طواحين ضياء جبيلي تدور في البصرة

ثقافة 2018/12/29
...

البصرة/ صفاء ذياب
 
احتفى التجمع الثقافي العراقي في مدينة البصرة بالروائي والقاص ضياء جبيلي بمناسبة حصوله على جائزة (الملتقى) في دولة الكويت، هذه الجائزة التي تعد الآن بوكر القصة القصيرة العربية، بعد أن رسّخت وجودها بانتهاء الدورة الثالثة، فقد حصل على الجائزة في دورتها الأولى القاص الفلسطيني مازن معروف، والثانية القاصة السورية شهلا العجيلي، لكن العراق خطف جائزة الدورة الثالثة (دورة إسماعيل فهد إسماعيل)  بمجموعة ضياء جبيلي (لا طواحين هواء في البصرة) الصادرة عن دار سطور العراقية. 
وقد ترأس لجنة هذا العام الأكاديمية والناقدة الكويتية الدكتورة سعاد العنزي وضمت أربعة أعضاء هم الدكتور نجم عبد الله كاظم من العراق، والدكتور عبد الدائم السلامي من تونس، والناقد محمد العباس من السعودية والروائي أمير تاج السر من السودان.
 
ماذا نفعل بدون كالفينو
في افتتاح الجلسة، كان لضياء جبيلي شهادة عن تجربته في الكتابة الإبداعية عموماً، والقصصية على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن عنوان المجموعة مأخوذ من قصة سابقة له منشورة في مجموعته القصصية الثانية (ماذا نفعل بدون كالفينو)، وكأنه يريد أن يربط بين مجموعاته القصصية، مضيفاً "بعض الكتاب يكذبون. هذا ما اعتدنا عليه، ونلمسه دائماً في مذكراتهم الشخصية وشهاداتهم على أعمالهم التي يضيفون عليها من أخيلتهم، ما تجعلها مشوّقة ومختلفة، وخصوصاً يوسا، وماركيز، ونيرودا 
وآخرين. 
لهذا سأحاول تلافي هذا النوع من الكذب الذي لا يصلح إلا للقصص والروايات، وأعني به الخيال، وفي النهاية، نحن نستخدم التخييل لنخلق القصص، ونجمّل الكذب للتعبير عن واقعنا، ولكي نجعل حياة الناس أقل اغتراباً في ظل هيمنة التكنولوجيا التي تعمل على إذابة الكائن البشري واختفائه، على حد تعبير بيري 
ساندرز".
وصرّح جبيلي بأنه تعلّم من كتّاب كثيرين، فقد تعلم من ديستويفسكي المطاولة والمثابرة، ومن بروست الصبر على الشخصيات، ومن همنغواي التكثيف، ومن كونديرا إهمال القشرة واهتمام بالجوهر، ومن ماركيز الكذب، مختتماً حديثه بأنه تعلّم من مئات الكتّاب لينتج رواياته وقصصة، وليعيد بناء شخصيته أيضاً.
 
المؤرشف
أما القاص محمد خضير فقد اشار في حديثه عن المجموعة إلى أن ضياء جبيلي ولد من ورح الورشة السردية التي أقيمت في مدينة البصرة في العام 2005، وهي الورشة التي أنتج من خلالها روايته (لعنة ماركيز) التي حصل من خلالها على جائزة الشارقة للإبداع الشبابي في العام 2007، فكان جبيلي خير من مثّل الورشة والكوكبة التي ضمّتها.
أما مجموعته (لا طواحين هواء في البصرة)، فقد كانت نموذجاً جديداً على كتاباته، هذه المجموعة ضمّت 75 قصة قصيرة وصدرت بـ176 صفحة. 
اختلفت القصص من حيث الطول والموضوع، بين القصة القصيرة جداً والقصة التي تجاوزت الصفحتين والثلاث صفحات، غير أن جبيلي كان له رأي آخر في تبويب المجموعة، فقد قسّمها إلى عدّة أقسام، مثل حرب، وحب، ونساء، وشعراء، وغيره ذلك من الأقسام، وربما هذه الأقسام أعطت للمجموعة جمالية أخرى وبنية مكّنتها من أن تكون أكثر اتزاناً. 
وتساءل خضير عن زمن هذا التقسيم، فهل وضع الكاتب التقسيم قبل الشروع بكتابة القصص، لأنه إن فعل ذلك فهذا يعني على خطّـه المسبقّة للمجموعة، وبهذا يعطيها بعداً تقنياً صارماً، لينتج كتاباً قصصياً مبوباً تبويباً دقيقاً. 
أو أن الكاتب شرع بهذا التقسيم بعد أن أكمل كتابة القصص، وكان تقسيمه بالدرجة الأولى موضوعاتياً، فجمع قصص الحب لتكون في باب الحب، وقصص النساء لتكون في باب نساء، وهكذا، حتى وصل إلى قصص من الصعب إدراجها في باب ما، فجمعها في باب جديد وضعها في آخر المجموعة أسماع (متفرقات). وعندما ندرك القيمة التبويبية لهذه المجموعة؛ إن كانت قبل كتابة المجموعة أو بعد الانتهاء منها، قد جعلها عملاً أدبياً متكاملاً، والحق أنه من أفضل الأعمال السردية بسبب التبويب والأرشفة. وفي هذا التبويب سيمارس القاص أكثر من دور، مرة يلعب دور ساعي بريد ينقل رسائل الحب، كما في قصتي (إرث) و(رسائل)، أو طائر محلّق فوق خرائب الحروب كما في قصتي (الطيران) 
و(المملحة). 
ويخلص خضير إلى أن ما يميز مجموعة جبيلي هذه خواتيم القصص، وأسلوب النهايات المفاجئة أو المفارقة. وفي هذه المجموعة من أهم ما فيها كان أسس بناء النهاية، وأغلب هذه النهايات جاءت أشبه بالحكمة. ومن ثمَّ اختلفت قصص المجموعة في قيمتها الفنية، فهناك قصص ليس لها أية قيمة سردية، في حين جاءت قصص أخرى فيها ابتكار كبير، واستثناء واسع، فضلاً عن صعوبة في بنائها، مثل قصة (الجُعل) و(المسماري).