ومضات من حياة وسيرة الشهيد الصدر {قدس»

الثانية والثالثة 2020/06/27
...

 
بغداد / الصباح
 
ولدَ السيد الشهيد الصدر الثاني "قدس" في مدينة الكاظمية المقدسة سنة 1943، ونسبه الشريف هو كالتالي: سيد محمد بن محمد صادق بن محمد مهدي بن إسماعيل بن محمد صدر الدين بن صالح بن محمد بن إبراهيم شرف الدين بن زين العابدين بن علي نور الدين بن الحسين عز الدين بن محمد بن الحسين بن علي بن محمد بن تاج الدين أبي الحسن عباس بن محمد شمس الدين بن عبد الله جلال الدين بن احمد بن حمزة الأصغر أبي الفوارس بن أبي محمد سعد الله بن أبي احمد حمزة الأكبر بن السيد أبي السعادات محمد بن أبي محمد عبد الله بن أبي الحرث محمد بن أبي الحسن علي المعروف بابن الديلمية بن أبي طاهر عبد الله بن أبي الحسن محمد المحدث بن أبي الطيب طاهر بن الحسين القطعي بن موسى أبي سبحة بن إبراهيم الأصغر المرتضى بن الامام موسى الكاظم بن الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام علي السجاد بن الامام الحسين بن الامام علي بن ابي طالب (عليهم السلام) .
كانت ولادته في الـ  17 / ربيع الأول/  1362هج ـ الموافق لـ 23 آذار 1943 في يوم المولد النبوي، في سنة 1373 هـ ـ 1954 م ارتدى السيد محمد الصدر العمامة وهو ابن احدى عشرة سنة حيث تم تتويجه بتاج آبائه الصالحين، مبتدئا بدراسة النحو وبعض العلوم الأخرى على يد والده الحجة السيد محمد صادق الصدر، ثم على يد استاذه الشيخ حسن طراد العاملي (احد علماء الدين في لبنان) ثم أكمل بقية المقدمات على يد استاذه السيد محمد تقي الحكيم واستاذه  الشيخ محمد تقي الايرواني.
في سنة (1376هـ ـ1957م) دخل السيد الشهيد في كلية منتدى النشر(كلية الفقه حاليا) دارسا على يد المع أساتذتها، وتخرج السيد محمد الصدر من كلية الفقه سنة (1381هج ـ 1962م) ضمن الدفعة الأولى من خريجي كلية الفقه ولم تحتسب الدراسة في السنة الأولى (1957) لأن الاعتراف الرسمي من قبل الدولة بهذه الكلية حصل في عام 1958 لذا اعتبر هذا العام هو المرحلة الأولى للدراسة، وفي سنة (1381هج ـ 1962م) دخل السيد محمد الصدر مرحلة السطوح العليا (الحوزوية) حيث درس لدى أستاذه السيد الشهيد محمد باقر الصدر والشيخ صدر البادكوبي، ليكمل مرحلة البحث الخارج على يد استاذه الشهيد الصدر الأول والمراجع الراحلين السيد أبو القاسم الخوئي والسيد الخميني والسيد محسن الحكيم، لينال درجة الاجتهاد في عام 1977، وواصل تدريسه في البحث الخارج لطلبة الحوزة حتى اندلاع الانتفاضة الشعبانية 1991.
ترك الشهيد الصدر مجموعة مؤلفات وآثار نفيسة في الفقه والفقه المقارن والأصول والحديث والأدب والفلسفة وعلم النفس والتفسير وروايات أهل البيت، ولعل أبرزها "الموسوعة المهدوية" التي قدم لها أستاذه الشهيد الصدر الأول.
