيس الوزراء المكلف، عدنان الزرفي، قد أعلن يوم امس الخميس اعتذاره الاستمرار بالتكليف، وقال في رسالة الاعتذار التي تلقتها "الصباح": "أقدم اعتذاري أولا لكل من وضع ثقته بنا منتظرا منا تحقيق مايصبو اليه الجميع"، وأضاف، "أشعر بالأسف لما آل اليه التكليف وسط كل الدعم، الذي تكلل به من جموع الخيرين والنشامى من أبناء شعبنا الصابر المحتسب"، وتابع: "رسالتي الوطنية وصلت وهي تحمل بين طياتها مايشرف تأريخي السياسي والمهني".