يشهد كتاب» خلف اسوار بيروت» الصادر عن «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر» للكاتب «عماد بزة « على فترات زمنية ذات قيمة مكانية وظيفتها ابراز اهمية الالقاب وحكايات الابطال القديمة في زوايا ومقاه بيروتية وحتى سينمائية. مما يجعلها تلتصق بواقع تاريخي استمر لسنوات طويلة تأثرت بها العائلات التي ما زالت تحمل مواصفات لكاريكاتير هو اسطورة او حكاية او فانتازيا تخيلية، لكنها تهتم بأشخاص رحلوا وامسوا ابطالا في ذاكرة بيروت، تحديداً المأثورات الشعبية المحفوظة على ألسنة استطاع من خلالها «عماد بزي» ان يسرد مغامرات «الياس مبروك» والحلم السينمائي لسائق لدى عائلة آل سرسق او هاريس غراهام ومحاضراته عن التشريح وتفاصيل عن ماض لم ينفض عنه تاريخ ترامواي بيروت، ولا المجيدية بعد كل صرخة باسمه، ليتعود الناس على زيارته كدكتور لم يمل خدمة مرضاه حتى اخر لحظة في حياته، ولا مقهى كوكب الشرق الذي انهار سقفه وادى الى مصرع طفل، ليذكرنا بصحيفة الصباح التي كانت تصدر في بيروت قديما، ونكهة الخبر الموسوم بالكثير من اخبار اخرى لم يهتم لها احد . فهل اتبع الكاتب «عماد بزي» في كتابه القواعد القصصية القائمة على مفهوم وحدة المكان والفعل المرتبط بمواصفات اشخاص عاشوا فترة زمنية في هذا المكان؟.
خلف أسوار بيروت هو كتاب لابطال في امكنة ما زالت تحمل عبق وجودهم التاريخي في ادب شعبي او قصص ذات مآثر هزلية في بعض منها لم تسخر من الفطرة الانسانية التي تكونت منها الشخصيات. إلا أنها ذات خصوصية في معاييرها الأدبية المحشوة بطابع لبناني بيروتي مبني من حكايا سمعنا عنها الكثير، وعن القاب لشخصيات هي ايقونة شعبيىة تحمل في طياتها اسماء بعض العائلات البيروتية التي ما زالت تحمل هذه الالقاب في بعض منها، وضمن حقبات استخرج منها الكاتب «عماد بزي» مآثرها وبطولاتها ومعاركها الفعلية سواء من عاشوا في الفترة العثمانية او من عاشوا في الفترة الفرنسية، وفي كل منها سلطة تاريخية سبق معرفتها شعبيا لسنين طويلة وصولا الى بعض الاسماء التي ارتبطت شوارع بيروت باسمائهم، وبمفردات عامية بين هلالين تشكل الدعامات الأساسية التي تضع القارىء على المحك حيث كرّس الابطال حياتهم لزمان اضاف الى الامكنة طباعهم وصفاتهم وتاريخهم او تاريخهن ايضا مثل اخت الرجال وفاطمة المحمصاني، وكل هذا وفق العناصر التاريخية في سرد سلس وصياغة مليئة بالتخيلات ذات المشاهد التاريخية الملامسة لدراما الشخصية او البطل في حكايا حدثت في امكنة خلف اسوار بيروت محاطة بتراث لبناني هو جزء من تاريخ مدينة وقفت شامخة في فترات من زمن ماض استطاع اشخاصه تخليده بشتى الوسائل المختلفة العابقة بعظمتهم ونضالهم، فهل ورث القارىء جماليات هذه القصص في كتاب هو السور الحقيقي لها ؟.
سمح الكاتب «عماد بزي « بصنع ميلودراما الشخص الواحد في مواقع استطاع البطل فيها ان يكون هو البارز ضمن تغييرات ثانوية لأشخاص من حوله ما سمع القارىء اصواتهم بالحجم نفسه او الموازي لبطل تعلقت به الحكاية وباسمه ومزاياه، وبشكل لافت دون تكرار لاسماء الامكنة. فكل مكان في كتاب خلف اسوار بيروت هو التاريخ الحصري للشخصية واكتمالها ان كانت من القبضايات او من الارستقراطيين، وبمواصفات ذهنية لا تغادر القارىء، لسهولة تنقله في قصة هي جزء من تاريخ بيروتي بلوحات علقها امام القارىء، ليستكشف الماضي عبر تشويق الحكواتي او القاص الذي يعيد لبيروت امجادها شعبيا وتراثيا مثل راهبات اللعازارية وبئر العبد وبرج البراجنة وغيرها .
تحولات تاريخية نكتشفها في كتاب» خلف اسوار بيروت « وبصوت قصصي ذي مصداقية لا يمكن التشكيك فيها لأنها ذات مزايا لبنانية ما زلنا نسمع عنها، وعن تفاصيلها الكثير والتي تعود زمنيا الى مئات السنين ، وترسم الخطوط التاريخية على قلاعها القصصية المشاهد المتخيلة، كما تضفي على الشخصيات التمثيل الحقيقي للحقبات التاريخية التي استخدمها، سواء عبر الزمن العثماني او الازمنة الاخرى، مما يجعلها تحمل بصمة انسانية حقيقية لشخوص واجهت زمانها في امكنتها حتى وان غادرتها، اذ بقيت معششة فيها مثل عين المريسة وغيرها في قصص تهدف الى اعادة احياء الذاكرة لاجيال تسمع بعض مآثر الشخصيات دون الغوص في صفاتها كاملة او حقيقة الحكاية التي تنتمي اليهم دون
سواهم.
فهل الرؤية القصصية في كتاب» خلف اسوار بيروت» هي نوع من التحايل الفني لتمجيد الحدث التاريخي بموضوعية تنم عن فهم الكاريكتير الخاص لكل شخصية تناولها في كتابه؟.