العراقيون يحيون ذكرى استشهاد الصدر الثاني {قدس}

الثانية والثالثة 2020/06/27
...


أحيا العراقيون بجميع طوائفهم وقومياتهم وتوجهاتهم أمس الجمعة، الذكرى السنوية لاستشهاد المرجع الديني السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه "قدست أسرارهم" التي وافقت 4 ذي القعدة على يد الطغمة الصدامية المجرمة، إذ أكدت الأوساط السياسية والبرلمانية والنخب الفكرية والاجتماعية، أن مشروع الشهيد الصدر الثاني "قدس" الوحدوي بين أبناء الشعب العراقي مثل جرس إنذار مبكر لما سيحدث لاحقاً من تفرق وتشرذم ومحاولات لغرس الفتنة الطائفية والقومية بين العراقيين، وأنّ شهيد الجمعة السيد الصدر الذي وقف بوجه أعتى دكتاتورية عرفها التاريخ؛ يمثل رمزاً وعنواناً تاريخياً ومعلماً كبيراً في مسيرة شعبنا الصابر الذي اتخذ من خطب وكلمات الشهيد مناراً ونهجاً للحرية والانعتاق من العبودية والظلم.
وقال عضو مجلس شورى التيار الصدري السيد ستار البطاط لـ"الصباح": "نعيشُ هذه الأيامَ ذكرى رجلٍ زرعَ الأملَ في زمنِ اليأس،وزرعَ الحبَّ في زمنِ الكراهية،وزرعَ الوعيَ في زمنِ الجاهلية،وغرسَ الايمانَ في زمنِ الضلالة،وعاشَ لله في كلِ حياته وكلماته وافعاله وحركاته،فسكنَ القلوبَ والعقولَ وكلَ الضمائر الحية والنفوسِ والقلوب النقية والأرواح الزكية فصار حبَها الكبير وعشقَها الجميل وبصرَها المديد وقائدَها النجيب وأملَها الوحيد لأنه قلبٌ وسعي وحديث لله".
وبين البطاط "لزاماً علينا نحن المنتمين إلى هذه المدرسةِ الزكية الندية أن نهتديَ بهديِها ونسيرَ بدربِها،فهي تريد منا عملاً ووعياً وحباً،كونها حققت حلمَ المعصومين فنقلت مجتمعاً من أوحالِ الذنوبِ وأوساخ الرذيلة إلى بستانِ الهدى والفضيلة،فيجب أن نجعلَ الصدرَ الشهيدَ في عملِنا وقولِنا وفعلِنا ليكون كلُ واحدٍ منا (صدراً) من موقعه".
أما عضو مكتب السيد الشهيد، الشيخ صادق الحسناوي، فقد أكد لـ"الصباح" أنّ"الحديث عن السيد الشهيد الصدر (قدس) يرتبط بعدة جوانب مهمة،الأول تصديه للمرجعية عام 1992 بعد أن مر العراق بمرحلة مفصلية تمثلت بالانتفاضة الشعبانية عام 1991 وما تلا ذلك من تداعيات اجتماعية وسياسية أدت بالنتيجة الى ظهور الطائفية بصورة مقيتة على الساحة الاجتماعية،والتي تكمن خطورتها في تحولها من أروقة سياسية الى ثقافة وحديث اجتماعي يهدد النسيج العراقي ووحدة المسلمين".
وأضاف أنّ"السيد الشهيد كانت خطاباته واضحة في التصدي لاصلاح شؤون المسلمين على الاقل في العراق ورأب الصدع وإعادة اللحمة فيما بينهم بما يعزز مكانتهم،ويمنع أي تداعيات اجتماعية خطيرة وهذا جزء من مسؤولية القادة الاسلاميين والزعماء الروحانيين بأن الاسلام مهما تعددت مذاهبه وطوائفه فإنه لايتعدى كونه اجتهادات ضمن اطار الدين الواحد ويستند الى الروايات والنصوص الشرعية الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن الائمة الاطهار (عليهم السلام) والفقهاء بصورة عامة".
وتابع أن "مرجعية السيد الشهيد برزت كمرجعية اسلامية ومعالجته للطائفية لم تكن آنية،وانما منذ عام 1963 عندما وضع خطوطها العامة في كتابه (الطائفية في نظر الاسلام) حيث نبه السيد الشهيد (قدس)على خطورة الطائفية وهي الجماعة السياسية التي تحاول أن تختزل المذهب او الطائفة في مسار سياسي"،مشيراً الى انه "بعد عام 2003 برزت هذه الحالة بشكل واضح وصريح لأن القوى السياسية نحت منحى التخندق الطائفي وتمكنت من أن يكون لها جمهور سياسي بمختلف الطوائف مما ادى الى تدهور بنية الدولة وعودة المجتمع الى جذوره البدائية".
