مصطفى الكاظمي: بإرادة خالصة نعبّد الطريق معاً
العراق
2021/12/12
+A
-A
بغداد: عبد الرحمن إبراهيم
بيروت: جبار عودة الخطاط
القاهرة: اسراء خليفة
استذكرَ العراقيون، امس السبت، الذكرى المئوية لتأسيس الدولة، وتحرير الارض من عصابات "داعش" الارهابية، باحتفالية مركزية بمشاركة رسمية وشعبية، نظمتها وزارات عدة، معبرة عن مقولة رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي: طريق الدولة نعبّده معاً بإرادة وطنية خالصة. على جانبي المدخل الى القصر الحكومي حيث اقيم الاحتفال الرسمي اصطفت العديد من السيارات القديمة التي استعملت في عقود مختلفة بدءا من تأسيس الدولة مرورا بالحقبة الملكية وانتهاء بالمرحلة الجمهورية كما يشاهد بفخامة مضيف بكل تأثيثه الفولكلوري اشارة الى العشائر العراقية.وفي قاعة التشريفات اقيم معرض لصور الشخصيات التاريخية التي ساهمت في تأسيس الدولة العراقية اضافة الى لوحات فنية وادوات قديمة كانت تستخدم شعبيا وتمثل روح قرن التأسيس.
قائمة الحضور
حضر الاحتفال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس المجلس الاعلى للقضاء فائق زيدان مع عدد من الشخصيات السياسية والوزراء والمحافظين وشيوخ العشائر، اضافة الى قادة القوات الامنية والعسكرية.
بدأت الاحتفالية بآيات من الذكر الحكيم، وبعدها وقف الحضور دقيقة حداداعلى ارواح شهداء العراق على مرّ التاريخ.
واستذكر الفنان مقداد عبد الرضا تاريخ السمفونية العراقية عند تأسيسها عام 1947 والتي عزفت بعض المقطوعات الموسيقية العالمية وبعدها قدمت الفرقة القومية للتمثيل التابعة لدائرة السينما والمسرح مسرحية "خالدون"التي استذكرت التاريخ السومري لبلاد الرافدين.
وعزفت في ختام المسرحية اغنية الفنان كاظم الساهر "سلام عليك وعلى رافديك" ووقف الحضور على هذه الاغنية وتعالى التصفيق. وعن مكانة الورد في الحياة اليومية، استذكر عبد الرضا كلمات اغنية للمطرب الريفي الراحل حضيري ابو عزيز "بالك تدوس على الورد وتسوي خله".
بعدها قدمت الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي، باقة من الاغاني منها "هلا بك هلا بك بين اهلك واحبابك"،وشرد اقدم لك هديةللفنان الكبير الراحل ناظم الغزالي، كما القى الشاعر كاظم الحجاج مقتطفات من شعره.
وقدمت مدرسة الموسيقى عرضاً راقصاً، بعدها قدمتأنشودة "سلام على هضبات العراق" لشاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري، من الحان الفنان علاء مجيد.
وكان لدار الازياء دور في خاتمةالاحتفالية، اذ قدمت عرضا للملابس العسكرية والمدنية والعشائرية تمثل الحقب التي مرّت علىمهد الحضارات.
كلمة رئيس الوزراء
وعقب الاحتفال القى رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، كلمة متلفزة بهذه المناسبة، قال فيها: "لا يعني أنّ العراق قبل مئة عام من اليوم لم يكنْ دولة، فهنا على الأرض التي تقفُ أقدامُ العراقيين عليها بثبات كانت أول دولة عرفتْها البشرية، وأول قانون نظّم حياة البشر، وأول شرطي كانت وظيفته حماية الناس، وأول جندي نظامي دافع عن الحدود وضحى من أجلها".
وأضاف: "هنا.. على الأرض التي تحرسُها أرواح آبائكم وأجدادكم كان أول تنظيم اقتصادي يحفظ الحقوق والملكية والبيع والشراء، وأول عقاب للمتجاوزين على حقوق الناس، هنا.. كانت أول قصيدة شعر، والفن والثقافة.. أول قاعدة في علوم الرياضيات.. أول مخطط عمراني.. وأول لحظة وحي ونبوة".
