تفاؤل بتمرير حكومة الكاظمي

الثانية والثالثة 2020/04/11
...

بغداد/ مهند عبد الوهاب
 
عبرتْ الأوساط البرلمانيَّة والسياسيَّة عن تفاؤلها بشأن إمكانيَّة تشكيل الحكومة المقبلة بصورة سريعة ووفق التوقيتات الدستورية بعد الإجماع السياسي الذي رافق تكليف رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، ورغم التصريحات المتفائلة التي عبرت عن أملها بسلاسة تمرير حكومة الكاظمي في مجلس النواب ونيل تشكيلته الثقة؛ إلا أنَّ بعض الخبراء والمحللين في الشأن السياسي حذروا القوى والكتل السياسيَّة في البرلمان من العودة إلى التجاذب في ما بينها أو الصراع على المكاسب والذي يمكن أنْ يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه للبلد بأجمعه.

النائب عن تحالف البناء عبد الأمير المياحي، أكد لـ "الصباح"، أنَّ "إجماع الكتل السياسية على رئيس الوزراء المكلف الجديد؛ يعدُّ خطوة إيجابيَّة ستدعم تشكيل حكومته بشكل سريع من دون اللجوء الى حوارات طويلة".
وأضاف، إنه "لن يجري تشكيل الحكومة وتمريرها، إنْ لم يتم عن طريق التوافق السياسي، ونرى أنه من دون هذه التوافقات فستكون الحكومة فاشلة ولن تمرر، ومن المعقول أنْ يذهب رئيس الوزراء المكلف باتجاه إرضاء الكتل السياسيَّة التي ستقوم بتقديم شخصيات حزبيَّة، ما سيواجه اعتراضات من الشارع، لذلك ستقوم الكتل السياسيَّة بتقديم شخصيات عن طريقها ولكنْ غير منتمية سياسياً".
ولفت المياحي إلى أنَّ "الطريقة التي من الممكن أنْ يعتمدها رئيس الوزراء المكلف، هي أنْ تقوم الكتل السياسيَّة بتقديم ثلاث شخصيات وهو يختار حسب المعايير التي يراها مناسبة لبرنامجه الحكومي، أو تقدم شخصيَّة معينة يتم الاتفاق عليها وغير جدليَّة وتسند لها حقيبة وزاريَّة".
وأضاف أنَّ "اعتماد هذه المعايير في اختيار الكابينة الوزاريَّة؛ سيسرع من تشكيل الحكومة، وتوافق الكتل السياسيَّة على شخصية رئيس الوزراء دليلٌ على الإسراع بتشكيل الحكومة، وهي خطوة إيجابيَّة ومهمة لمواجهة التحديات الاقتصاديَّة والصحية وغيرها، لذلك تعدُّ مساندة وتوافق الكتل السياسيَّة للمكلف بارقة أمل في تشكيل حكومة قوية قادرة على إدارة الدولة والتحديات التي تواجهها".
 
خطوات مهمة
من جانبه، بين النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني طعمة اللهيبي، أنَّ "على رئيس الوزراء المكلف اتخاذ العديد من الخطوات المهمة، لا سيما أنَّ هناك إجماعاً سياسياً على تسميته للمنصب، وهي خطوة إيجابيَّة تصبُّ في صالح انبعاث حكومة جديدة قوية وبتشكيلة وزارية تستطيع أنْ تواجه التحديات". 
وأكد اللهيبي لـ "الصباح"، أنَّ "تسمية رئيس وزراء متفقٍ عليه للمنصب بعد صراعٍ طويل بين الكتل السياسية، تعدُّ خطوة إيجابيَّة وينبغي أنْ تتبعها العديد من الخطوات الأخرى؛ ومنها تقديم برنامج حكومي يتلاءم مع مرحلة عمر الحكومة ومددها الدستورية لحين إجراء الانتخابات المبكرة، ويجب أنْ تعالج الحكومة المقبلة على وجه السرعة الأوضاع الاجتماعية، فضلاً عن دعم الاقتصاد والنأي بالعراق بعيداً عن الصراعات الدوليَّة واعتماد برنامج وخطط دبلوماسيَّة متزنة".
وبين أنه "من الضروري أنْ تكون هناك ستراتيجيَّة توافق بين السلطات التنفيذية والتشريعية لدعم الحكومة في العديد من الجوانب الاقتصادية وتقديم مشاريع بصيغ جديدة تتلاءم مع الوضع العام للبلاد، لا سيما الوضع الاقتصادي المتردي وهبوط أسعار النفط، علاوة على دعم الجهود الصحيَّة ورسم خطط لدعم التعليم". 
ولفت اللهيبي إلى أنَّه "من الضروري على رئيس الوزراء المكلف أنْ يأخذ بنظر الاعتبار حفظ حقوق جميع المكونات العراقية", مشيراً الى أنَّ "الحزب الديمقراطي الكردستاني داعمٌ لأي مرشح تتفق عليه الأطراف السياسيَّة ويراعي حقوق المكونات العراقيَّة وفق الدستور والقانون وبما يضمن تحقيقها على أرض الواقع". 
 
