أوردت جريدة "الصباح" المغربية أن المغرب قد يكون سحب قواته من حرب اليمن تحسبا لتوتر في الصحراء الغربية، ما يتطلب وجود القوات المغربية خوفا من اندلاع مواجهات مع قوات جبهة البوليزاريو. فيما ألمحت نفس الجريدة وهي المقربة من السلطات المغربية "الى تراجع المواجهات في اليمن واحتمال وقف نهائي للحرب وفسح المجال للمفاوضات". وتحدثت وسائل اعلام أخرى عن توترات دبلوماسية بين البلدين على اثر تصريحات لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قال فيها، إن مشاركة المغرب في حرب اليمن "تغيرت" انطلاقا من تقييمها للتطورات على أرض الواقع، خصوصا الجانب الإنساني. تلاها رفض المغرب استقبال ولي العهد السعودي، وسط إدانة دولية لمقتل الصحفي جمال خاشقجي. أعقبها عرض فيلم وثائقي عن الصحراء الغربية المتنازع عليها عبر قناة العربية، دعم المزاعم بأن المغرب قام بغزوها بعد أن غادر المستعمرون الإسبان في عام 1975، فيما يعد المغرب الصحراء الغربية جزءا أصيلا من أرضه. وعلى اثر ذلك استدعى المغرب سفيره في السعودية. من جانب آخر وبحسب مصادر مغربية إعلامية، فإن الخطوة التي أقدمت عليها المغرب تأتي بالتزامن مع ما نشرته وكالة "سبوتنيك" الروسية من أن المغرب قد ينسحب من التحالف السعودي ضد اليمن بسبب صراع بين الرباط والرياض على خلفية اعتراض الأخيرة على تقدم الرباط لاستضافة مونديال كأس العالم لكرة القدم 2026، وهو ما أكدته أيضاً قناة "فرانس 24".
وهذا التباين فيما ورد من أسباب بشأن الانسحاب لا ينسجم مع الدوافع الستراتيجية التي وقفت وراء مشاركة المغرب في التحالف السعودي، فمنذ ثمانينات القرن الماضي كانت السعودية تقدم دعما ماليا للمغرب، فضلا عن مساعدتها فى أوج الحرب بينها وبين البوليساريو، وبحسب صندوق النقد الدولي فإن المغرب تلقى هبات من السعودية وصلت إلى 488 مليون دولار في الفترة من 2011-2014 بهدف كسب مواقفها السياسية، وغالبا ما تعول المغرب على السعودية في لعب دور كبير لمساعدتها للحيلولة دون قيام أعضاء مجلس الأمن باتخاذ قرار يمس السيادة المغربية على اعتبار السعودية عضوا مهما في سوق النفط وفي مجموعة العشرين، فضلا عن قطع العلاقات بين المغرب وايران، بما ينسجم مع هدف السعودية في التصدي للدور الايراني في المنطقة. وعلى هذا فإن انسحاب المغرب من التحالف السعودي يلفه الغموض، ما يرجح وجود ارادات ضاغطة أقوى من حجم التحالف المغربي السعودي وراء هذا القرار بالتزامن مع التصعيد الأميركي باتجاه اخضاع القرار السعودي لبرنامج الاصلاحات التي فرضتها ادارة ترمب على العائلة الحاكمة السعودية، والذي واجه رفضا من الملك سلمان في أولى خطواتها الاقتصادية بشأن خصخصة 10 بالمئة من اسهم شركة النفط السعودية أرامكو، وما ترتب عليه من تصريحات للرئيس ترمب بشأن زوال الحكم السعودي لمجرد رفع الحماية الأميركية وما أعقبها من توظيف لملف مقتل الصحفي خاشقجي الذي أعد ليكون القطرة التي ستفيض الكأس بين واشنطن والرياض ما لم يلتزم الجانب السعودي بمفردات الاصلاح التي فرضتها ادارة ترمب. ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تصعيدا غير مسبوق بشأن ادانة محمد بن سلمان بمقتل خاشقجي، وصولا لاعلان موافقة الملك سلمان على خطوات بيع أرامكو لشركات العولمة. فقد وعد مشرعون أميركيون باتخاذ إجراء أكثر صرامة بحق السعودية، واعطى الكونغرس الجمعة قبل الماضية مهلة للرئيس الأميركي لمدة اسبوع، لتحديد ما إذا كان محمد بن سلمان يقف وراء اغتيال خاشقجــــــــــــــي وهو التوقيت الأخير وعلى ما يبدو لانتزاع الموافقة النهائيــــــــــــة بشأن خصخصة أرامكو، وبخلافه ربما ســــــــــــتشهد الأحــــــــــــداث ملامح بداية للفصل الأخير مــــــــــــــــــــــن مسرحية الربيع العربي في الجزيرة العربية.