نشعر في كثير من الأحيان بتغير عادات نومنا، واستنزاف طاقتنا وبالخمول والإنهاك، وكلها علامات تدل على أننا في طريقنا إلى الاحتراق النفسي، بسبب الإجهاد الذي نتعرض له في حياتنا العملية، والضغط المستمر لوقت طويل، ما يفقد قدرتنا على المواصلة، ويضعف من إنتاجيتنا، فنصاب بالكسل والعجز، وانطفاء شعلة الحماس، ويؤثر ذلك أيضا في علاقاتنا الاجتماعية وصحتنا، ويجهل معظمنا هذا النوع من الاحتراق، لذلك نعده ضغطا نفسيا سيزول، وفي الحقيقة إذا كان ضغطا، فسنشعر بالتحسن بعد أن نتمكن من السيطرة على زمام الأمور، ولكن إن كنا غارقين بالمسؤوليات، ونؤدي مهام تفوق طاقاتنا، ونحظى بتقدير غير منصف، ولم نحصل على الترقية والدعم، فنحن مقيدون بسلاسل الاحتراق.
ولا يتعلق الاحتراق دوما بالعمل، بل يؤدي كذلك أسلوب حياتنا، وسمات شخصيتنا له، بالإضافة إلى الملل والروتين اليومي غير المتجدد، والبيئة غير الملائمة لطموحاتنا، كذلك ساعات النوم المتأخرة، وشعورنا بالفراغ، وانعدام التواصل، وقلة علاقاتنا الودية مع الآخرين، والإحساس بعدم الارتياح، وتفضيل العزلة، وهروبنا من تحمل المسؤولية، والإصابة بالإحباط، ونظرنا إلى المستقبل بنظرة التشاؤم، وعدم التأقلم وصعوبات في التركيز.
وقد يؤدي لمعاناة جسدية، كالإصابة بآلام العضلات، والظهر، والصداع وخفقان القلب، ومشكلات في الجهاز الهضمي والمعدة، وارتفاع ضغط الدم، وإذا وصل إلى درجة مرتفعة من الممكن أن
يؤثر في سلامتنا، ويمكن أن يزداد ذلك الاضطراب النفسي مع كثرة الخلافات الأسرية، وتدهور الأمور الاقتصادية والمالية، والمشكلات العاطفية، أو فقدان أشخاص مقربين منا، وقلة الوقت الذي يقضيه الفرد مع أسرته، والاكتئاب وفقدان الإحساس بمتعة الحياة.
تؤكد الدراسات ان الاحتراق أصبح وباء بسبب شيوعه في عصرنا الحالي، ونتيجة لزيادة وسائل الاتصال، وتسهم الطرق السليمة في القضاء على الاحتراق النفسي، أو التخفيف من حدته عن طريق طلب المساعدة، واستشارة المختصين، والخبراء في هذا الجانب، وتجنب الارهاق والعمل لساعات طويلة، والتركيز على المهام فقط، ومناقشة مديرك حول المشكلات التي تواجهك، والبحث عن الحلول والبدائل، وتنظيم ساعات العمل، واخذ قسط من الراحة، كذلك تغيير نمط الحياة بممارسة الرياضة، والهوايات الممتعة، وقضاء وقت مع الأصدقاء، وتحديد يوم من كل أسبوع للترفيه والتنزه.