رضا المحمداوي
يمتاز المهرجان السينمائي النسوي الذي أقامته نقابة الفنانين العراقيين بدورته الثانية في بغداد يومي 17و18 من آذار هذا العام، عن بقية المهرجانات التي تقام في بغداد والمحافظات بهويته الفنية والتي استمدها من تخصصه في معالجة قضايا المرأة وطرح الموضوعات التي تتعلق بحياتها ومعاناتها الاجتماعية وما تواجهه من تحديات ومشكلات.
وللأمانة والدقة الفنية التي تقتضيها منا الموضوعية النقدية في تقييم الأفلام المعروضة يتوجب الإشارة إلى أنَّ هذه الهوية النسوية لطبيعة المهرجان والأفلام المشاركة تنقسم إلى قسمين:
1- الصفة الغالبة بعنوانها الفني نابعة من الموضوعات والقضايا التي تتعلق بالمرأة وظروفها الاجتماعية ومشكلاتها مثل الزواج القسري والعنف الأسري وغيرها.
2- بينما يتعلق القسم الثاني بالأفلام التي قامتْ بإخراجها نساء ولكن موضوعات الأفلام وأفكارها لا تخص المرأة تحديداً وإنما تناولتْ موضوعات اجتماعية عامة.
ومن حيث التنظيم تجدر الإشارة إلى ضرورة فصل الأفلام الروائية عن الأفلام الوثائقية في المسابقة الرسمية وفي لجان التحكيم وفي إعلان النتائج وتوزيع الجوائز المخصصة لكل نوع فني في الأفلام المعروضة، لا سيما أنَّ الأفلام الروائية لوحدها والمعروضة في المهرجان قد تفاوتتْ في مدة عرضها بين الفيلم الروائي القصير، والقصير جداً وهو ما يتوجب أخذه بنظر الاعتبار من حيث التقييم الفني النهائي لها وضرورة فرزها وتبويبها.
لقطة رقم 1
برز مأزق الإنتاج والتمويل لهذه الأفلام واضحاً من حيث المستوى الإنتاجي فقد سادَ التقشف وضعف الإمكانيات مع غياب المؤسسات الفنية الإنتاجية المحترفة وافتقاد الجهات الممولة والراعية للعملية الإنتاجية، فهنالك عدة أفلام تمَّ إنتاجها من قبل كليات الفنون الجميلة في الجامعات العراقية وهي بالأصل عبارة عن مشاريع أو أطاريح تخرج لطلبة ما زالوا على مقاعد الدراسة الأكاديمية ولم تكتملْ أدواتهم الفنية لتقديم منجزهم الفني الدرامي (ولا أقول السينمائي)، في حين جاء إنتاج بعض تلك الأفلام وكأنه إنتاج شخصي وبجهود فردية، وداخل هذه المنظومة الإنتاجية البسيطة ستجدُ الممثلين الهواة وغير المحترفين وستجدُ كذلك الممثلين صغار السن والناس العاديين.
لقطة رقم 2
وفضلاً عن الموضوعات التي تناولتْ قضايا المرأة وطرحتْ معاناتها في الحياة الاجتماعية وما تعانيه من أزمات ومشكلات في الأفلام الـ12 التي عرضها المهرجان بأسماء مخرجاتها المتعددة، فقد برزَ محور خاص بتلك الأفلام تمثَّل بتناول عدة مخرجات لجوانب الحياة الحربية والعسكرية التي شهدها المجتمع العراقي في تاريخه المعاصر ومن تلك الأفلام فيلم (سلام) للمخرجة عشتار حبيب، وفيلم (مفقود) لـمها المهين، وفيلم (رقم) لـورود العزاوي، وفيلم (عهد الشهادة) لـرولا الزبيدي.
لقطة رقم 3
وإضافة إلى الإمكانيات الإخراجية المتفاوتة المستوى بين المخرجات والتي تصل أحياناً إلى المستوى الضعيف، لكن المهرجان أخذ على عاتقه، وفي واحد من أهدافه، النهوض بهذه المواهب الشابة والطاقات الفتية والعمل على إنضاجها من خلال عرض نتاجاتها الفنية والتعريف بها وتسليط الأضواء عليها.
ومن جانب آخر كشفتْ الأفلام المعروضة عن عيوب كتابة السيناريو حيث ظاهرة عدم الوضوح والتشتت، لا سيما إذا تذكرنا أنَّ لكل فيلم من هذه الأفلام القصيرة حكاية، وفي متن هذه الحكاية تكمن أهمية البناء الدرامي للسيناريو وضرورة التعامل بالمعالجة الفنية مع الاختزال والكثافة الزمنية التي يتميز بها الفيلم القصير مع ما تقتضيه تلك الأدوات الفنية من بداية ناضجة ونهاية مقنعة ومؤثرة، وستبرز هذه العيوب بشكل أكثر وضوحاً إذا كانت بعض الأفكار ساذجة ومشفوعة بلغة خطابية مباشرة ومعالجة ركيكة تصل إلى تقديم فيلم صامت بدون حوار والاستعاضة عنه بموسيقى غير مُعبّرة.
لقطة رقم 4
ما زال حاجز اللغة يقفُ حائلاً بيننا وبين بعض الأفلام الكردية وقد شهد المهرجان عرض فيلمين كرديين ناطقين باللغة الكردية هما(حياة) و(الساعات الأخيرة لكورونا) لكنهما مترجمان إلى اللغة الإنكليزية فقط وبدون ترجمة للغة العربية فضاعت علينا فرصة التعاطف والتفاعل مع هذين الفيلمين، وقد تكررتْ هذه الحالة في أكثر من مهرجان حتى أصبحتْ ظاهرة لصيقةً بالأفلام السينمائية الكردية، ولذا أصبح لزاماً على العاملين في مثل هذه الأفلام الانتباه إلى هذا الجانب ومعالجته بالترجمة العربية لها.
لقطة رقم 5
تكوَّنتْ لجنة تحكيم المهرجان لهذه الدورة من المخرجات: رجاء كاظم وإيمان خضير ودنيا القباني وأعلنتْ نتائجها، إذ ذهبتْ جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلى الفيلم الوثائقي (الكنيسة البيضاء) للمخرجة نجوى السهيل، بينما فاز فيلم (الحياة) للمخرجةكاردينيا هيمن بالجائزة الأولى وفاز بالجائزة الثانية فيلم (سلام) لعشتار حبيب، وحصل فيلم (فوز) للمخرجة شهد أحمد على الجائزة الثالثة.