وأكد، أن "إدراك العراقيين لكل هذا الارث، هو مسؤوليتهم التي تناقلتها الأجيالُ ووصلتنا، وسننقلها إلى أجيالنا القادمة لنقول لهم بكل وضوح وصراحة تليق بعصر التكنولوجيا الحديث: (هنا العراقُ ..هنا الدولة ..وليس أمامنا من خيار كعراقيين إلا الدفاع عنها وحفظ تأريخها ومنع المتلاعبين بمقدراتها)".
ولفت إلى أن "هذا النبع التأريخي المتدفق.. اسمه العراق، التأريخ.. التنوع.. الجغرافيا.. الثقافة والعمارة والفن.. التجارب المتراكمة بأحداثها السعيدة والمرة.. اللغات المتفاعلة.. كلها ليست مصادفات، بل هي جوهر مفهوم الدولة الذي فرض نفسه عام 1921 رغم كل المساجلات والاجتهادات". وتابع أنه "آن الاوان أن ننظر إلى دولتنا بموضوعية، وأن نفتخر بمنجزاتها، ونعترف بأخطائها.. ونمضي إلى الأمام متسلحين بإرثنا وقدرات شعبنا لنكون جنباً إلى جنب مع كل الدول الناجحة".
وأكمل "شعبنا العاشق للدولة والمعادي لمن يعاديها، وقف مع بلده في أخطر مرحلة مرّ بها العراق، عرف في كل خطوة خطوناها أننا كنا مخلصين له ولمستقبله وأوفياء لارثه.. وحتى عندما كان يمارس حقه في نقدنا ومعاتبتنا، فإنه كان وما زال ينتظر منا ما يستحق.. وما يستحقه العراقيون كبير". وأشار إلى أن "العراق يستعيد عافيته الكاملة وتشفى جراحه تباعاً وينهض من كبواته ليحتل مكانته بإرادة شعبه الذاتية.. جيراننا وأشقاؤنا والعالم يتفاعل مع إرادتكم أنتم ويستمع إلى صوت العراق النابع من أعماقكم ..أنتم أهل العراق وأصحاب القرار فيه وأنتم الدولة".
قوات التحالف الدولي
وبشأن انسحاب القوات القتالية الأجنبية من العراق، أوضح الكاظمي: "بعد ايام سنشهد انسحاب جميع القوات القتالية للتحالف الدولي من العراق في نطاق الاتفاقية الستراتيجية مع الجانب الاميركي، وسيكون دورها في مجالات الاستشارة، كدلالة على قدرة القوات العراقية بكل صنوفها على حفظ أمن العراق واستقرار شعبه وتطورها المستمر في هذا المجال".
وخلص إلى القول، انه "وسط تجاذبات واجتهادات سياسية أفرزتها الانتخابات الأخيرة يجب أن يطمئن الجميع.. لن نسمح بمس أمنكم واستقراركم"، لافتاً إلى أنه "رغم كل الخلافات فإن القوى السياسية والتيارات الجديدة والمستقلين والنخب هم أبناء هذا الوطن وهم حريصون عليه وعلى أمنه".
وأكد أن "الاختلاف في وجهات النظر والتوجهات يتلاشى أمام إيمان الجميع بأن العراق هو مظلتنا وهو بيتنا، وأن العبث به وبمستقبله خط أحمر".
وبخصوص حادثة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها، قال رئيس الوزراء: "على المستوى الشخصي، أقدر عالياً كل تعاطف ورسالة اطمئنان وتضامن وصلتني بعد العملية الارهابية التي استهدفتني قبل أسابيع.. وأقول بهذا الصدد: إن حياتي ليست بأغلى من حياة أي عراقي على امتداد الوطن، ولكنه طريقٌ الدولة نعبّده معاً بإرادة عراقية خالصة ونقية، ومن أجله يسهل كل صعب، وترخص أمام عظمته أرواحنا".
