رضا المحمداوي
1 - إجازة من الموت
أنزلت الحزنَ القديمَ المُعّلقَ
على لافتةِ العزاء
وَنَفَخَت الروحَ
في ملابسِ زوجِها العسكرية
... أعدّتْ عشاءً شهياً
طَبَختهُ على نارِ الاشتياق
... عَطّرَت البيتَ بعطرِ رجولتِهِ
وأشعلت البخورَ
في غرفةِ نومِها
وأبدلتْ أسمالَ حدادِها
ببياض الانتظار
وَدَعَتْهُ أنْ يأخذَ إجازةً قصيرةً
من الموت
ويعودَ إليها عاشقاً
فقد أمسَت الليلةَ عاشقةً
مُصابةً بحمى الحنين
2 - بقايا سراب
كعادتِها ...
في كلِّ ليلةِ خميس
تُشعلُ المرأةُ الوحيدةُ
حطبَ تنورِها القديم
المُبَلّل بالدموع
لتعدَّ (خبزَ العَبَّاس)
بوصفةٍ تَعَلَّمَتْها مِن دورةِ العذابْ
تخلطُ طحينَ أيامِها المسحوقة
بما تبقّى لديها
من ماءِ الانتظار
ليصبحَ عجينةَ صبرٍ
خميرتُها الوحشةُ المُعَّتقةُ
في بيتِ الغيابْ
تفي بنذرِها مُلتاعةً
وعيناها ترنوانِ إلى وجهِ الله
تُوزّعُ معَ الخبزِ الساخنِ
حرارةَ لهفتِها وحنينِها
وهي تطرقُ الأبوابْ
وتسألُ الجيرانَ
أنْ يدعوا معها
كي يعودَ
ذلك الرجل المفقود
... تدورُ على البيوت
... تدورُ على نفسِها
.. تدورُ مع دورةِ الانتظار
وترجعُ لتجلسَ متكورةً
على نفسِها..
من ألمٍ
.. في باحةِ الدار
عِندَ تنورها ...
حيث مازالتْ نارُهُ مُستعرةً
وكأنّ الذي كانَ محضُ وهمٍ عابرٍ
أو بقايا سرابْ
... ترقبُ الخطى وهي تدنو
وترقبُ الخطى وهي تنأى
تضطربُ دقاتُ قلبِها
وتتقطّعُ أنفاسُها اللاهثة
معَ كلِّ خَطوةٍ
وتفزُّ روحُها
معَ كلِّ نأمةٍ
لكن .....
لا خَبَرٌ يأتي
ولا زائرٌ يطرقُ البابْ
3 - عندَ الباب
منذ شهورْ ....
وهي تنتظرُ عِندَ الباب
عسى أنْ يمرَّ حبيبُها
..الأسمرُ .. الوقورْ
لكنهُ طوالَ شهورِ انتظارِها
ظلَّ واقفاً ...
في بدايةِ الزقاق
لأن لافتةَ الحزنِ السوداء
التي تحملُ اسمَهُ
تمنعهُ من المرورْ