بعد الفراغ المرجعي الذي عانته حوزة النجف عقب قمع الانتفاضة الشعبانية وبعدها وفاة المرجع الخوئي بداية تسعينيات القرن الماضي؛ قادت مرجعية السيد الشهيد محمد الصدر الجماهير من داخل الجماهير ولم تكن مرجعية محجمة ومنغلقة على نفسها لا تعلم ما يجري في المجتمع أو أنها تعلم بما ينقله بعض رجالها فقط سواء كان هذا النقل صحيحا أم سقيما، وهذا الذي جعل القواعد الشعبية في العراق تهب للالتفاف حول السيد الشهيد لأنها وجدت مرجعية تعيش آلامها ومحنها، وتعلمهم أن المرجع والقائد الاسلامي (ما هو الا خادم للإسلام والمسلمين وهو العبد المتواضع الذليل في محضر رب العالمين وان أفضل الناس عنده هو أعلاهم بالعلم والأدب وان أكرم الناس عنده اتقاهم وان المرجع والقائد الاسلامي هو الذي ينهى الناس عن الرذائل بعد أن تخلى عنها والمشجع على الفضائل بعد أن تحلى بها وهو الذي يحيي في الناس السنن ويميت البدع، ويشحن في القلوب الشجاعة ويميت فيها الهوان الذي عشش عليها نتيجة الظلم والجور لسنوات عديدة من قبل الطواغيت 
وأعوانهم).
تصدى الشهيد للمرجعية الدينية وسعى للحفاظ على الحوزة العلمية في النجف وقام بخطوات كبيرة في هذا المجال وفقاً لما تتطلبه الساحة الفكرية والحياة العصرية وقام بإرسال العلماء إلى جميع أنحاء العراق لممارسة مهامهم التبليغية وتلبية حاجات المجتمع وأقام صلاة الجمعة وأمها بنفسه في مسجد الكوفة في النجف، وتعميم اقامتها بمدن العراق الأخرى رغم منعها في ذلك الوقت مما ولد لدى النظام الحاكم في العراق الذي كان يرأسه الطاغية المقبور صدام خوفاً من خطر مباشر على مستقبله، حيث كان الشهيد السيد الصدر قد شارك سابقاً في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 كقائد لها لبضعة أيام لكن سرعان ماتم اعتقاله من قبل عناصر من الامن.
وبسبب دعواته الإصلاحية وجرأته أصبح السيد الصدر مصدر إلهام روحي لأغلب العراقيين لاسيما الشباب، الأمر الذي جعل النظام البعثي يشعر بخطورة السيد الصدر على بقائه، فأقدمت الأجهزة القمعية التابعة لدوائر الأمن باغتيال هذا العالم الرباني الكبير الذي وضع بصمة في ضمير الأمة ونقش على جبينها كلماته الثلاث المشهورة ( كلا كلا أميركا.. كلا كلا إسرائيل.. كلا كلا للشيطان).
وفي يوم الجمعة الرابع من ذي القعدة الموافق التاسع عشر من شباط عام 1999 تعرض السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر لعملية ملاحقة من قبل سيارة مجهولة بعد خروجه من الصحن الحيدري الشريف باتجاه منزله في منطقة الحنانة برفقة نجليه السيدين الشهيدين مؤمل ومصطفى، فأطلقوا النار على السيارة التي كان يستقلها مع نجليه وسرعان ما اصطدمت العجلة بشجرة قريبة، فترجل المهاجمون من سيارتهم وبدؤوا بإطلاق النار بكثافة على السيد الصدر ونجليه فاستشهد السيد مؤمل فورا، أما السيد محمد محمد صادق الصدر فقد تلقى جسده الطاهر رصاصات عدة، ولكنه بقي على قيد الحياة، وعند نقله إلى المستشفى تم قتله برصاصة بالرأس من قبل أزلام النظام المباد، أما السيد مصطفى فأصيب بجروح ونقل إلى المستشفى من قبل الأهالي وتوفي هناك متأثراً بجراحه.
وعلى إثر انتشار خبر استشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر شهدت مناطق جنوب العراق ومدن عديدة في العاصمة بغداد، غضباً شعبياً عارماً عرف بانتفاضة الصدر 1999 والتي قاومها النظام البعثي وأجهزته بالقتل والاعتقالات 
والمطاردات.