ونبه إلى أن "طريق الدولة العراقية قد يكون صعباً ومؤلماً، لكنه الطريق الوحيد الذي يمكن لأولادنا وأحفادنا أن يمضوا إليه، لأن اللا دولة هي خيانة لأنفسنا أولاً وللأجيال القادمة من بعدنا، وقبل كل ذلك خيانة لارثنا الحضاري من سومر حتى هذه اللحظة، والعراقي لا يخون ذاته، ولا وطنه".
وأردف بالقول: "في هذا اليوم المجيد ذكرى مئوية الدولة العراقية أقول لكم: قرن من الزمان مضى، وقبله قرون طويلة، وما زلنا على هذه الأرض، أرض دجلة والفرات وشط العرب، أرض الجبل والهضبة والصحراء والسهل الرحيب، أرض أجدادنا قبل ألف ألف عام وأرض أحفادنا بعد ألف ألف عام إن شاء الله".
وختم قائلاً: "هذا عراقكم موطئ آدم ومولد إبراهيم وأرض الأنبياء والأولياء والصالحين، دولة السومريين والبابليين والآشوريين والأكديين، عاصمة أبي الحسنين علي بن أبي طالب ومثوى جسده، ثورة الحسين وإرثها في دمائنا جيلاً بعد جيل، أرض الحضارة الاسلامية وارض المرجعية الرشيدة، وطن الشعر والثقافة والفن والابداع، هذا العراق عراقكم وعراق كل البشرية، الحفاظ عليه وعلى إرثه هو واجبنا جميعا".
تهان عربية ودولية
على الصعيد العربي والدولي، بعث قادة ورؤساء عدد من الدول برقيات التهنئة بمناسبة الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الدولة العراقية، مؤكدين خلالها على تقديم الدعم والتعاون في جميع المجالات.
وأشاد الرئيس اللبناني ميشال عون ،امس السبت، في كلمته التي ألقاها في الاحتفالية، التي نظّمتها السفارة العراقية في بيروت بمواقف الحكومة العراقية لدعم بلاده في مجال الطاقة، مضيفا، ان "لبنان والعراق تربطهما علاقاتٍ أخوية وثيقة ضمن انتمائهما العربي، تزيدها الأيامُ والسنواتُ غنىً وتعاوناً ومشاركةً، حتى في التحدّيات والظروف والأحداث.
وقال عَون موجها خطابه الى الشعب العراقي: "ليُسعدني أن أخاطبكم في هذه المناسبة، واشارككم مشاعر العزّ والفخر وأنتم تتحدّرون من أرض خصبة بتاريخها الحضاري وعراقة تراثها، ومفكّريها، وأُدبائها، ومساهمتها الثريّة في مسار الإنسانية نحو الارتقاء والتطوّر.
وأكد عون ان "لبنان والعراق يرتبطان بعلاقات اخوية وثيقة ضمن انتمائهما العربي، زادتها السنوات غنى وتعاونا ومشاركة في كل الظروف، فقد شاءت الأقدار أن يكون إعلان دولة لبنان الكبير متزامنا مع ثورة العراق بفارق سنة واحدة فقط وشاءت أن تتشابه التحديات التي واجهها شعبانا، أمنية كانت أم اقتصادية".
واحتفلت ايضا، السفارة العراقية بالقاهرة بهذه المناسبة وحضر الاحتفالية عدد كبير من السفراء العرب وموظفي الجامعة العربية من الامناء العاملين المساعدين وغيرهم .
وبدأت الاحتفالية بالنشاط الوطني العراقي والمصري ومن ثم القى سفير العراق لدى القاهرة ومندوبه الدائم بالجامعة العربية الدكتور احمد نايف رشيد الدليمي كلمة قال فيها:تصادفُ اليومُ الذكرى المئويةُ لتأسيسِ الدولة العراقيةِ ، بعد طيِّ صفحةِ الاحتلالينِ العثماني والبريطاني، إنهُ اليومُ الذي اصطبغَ فيهِ فجرُ العراقِ بالحريةِ وتلألأَ بأحلامهِ وآماله.