اتفاق معتدل
المحلل السياسي جاسم الغرابي، أفاد في حديثه لـ "الصباح"، بأنه "من المهم أنْ يتخذ رئيس الوزراء المكلف خطوة باتجاه تشكيل الكابينة الوزاريَّة بالاتفاق مع الكتل السياسيَّة باعتدال، ويمكن عبور المرحلة الحرجة التي يعيشها العراق من خلال البرامج والخطط التي تضعها تلك الحكومة لدعم المجتمع". 
وأضاف، إنَّ "الخطوات تبدأ بإعداد قانون الانتخابات وتهيئة الأرضية المناسبة لإجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن، وإعادة هيبة الدولة وفرض القانون في البلاد", مبيناً أنَّ "سرعة تشكيل الحكومة ترسل رسائل اطمئنان للشارع، لا سيما أنَّ العراق يعيش حالة عالميَّة لجائحة فيروس كورونا".
ولفت الغرابي، إلى أنَّ "التحديات الموجودة على أرض الواقع –سواء الاقتصادية منها أو الصحية- تحتاج الى تكاتف الجميع من أجل اجتيازها"، داعياً "الكتل السياسية الى التكاتف وتشكيل حكومة قادرة على اجتياز المرحلة".
 
موقف سائرون
عضو مجلس النواب عن تحالف سائرون غايب العميري، بين أنَّ "موقف التحالف ثابتٌ منذ البداية بعدم عرقلة أو الاعتراض على من يتولى منصب رئيس الوزراء بسبب الأوضاع الاستثنائيَّة التي يمرُّ بها البلد والذي لا يحتاج الى تأزيمه أكثر".
وقال العميري لـ"الصباح": إنَّ "موقف سائرون واضحٌ منذ اللحظة الأولى - وحتى عندما كانت هناك لجنة سباعية- فقد طرحت العديد من الأسماء وكنا موافقين عليها، وحتى عندما طرح الزرفي كنا موافقين، والآن عندما تسلم الكاظمي فإننا لا نمانع من توليه المنصب"، مبيناً أنَّ "البلاد تمر بأزمة ولا نحتاج الى حكومة متأزمة، لذلك يجب أنْ يكون هناك توافق للخروج من هذه الأوضاع".
وأضاف: "هناك الكثير من التحديات التي تواجه البلد؛ أولها وباء كورونا، فضلاً عن الوضع الاقتصادي"، مشيرا الى أنَّ "سائرون أوضح للجميع بأنه مع أي شخصية تكلف ويكون هناك توافق عليها".
موقف سائرون، عبَّرَ عنه أيضاً عضو مجلس النواب سلام الشمري الذي قال في بيان تلقته "الصباح": إنَّ "تحالف سائرون لم يعترض على تسمية المكلف وسنكون داعمين له، ما دام متمسكاً ومنفذاً لتعهداته ومن دون الانصياع للضغوطات السياسيَّة من هنا وهناك".
وأضاف، إنَّ "ما يهمنا كتحالف، هو المضي بتشكيل حكومة جديدة وفق المواصفات التي يطالب بها الشارع بعيداً عن أية إملاءات لا تخدم الواقع الداخلي"، مشدداً على "ضرورة أنْ تعي القوى والكتل السياسية أنَّ أي تأخير بتشكيل الحكومة لا يخدم أحداً، وخاصة بما يتعلق بالدستور ومواده المتعلقة بهذا الملف".
 
