عبد المهدي من القاهرة: العراقيون هزموا الإرهاب وجادون في بناء مستقبلهم

الثانية والثالثة 2019/03/23
...

بغداد / الصباح
القاهرة / إسراء خليفة
 
أعرب رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، أمس السبت، عن سعادته بزيارة مصر ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، معبراً عن تطلعه للقاء القمة الثلاثية بحضور الملك عبدالله بن الحسين لتوسيع علاقات الشراكة والتعاون، في حين قدم الرئيس السيسي شكره لرئيس الوزراء على اختيار مصر لتكون زيارته الاولى لـ"دلالتها الكبيرة على العلاقات المتميزة والتأريخية بين بلدينا وشعبينا"، وقال: نطمح لعلاقات على اسس متوازنة نتبادل فيها المصالح الاقتصادية وندعم جهود اعمار العراق ومشاركة الشركات المصرية.
تطوير علاقات الشراكة
وأوضح بيان لمكتب رئيس مجلس الوزراء الإعلامي، تلقته "الصباح"، أن رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، الذي وصل الى القاهرة، أمس السبت، في زيارة رسمية واستقباله من قبل رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، عقد "اجتماعا ثنائيا بقصر الاتحادية في القاهرة، تبعه اجتماع موسع بحضور اعضاء الوفدين العراقي والمصري". 
وبحث الطرفان "تطوير علاقات الشراكة وتوسيع التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين وتعزيز الامن والاستقرار في المنطقة وتوحيد الجهود ضد الارهاب الذي يمثل عدوا مشتركا". 
وأكد عبد المهدي ان "زيارتنا لمصر وتعاوننا المشترك فيه الكثير من تباشير الأمل لشعبينا ولجميع شعوب المنطقة ودول الجوار"، معرباً عن "سعادته بزيارة مصر ولقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي".
وشكر عبد المهدي "مصر قيادة وشعبا لما حظي به من استقبال من قبل رئيس الحكومة المصرية"، وقال: "لقد جئنا الى مصر بقلوب مفتوحة للتعاون وتجاوز العراقيل ولزيادة التعاون الاقتصادي مع جميع اشقائنا وجيراننا واتفقنا على ألا نلعب اي دور في المحاور ونعزز الصداقة مع الجميع"، مشيرا الى ان "العراقيين هزموا الارهاب وجادون في بناء مستقبلهم، ونتطلع للقاء القمة الثلاثية بحضور الملك عبدالله بن الحسين لتوسيع علاقات الشراكة والتعاون".
بدوره، رحب الرئيس المصري بـ"رئيس مجلس الوزراء نيابة عن كل المصريين وشكره على اختيار مصر لتكون زيارته الاولى لدلالتها الكبيرة على العلاقات المتميزة والتأريخية بين بلدينا وشعبينا"، مقدماً "التعازي بحادث غرق العبّارة في الموصل".
وأعرب السيسي عن "التضامن مع الشعب العراقي"، مشيدا بـ"ما يحققه من انجازات بسواعد ابنائه وتحرير مدنه من داعش".
ودعا السيسي لـ"استكمال الجهود العربية والدولية لمحاربة الارهاب والقضاء عليه والمضي لبناء مستقبل العراق"، موضحاً ان "موضوعات التعاون الاقتصادي تقدمت المباحثات ونطمح لعلاقات على اسس متوازنة نتبادل فيها المصالح الاقتصادية وندعم جهود اعمار العراق ومشاركة الشركات المصرية".
رسائل طموحة للمستقبل
وفي مؤتمر صحافي مشترك أعقب المباحثات التي جرت في قصر الاتحادية، قال رئيس الوزراء: ان زيارته لمصر تعد الأولى له منذ توليه منصب رئاسة مجلس الوزراء ولها دلالاتها التي تنم على اهمية مصر في قلب قيادة وشعب العراق، مشيدا بحفاوة الاستقبال التي حظي بها خلال زيارته مصر.