وتمنى الشيخ الحسناوي أن "يأتي الوقت الذي يستثمر فيه المجتمع دماء العلماء المصلحين الذين حاولوا جاهدين رأب الصدع وأن يكون المسلمون في العراق يداً واحدة وقلباً واحداً".
مسؤول لجنة التظاهرات السيد ابراهيم الجابري يقول لـ "الصباح":إنّ"السيد الشهيد عندما جاء في تسعينيات القرن الماضي وقف بكل شجاعة واخلاص وإباء على منبر الكوفة ضد الظلم والجور والفساد ضد سياسات النظام السابق الاجرامية والجوع والحرمان الذي عانى منه ابناء الشعب، وتحدث عن ازمة الكهرباء والسجناء والمعتقلين وغيرهم،في محاكاة لمعاناة ابناء الشعب،حتى الانسانية منها ،ودعاهم لله سبحانه وتعالى والصلاة جماعة خلف اخوتهم من السنة".
وأضاف "أننا اليوم بحاجة الى شخصية مخلصة تدعو الناس الى الله"،مبيناً ان "هذه الشخصية لو كانت موجودة لما حل علينا هذا البلاء والوباء، ونحن بحاجة الى وحدة الصف التي افتقدناها بسبب السياسيين،بعد ان تبجحوا بأنهم مسؤولون عن هذه الجهة اوتلك،في حين ان الديانات والمذاهب جميعها تزول في حال اصطفت الى جانب السياسة".
وأكد أن "سماحة السيد (رض) أراد أن يكون منصفا مع الجميع وان يقول إن النظام الهدام قد سجن وأجرم بجميع طوائف وقوميات الشعب العراقي وجميعهم عاشوا ايام المحنة،في حين أن من وقف امام جميع هذه المعاناة فقط السيد الشهيد (قدس) بكفنه الابيض عندما قال (كلا كلا اميركا،كلا كلا اسرائيل،كلا كلا للشيطان)".
بدوره ذكر عضو البرلمان رياض المسعودي أنّ"السيد الصدر كان نموذجا للتحول الحقيقي في الساحة العراقية وكان عنواناً للمتغيرات التي حدثت في البلد"، مبينا انه "خلق قادة من رجال الدين في جميع مناطق العراق لايصال فكرة الاسلام الحقيقية المعتدل بشكل متواصل".
وقال المسعودي لـ"الصباح":"لاشك ان السيد الشهيد الصدر كان تحولاً تاريخياً في تاريخ العراق الحديث والمعاصر والجانب العقائدي والاجتماعي وفي جميع مناحي الحديث، كان ثورة ضد الظلم والفساد وعنوانا لوحدة العراق وكان خطابا معتدلا وقائدا حقيقيا وممثلا عن جميع اطياف الشعب"، مبينا ان "السيد الصدر كان منتبها الى ما تعانيه الامة من ظلم النظام البعثي".
عضو مجلس النواب سعران الاعاجيبي، بين أن" شهادة الصدر كانت من اجل توحيد الصفوف وتوحيد كلمة العراقيين جميعا وهي منار لنا ولتاريخ العراق", مشيرا الى ان "تضحيات السيد الصدر كانت جليلة وكبيرة في تحقيق وحدة العراق والقضاء على الطاغوت والدكتاتورية".
وقال الاعاجيبي لـ" الصباح": إن "تاريخ الاستشهاد يجب أن يكون عنوانا مميزا في تاريخ العراق، لذلك على كل القوى السياسية ان تنظر الى هذا التاريخ على انه البداية الجديدة لصنع حضارة جديدة تنطلق من العراق بيد كل الاحرار".
وتابع ان "الشهيد الصدر تحدى الطغاة من أجل تحرير كلمة الحق لكل العراقيين ولم يقف عند طائفة او مذهب وانما ضحى من أجل العراق والعراقيين جميعا وفي سبيل ان يتخلص العراق من الطغيان والدكتاتورية، لذلك علينا أن نتخذ من هذه التضحيات عبرة في تحقيق الانتصار العراقي على كل التحديات".
من جانبه، أوضح عضو البرلمان سعد مايع ان "تاريخ استشهاد السيد الصدر شكل علامة  مهمة وكبيرة في تاريخ العراق وحياة العراقيين وقد كانت  تضحياته ملهمة لكل العراقيين، وعليه فإن هذه الذكرى يجب ان تكون دليلا مهما لبناء الدولة والتضحية من اجل وحدة العراق وشعبه من الشمال الى الجنوب".