رؤية الكرد
الى ذلك، أوضح عضو مجلس النواب عن المكون الكردي جمال كوجر، أنَّ "الكرد موافقون على تنصيب الكاظمي لرئاسة الوزراء، لا سيما أنَّ الأخير كان يشترط موافقة الكرد والسنة تحريرياً قبل تسلمه المنصب".
وقال كوجر لـ"الصباح": إنَّ "البلد يحتاج الى شخصية مثل الكاظمي لأنه شخصية قوية ومن الأسماء المطروحة في الشارع وحصل على موافقة الكتل السياسية، أي أنه حصل على إجماع عراقي، فضلاً عن منصبه على رأس جهاز المخابرات وأنه ملمٌ به وبتفاصيل الساحة العراقية سواء كان سياسياً أو أمنياً أو عسكرياً"، مضيفاً أنه "بحاجة الى خبراء نزيهين لإدارة الملفات وخاصة الاقتصاديَّة"، وأكد أنَّ "الكاظمي آخر ورقة للكتل الشيعية بسبب ما يتمتع به من صفات، فضلاً عن أنه مقبول دولياً".
عضو تحالف القوى العراقية، النائب عبد الخالق العزاوي، أكد أنَّ "حضور قادة كتل وممثلي قوى سياسية عراقيَّة، من أغلب الأطياف الى قصر السلام لمتابعة وقائع تكليف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إشارة الى وجود دعم سياسي للمضي في تشكيل الحكومة، والإسراع بحسم ملف الكابينة الوزاريَّة، خاصة أنَّ البلاد تمر بسلسلة أزمات متعاقبة في الوقت الراهن تتطلب إنهاء 
هذه الملف".
وأضاف، إنَّ "مهمة الكاظمي ليست سهلة في ظل التجاذبات السياسيَّة، والمشكلة تكمن في الجولة المقبلة، وهو تحقيق التوافق السياسي الذي يؤمن تمرير الحكومة تحت قبة مجلس النواب".
وأشار الى أنَّ "عدم التوافق سيضر بالعمليَّة السياسيَّة، ويبعث رسالة سلبيَّة للرأي العام، خاصة بعد اعتذار اثنين من الشخصيات عن تشكيل الحكومة، رغم أنَّ هناك قوى وأطرافاً سياسية كانت داعمة لهما".
وتابع: "نأمل أنْ يؤدي الحضور الكبير في قصر السلام، الى تعجيل ولادة حكومة الكاظمي لإدارة الأوضاع في البلاد، لكنَّ الأمر يبقى مرهوناً بالتوافقات بين القوى السياسيَّة".
 
تحديات الحكمة
بدورها، حددت كتلة الحكمة النيابية ثلاثة تحديات أمام حكومة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، وقال النائب عن الكتلة ستار الجابري لوكالة الأنباء العراقية (واع): إنَّ "الطريق أمام الكاظمي ليست معبدة وإنَّ هناك تحديات ستكون بعد تشكيل الحكومة"، لافتاً إلى أنَّ "هذه التحديات هي الأزمة الصحية والاقتصادية والإعداد للانتخابات المبكرة، فضلاً عن أزمات أخرى".
وأشار الجابري الى أنَّ "الكاظمي سيشكل حكومته في الأسبوعين المقبلين أو أقل، بناءً على الإجماع الوطني الذي يحظى به"، داعياً "جميع الكتل السياسيَّة الى دعم حكومة الكاظمي ومساندتها من أجل النجاح والعبور بالبلد من هذه الأزمات"، وأضاف إنَّ "حضور الكتل السياسيَّة أثناء تكليف رئيس الجمهورية للكاظمي أثلج القلب"، مبيناً أنَّ "هذه المرة الأولى التي تتوافق بها الكتل السياسيَّة على شخصية غير جدلية"، وأكد أنَّ "أعضاء مجلس النواب سيقفون الى جانب المكلف لتمرير حكومته".
 