واضاف الدليمي ان الثالثُ والعشرين من آب، 1921 يومٌ أوقظَ الإشراقةَ على جبينِ العراق؛ ليبدأَ عصراً يتنفّسُ من حضاراتهِ مجداً وتتعانقُ فيهِ أطيافُهُ ويتّسعُ أفقُهُ ليحتضنَ تعدّديّتَهُ وثقافاتَه؛ فتأسّست وزاراتُ الدولةِ وظلَّ البناءُ ينشدُ تمامَهُ حتى أُنشئتْ خارجيّتًهُ عامَ 1924، لينضمَّ بعدها إلى عصبةِ الأممِ المتّحدةِ عامَ 1934 ويتلمّسَ طريقَهُ عابراً الأفقَ والمدى، كالجبلِ وهو يلبسُ تاجاً من السديم.
وكان، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى قد كتب عبر حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي: "يحتفل الأشقاء في العراق اليوم بمناسبة أعتبرها عزيزة على الأمة العربية بأسرها، وهي الذكرى المئوية لتأسيس الدولة العراقية الحديثة.. مائة عام مضت منذ مؤتمر القاهرة عام 1921 الذي دشن قيام الدولة العراقية، امتداداً لحضارة عريقة ضربت بجذورها في أعماق التاريخ"
وتابع: "مائة عام شهدت الكثير من المحطات التاريخية في مسيرة العراق والأمة العربية بل والعالم أجمع … بالأصالة عن نفسي وبالإنابة عن الشعب المصري، نهنئ العراق الشقيق بهذه المناسبة الغالية، ونتمنى لشعبه الأبي العظيم السلام والأمن والاستقرار، وأن يظل العراق دائماً ذخراً للأمة العربية".
وبعث رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، ، برقية تهنئة قال فيها: "يسرنا والعراق الشقيق يحتفل بالذكرى المئوية الأولى لتأسيسه وإعلان استقلاله المجيد، أن نشارككم وشعبنا الفلسطيني الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية العظيمة، وأن نهنئكم بأسمى عبارات التهاني الأخوية؛ داعين الله تعالى تحقيق ما تصبوا والشعب العراقي العزيز إليه من أهداف وتطلعات".
وهنأ جلالة الملك عبدالله الثاني، مشيدا بالإنجازات التي حققها العراق الشقيق وشعبه العزيز على مدار المئة عام الماضية، معربا في رسالة بعثها، باسمه وباسم شعب المملكة الأردنية الهاشمية وحكومتها، عن أحر التهاني وأصدق المشاعر الأخوية، بهذه المناسبة، مؤكدا متانة العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع الأردن والعراق، والحرص الدائم على توطيدها وتوسيع آفاق التعاون المشترك، لا سيما وأن الدولتين تدشنان مئويتهما الثانية، مشددا على وقوف الأردن المستمر إلى جانب الأشقاء في العراق في تحقيق تطلعاتهم.
كما هنأ أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني العراق بهذه المناسبة، مؤكدا دعمه ودعم بلاده لشعب وحكومة العراق في تكريس الأمن والاستقرار وتحقيق المزيد من الرفعة والتقدم والازدهار.
وجاء هذا في رسالة من أمير دولة قطر الى شعب وحكومة العراق، قال فيها: "يسرني بمناسبة احتفال جمهورية العراق بذكرى مرور مئة عام على تأسيس الدولة العراقية ان أتوجه باسم شعب دولة قطر وباسمي شخصياً بخالص التهاني والتبركات مقرونة بأطيب التمنيات لشعب العراق الشقيق وحكومته الموقرة".
وأضاف: "لطاما كان العراق مهداً للحضارات ورافداً للانسانية، أسهم بقدر كبير في النهضة العربية على مر العصور، وهو أهل لكل التقدير والوفاء من أمته ومن البشرية جمعاء".