الشعـــر حيــن يحتـــج

ثقافة 2019/03/13
...

 
 سلام حربه
 
انتهت في مساء التاسع من اذار 2019 في البصرة اعمال مهرجان المربد الشعري الثالث والثلاثين وكان باسم الشاعر الراحل(حسين عبد اللطيف) وكانت ضيفة شرف المهرجان لهذا العام الجمهورية العربية السورية .. النجاحالسمة البارزة في المهرجان ، تنظيما واداء ، وهذا ما اتفق عليه اكثر المشاركين والضيوف الذين حضروه.. لقد ابتدأ المهرجان في السادس من اذار وتم افتتاحه من قبل وزير الثقافة الدكتور عبد الامير الحمداني ، لقد احتضنت قاعات فندق الشيراتون نشاطات المهرجان الصباحية والمسائية بفرعيها الشعري والنقدي ،وقد لمس الحاضرون اهتماما من قبل المدعوين في ملاحقة انشطة المهرجان شعرا ونقداومعارض فن ومبيعات كتب ،لان البرنامج الثقافي في هذا العام مختلف عن الاعوام السابقة وخاصة في موضوع المحاور النقدية اذ كانت مثيرة وصادمة وسحبُ للمثقف في ان يكون وجها لوجه امام السلطة التي عملت ما عملت به من تهميش واقصاء ، لقد ركزت المحاور النقدية على علاقة المثقف بالسلطة ، الدوران الثقافيان للروائي الراحل اسماعيل فهد اسماعيل والشاعر حسين عبد اللطيف ، كما ان هناك محاور اخرى ما يخص الهوية الوطنية والوعي الاجتماعي .
اما في المنبر الشعري فقد سمع الحاضرون في الكثير من جلسات  هذه الدورة شعرا ،كانزمن الشعر بواقع جلستين صباحية ومسائية قرأ فيها العشرات من الشعراء العراقيين كهولا وشبابا والشعراء العرب والاجانب ، ما يؤخذ على بعض هذه الجلسات اعداد الشعراء الكبيرة والتي قد تسرب الملل الى المتلقين في القاعة ، لكن ما كان يربط المتلقين الى كراسيهم ويديم صبرهم القصائد النوعية بصورها الساحرة والغنائية والحماسية التي القيت من قبل الكثير من الشعراء كلاسيكية كانت ام قصائد تفعيلة ام قصائد نثر والتي كانت تتناول الواقع العراقي اليومي المرير ، لقد صورت المحنة العراقية خير تصوير،لقد وجد المتلقي ضالته وصوته الضائع في تلك القصائد ، فكان شديد التفاعل معها ، ليست القصائد العراقية فقط ، بل قصائد الشعراء العرب والاجانب من السوريين والمصريين والسعوديين والكويتيين والاماراتيين والايرانيين ،فالمحنة واحدة والفاسدون تجدهم الشعوب انى تدير وجهها في منطقتنا العربية الملتهبة بالارهاب والطائفيين وفي كل بقاع العالم .
المربد مهرجان شعري وليس مؤتمرا للشعر العراقي والعربي ويحضره أناس عاديون متذوقون للشعر بالاضافة الى الادباء والمثقفين والهجمة التي حصلت في مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الثقافية من قبل ( شعراء ومثقفين ) لم يحضروا الى المهرجان فيها نوع من الاجحاف والتجني والكراهية ،هولم يكن مربدا مثاليا ولن يطالب احد من المربد ان يبتكر مدارس واساليب جديدة في الشعرية العراقية والعربية وكان بالامكان ان يرقب النقاد ، وما اكثرهم في المهرجان ، ما وصل اليه الشعر من مستويات فنية واسلوبية،حداثة كانت ام ما بعد حداثة لان من قرأ فيه كبار الشعراء العراقيين وشبابهم ومنهم نعرف اين نقف في خارطة الشعر ..المربد ملتقى للشعراء والمثقفين في الداخل والخارج والشعراء العرب والعالم كي يسمع احدهم صوت الاخر ويبثون لواعجهم ويوطدون العلاقات الثقافية فيما بينهم والتي قد تترهل بمرور الايام والسنين ، كما ينشّط الروح الثقافية في المجتمع العراقي وينبه المواطن ان هناك ثقافة عراقية خالدة لن تموت برغم الحروب والجور والدمار وهذه الثقافة ليست انية بل متقدة ومنذ الاف السنين وهذا ما يرسخ الاحساس بالمواطنة والشعور بالهوية الوطنية ويجعل المواطن اكثر التصاقا بوطنه واكثر فخرا بتاريخه الثقافي والحضاري..لقد كانت جهود ،وزارة الثقافة واتحاد الادباء المركز العام واتحاد الادباء فرع البصرة ، كبيرة في انجاح هذا المهرجان وايصاله الى العراق والعالم بصورة حسنة ، رغم بعض النواقص التنظيمية ، لكن الشعور العام كان راضيا من اداء الجميع ماديا وجسديا وابداعيا ونفسيا ..ليست من مهام المربد ان يحدث الشعر العراقي والعربي ، هو لقاء يمتد ثلاث او اربعة ايام والكل يعرف ان الحداثة وما بعدها ليست وليدة حدث ثقافي بل هي نتاج نظام سياسي ديمقراطي عادل وتحديث الادب لن يكون بمفرده دون حداثة قطاعات المجتمع الحياة كافة ، لكن ما يحصل في مثل هذه المهرجان ان يؤشر على بعض الطاقات الواعدة من الشعراء الشباب المغمورين والذين يفاجاون المهرجان بقصائد تتقدم على قصائد شيوخ وآباء الشعرية العراقية وربما تكون عتبات لاساليب جديدة في
 المستقبل.
لم يتغن المهرجان بقائد اوحد ولمترفع فيه صورة ( مقدس ) ولم يحضر نداوته اي من المسؤولين سوى وزير الثقافة وما القي من قصائد تحمل الافا من الخطوط الحمر بوجه من اراد ضياع العراق، انها حقا تظاهرة احتجاجية ليست في ساحات الحرية ولكنها على منابر حرية ، زرعت ثقة لدى المواطن بانه ليس وحيدا في معركته مع الظلاميين والطائفيين واعداء الحياة بل معه المثقفون والادباء والفنانون وهذا ما يمنحه العزيمة على التصدي والمقاومة والاستبسال لان من يقف وراءه خيرة ابناء الشعب 
وطليعته.