عبد المهدي الذي أبدى سعادته لوجود رغبة وارادة مشتركة لقيادتي وشعبي البلدين للمضي قدما في تعزيز العلاقات وتطويرها في كافة المجالات، أوضح ان المباحثات مع الرئيس السيسي تناولت سبل تعزيز العلاقات في مختلف المجالات ونقلها الي رحاب أوسع مع مصر ودول الجوار، مشددا على ان مصر هي الشقيقة الكبرى للعراق.
وأضاف عبد المهدي ان العراق اليوم صديق لدول العالم ودول الجوار ولا يرغب بتكرار الصراعات والمحاور السابقة، مشيرا الى ان العمل وبذل الجهد هو اساس بقاء الشعوب والمحافظة عليها.
ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى ان العراق واجه الارهاب، مشددا على ان الارهاب فكر ممنهج وليس منظمة ويجب القضاء عليه وتجفيف منابعه.
وبين عبد المهدي ان العراق انتقل عبر مراحل كثيرة حتى حقق الاستقرار ودحر الارهاب واليوم نحاول ان نبني مع الدول الشقيقة حتى نعطي لشعوبنا رسائل طموحة نحو مستقبل افضل، مشيراً إلى اننا نتطلع الى لقاء القمة الثلاثية (اليوم الأحد) مع مصر والأردن من اجل تنظيم العلاقات وتعميقها ونقلها الى رحاب أكبر.
وقال عبد المهدي ان بلاده عازمة على مواصلة الدور الايجابي لبناء علاقات قوية مع الدول العربية والاقليمية وفي مقدمتها مصر، وفي حين نوه بأن العراق لا يوجد لديه اليوم أعداء سوى الارهاب والفقر والأمية والبطالة، ثمن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن ضرورة بذل الجهد والعمل لبناء الأمم.
وأشار رئيس الوزراء الى انه غير راض عن مستوى العلاقات التجارية بين مصر والعراق، مبديا تطلعه الى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، ومنوها بان العراق لديه تعاملات تجارية كبيرة مع دول كثيرة.
وفي الختام وجه رئيس الوزراء الشكر للرئيس السيسي ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، معربا عن امله بتطور العلاقات بين البلدين الى الافضل دائما.
من جانبه، اكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في المؤتمر الصحافي المشترك، أنه لمس خلال مباحثاته مع رئيس وزراء العراق، أن هناك رغبة حقيقية نحو عراق جديد قوي وواعد يفتح ذراعيه لأبناء العراق كافة.
وقال السيسي: إن هناك آفاقا واسعة تمكن الدولتين من تحقيق طموحاتهما، مؤكدا أنه تم الاتفاق على تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، وعقد اللجنة العليا المشتركة.
وقدم الرئيس المصري، العزاء للشعب العراقي والحكومة العراقية في حادث غرق عبارة الموصل، ناقلا تحية الشعب المصري للعراق الشقيق حكومة وشعبا.
وجدد السيسي التهنئة لرئيس الوزراء على توليه مهام منصبه، معربا عن اعتزازه وتقديره لاختياره مصر لتكون أولى زياراته الخارجية، الأمر الذي يعبر عن المكانة الغالية التي تحتلها مصر لدى العراق، ويعكس بالمثل الاهتمام البالغ الذي توليه مصر لعلاقاتها المتميزة مع العراق، وهو ما ليس بغريب على البلدين، في ضوء العلاقات التاريخية والأخوية التي تربط بينهما منذ قديم الأزل وتأكيداً لرغبتنا المشتركة في إرساء دعائم عهد جديد لمسيرة التعاون والتنسيق في ما بيننا، والبناء على ما لدينا من مشتركات ومصالح متبادلة للانطلاق نحو تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، بما يحقق طموحات البلدين والشعبين الشقيقين في مزيد من النمو والازدهار والرخاء.
جهود محاربة الإرهاب
واوضح السيسي ان الزيارة مناسبة طيبة، لنحتفل معاً بما حققه العراق حتى الآن بسواعد أبنائه من مختلف فئاته وأطيافه من انجازات في سبيل تحقيق أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، وتحرير المدن العراقية من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي بعد سنوات طويلة واجه العراق خلالها تحديات جسيمة وظروفاً بالغة الصعوبة.