وقال مايع لـ" الصباح":إنّ"اللسان يكاد يعجز عن وصف مسيرة الشهيد الصدر لانه فكر لا يمكن الاستغناء عنه، وعلى الجميع أن يعمل على طريقه ومنهجه فإن تضحيته أسست لبناء دولة موحدة قوية تتحقق فيها كل أنواع العدالة والعيش الكريم والرفاهية للمجتمع وتحقيق كل الطموحات في التربية والتعليم والصحة والسكن والعمل"، مؤكدا أنّ"مبادئ السيد الشهيد التي ضحى من أجلها ستبقى لتنير درب العراقيين وتحررهم من الفساد الى تحقيق كل المطالب المشروعة للشعب".
الى ذلك، اشار عضو مجلس النواب طعمة اللهيبي الى أن "الشهيد الصدر لم يحرر البلاد من ظلم الجائرين فقط؛ بل حرر النفوس من ظلمات الجهل".
وقال اللهيبي لـ "الصباح": إن "التضحيات المهمة يجب أن تكون عبراً ودروسا للجميع، ولأجلها يجب أن يتحرك الكل لبناء الدولة، وإننا اليوم في أشد الظروف التي نحتاج بها إلى قادة لإخراج البلاد من الظلمات التي تمر بها".
وقال النائب المستقل محمد شياع السوداني لـ "الصباح": إنه "باستقراء تاريخ الشهيد الصدر فإننا ننطلق من زاويتين اولاهما عندما خط تاريخه بحبر على ورق من خلال مؤلفاته الكبيرة التي اثرت المكتبة الاسلامية جمعاء، واخرى عندما خط تاريخه بقطرات دمه ودماء ابنائه فداء للوطن ولإعلاء كلمة الاحرار في العراق".
وأشار الى أن "البطولة التي أبداها الشهيد الصدر أصبحت خارطة طريق لكل الاحرار حين كسر قيود العبودية وتصدى لكل قوى الشر والطاغوت"، وأكد أن "من أهم الأهداف التي ضحى لأجلها الشهيد الصدر، كانت الوقوف ضد الطغيان والدكتاتورية واسترداد حرية  الشعب العراقي وكرامته، وإن وقوفه ضد الطاغوت، كان بمثابة الصرخة المدوية لتحرير وتوحيد الشعب والأمة وإعلاء كلمة الحق".
من جانبه، بين النائب عن تحالف سائرون جواد حمدان أن "استذكارنا ليوم استشهاد محمد محمد صادق الصدر، هو احياء لذكرى الثورة الاسلامية ضد الطغاة والدكتاتورية".
وأكد لـ"الصباح" أن "استشهاد الصدر يعد انبثاق ثورة واحياء لمعاني الحرية للشعب العراقي الماثلة أمام العالم أجمع ودعوة للتحرر من الطغاة والدكتاتورية المقيتة التي تكبل الشعوب وتريد أن تستعبدها".
بدوره أوضح النائب عن تحالف سائرون عباس عليوي أن "الشهيد الصدر ترك إرثاً كبيراً للتاريخ الانساني، وقد اعطى للشعب العراقي نموذجا رائعا للوحدة الوطنية بين كل أطيافه، ولم يكن يسعى لطائفة واحدة وانما لكل العراقيين".
وبين لـ "الصباح" أن "الشهيد الصدر وحد العراقيين من أجل الارتقاء بواقعهم ضد الدكتاتورية والطائفية، وكان من أهدافه التآخي بين المذاهب  في العراق من أجل ارسال رسائل الى الدكتاتورية انها لن تستطيع أن تفرق أبناء الوطن الواحد ولن تستطيع أن تمزق وحدة صفهم".
ويرى النائب ممثل الصابئة المندائية نوفل الناشئ في حديثه لـ "الصباح"، أن "كل الاسس والمقومات لبناء الدولة وضعها الشهيد الصدر بمقاومته للدكتاتورية، لذلك على الجميع العمل بهذه الخطط الانسانية أولاً والعقائدية ثانيا في بناء دولة الانسان التي يجب أن تخرج من هذا البلد وتعمم ركائزها على كل العالم".
وأضاف أن "العبرة في تحقيق أهداف الشهيد الصدر تتحقق بالافعال لابالأقوال، وعلى المتصدين للعملية السياسية ومن هم في موقع المسؤولية أن يتأملوا جيدا مواقف الشهيد الصدر وأن يعتبروا منها", مبيناًأن "على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية أمام هذه التضحيات الكبيرة وأمام الشعب، وتحقق كل المطالب التي من شأنها أن ترفع من قيمة الانسان العراقي وتحقق مطالبه في العمل والسكن والعيش الكريم".