تحذيرات سياسيَّة
ويرى المتابع للشأن السياسي الباحث رحيم الشمري، أنَّ "المكلف بتشكيل الحكومة الانتقالية المقبلة أمام قضايا سياسيَّة واقتصاديَّة وأمنيَّة صعبة يطالب الشعب العراقي بتحقيقها من أجل بناء دولة قويَّة وتوفير الحياة الكريمة".
وأضاف لـ "الصباح"، إنَّ "مهمة الكاظمي ليست سهلة إطلاقاً، خاصة أنَّ الأطراف السياسيَّة التي أجمعت على الترشيح لديها شروطها، والاحتجاجات في العراق تخرجُ بقوة منذ ستة أشهر وحددت ما يريد الشعب - خاصة طبقة الشباب - من الحكومة، وأثرت التظاهرات واستقالت حكومة عبد المهدي، وكلف رئيس الجمهورية مرشحين اثنين لم يكملا الطريق بتقديم حكومة ناضجة لأسباب معروفة، وهنا النقطة المحوريَّة بين التوازن الجماهيري والسياسي".
وأكد الشمري، أنَّ "المسافات باتت بعيدة جداً بين السلطة والشعب، والخطوات التي يجب أنْ يتخذها المكلف بأنْ يكون خادماً للشعب - كما ذكر الكاظمي عند تسلم المرسوم الجمهوري للتكليف - ويحتاج العراق لاستثمار موارده الاقتصاديَّة والنهوض بالإمكانيات، ووقف الفساد والتجاوز على القانون وفوض سلطة الدولة لا غيرها وإنهاء حمل السلاح من قبل جهات متنفذة، والأهم العامل الاقتصادي بوضع حدٍ لانتشار الفقر والبطالة وأزمة السكن، ووقف التدخلات الخارجيَّة".
وأضاف، إنَّ "الاختيار سيكون قاسياً، فإما أنْ تمضي الحكومة وتنال ثقة البرلمان، أو لا تستطيع حسب سياسة التفاهم للمكلف، أو ستعود التظاهرات والاحتجاجات الشعبيَّة بقوة بعد أنْ توقفت بسبب الوباء والحظر، والجميع يعلم أنَّ أزمات العراق في تفاقم الفقر والبطالة والسكن والفساد والتراجع الاقتصادي، فإما الكل والشعب يقف مع المكلف، أو الطريق الآخر بأنَّ إرادة الشعوب تتحقق في قرار فاصل".
بدوره، أكد عضو مجلس النواب السابق محمد سعدون الصيهود أنَّ "تكليف الكاظمي يمثل العودة الى الخطوات الدستوريَّة والقانونيَّة بتكليف المرشح من قبل الكتلة النيابيَّة الأكبر".
وأوضح الصيهود في بيان تلقته "الصباح"، أنَّ "الشيء المهم في تكليف مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء هي العودة الى الخطوات الدستوريَّة التي تجاوزناها في تكليف عبد المهدي وتوفيق علاوي والزرفي، ما أدى الى انهيار حكومة عبد المهدي وعدم تمرير توفيق علاوي والزرفي بغض النظر عن الشخصيات المكلفة".
وأضاف إنه "لو تم الابقاء على تمرير الزرفي لبدأ عرف جديد وانقلاب ناعم على الدستور والخطوات الدستورية، ولكانت صلاحيات جديدة غير دستورية تمنح الى رئيس الجمهورية الذي لا يملك الصلاحية في ترشيح أية شخصية لرئاسة الوزراء إنما يكلف المرشح من قبل الكتلة البرلمانية الأكبر والتي تفرزها الانتخابات أو الائتلافات ما بعد الانتخابات؛ وهذا ما تحقق بتكليف الكاظمي الذي رشح من قبل الكتل السياسية الشيعية التي هي الكتلة الاكبر".
 
موقف أميركي
وفي أول موقف أميركي من تكليف الكاظمي، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، للصحافيين: إن الكاظمي "أثبت في وظائفه السابقة أنّه وطني وشخص كفوء"، معرباً عن أمله في أنْ يتمكن سريعاً من تشكيل حكومة 
"قوية ومستقلّة".