وشدد السيسي على ضرورة استكمال الجهود العربية والدولية، لمحاربة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، فلا سبيل للقضاء على هذا الوباء اللعين إلا بالمواجهة الشاملة، بما في ذلك التصدي بحزم لكل من يدعم الإرهاب والتطرف بالمال أو السلاح، أو بتوفير الملاذ الآمن له أو حتى التعاطف معه. كما أدعو المجتمع الدولي، لوضع آلية فعالة للتعامل مع ظاهرة انتقال المقاتلين الإرهابيين الأجانب من مناطق النزاع وانتشارهم في باقي دول المنطقة، باعتبارها إحدى توابع ظاهرة الإرهاب، التي باتت تؤرقنا جميعاً بعد النجاح في دحر تنظيم داعش الإرهابي.
واكد السيسي انه لمس وبحق في نقاشاته مع رئيس الوزراء العراقي، إرادة سياسية وعزماً حقيقياً لاستكمال جهود بناء عراق جديد قوي وواعد يفتح ذراعيه لأبناء الوطن كافة، ولتحقيق مزيد من الانفتاح تجاه تعزيز العلاقات مع مصر وكل الأشقاء العرب، وتطوير علاقات التعاون والتكامل الاقتصادي في ما بينهم.
وقال السيسي: اتفقنا على أهمية تنسيق المواقف في ما بيننا حيال الشأن الإقليمي الراهن، ومختلف الأزمات التي تعاني منها المنطقة، لاسيما مع قرب انعقاد القمة العربية المقبلة في تونس نهاية الشهر الجاري.
وذكر الرئيس المصري أن موضوعات التعاون الاقتصادي احتلت أولوية متقدمة، انطلاقاً مما لدى البلدين من قدرات، ورغبة في الاستفادة من الإمكانيات والخبرات المتاحة على الجانبين في مختلف المجالات، ولاسيما الاسهام في إعادة إعمار المناطق العراقية المحررة، في ظل وجود العديد من الشركات ورجال الأعمال المصريين الذين سبق لهم العمل بالسوق العراقية، إلى جانب تجربة مصر في إقامة مشروعات قومية كبرى في الآونة الأخيرة، وذلك على أسس المنفعة المتبادلة والمتوازنة، وآخذاً في الاعتبار وجود آفاق واسعة، تمكن الدولتين من تحقيق طفرات اقتصادية في المستقبل بالتعاون مع أشقائنا العرب، وسيكون هذا الأمر محل نقاش واسع مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال قمتنا الثلاثية بإذن الله. 
وتابع السيسي اتفقنا في هذا السياق، على ضرورة تفعيل آليات التعاون الثنائي القائمة بيننا بالفعل، وفي مقدمتها البدء الفوري في التحضير للجنة العليا المشتركة بين البلدين المنتظر عقدها في بغداد برئاسة رئيسي الوزراء، وتبادل الزيارات رفيعة المستوى على الجانبين، ومتابعة ما سوف تسفر عنه من توصيات ومشروعات محتملة للتعاون لوضعها موضع التنفيذ.
 
مباحثات مشتركة 
الى ذلك، دعا رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الى ايلاء الاقتصاد أهمية اكبر في العلاقات العراقية المصرية، والتركيز على مشاريع محددة قابلة للتنفيذ، وضرورة العمل على عقد اللجنة العليا المشتركة العراقية المصرية اجتماعا في بغداد خلال الشهر المقبل .  
جاء ذلك خلال جلسة المباحثات المشتركة برئاسة رئيس الوزراء ونظيره المصري الدكتور مصطفى مدبولي التي عقدت بمقر الحكومة المصرية بحضور الوزراء من اعضاء الوفدين.
وقال عبد المهدي: يجب ان تكون لنا رؤى واضحة ومحددة ومشاريع قابلة للتنفيذ، والعمل على منح تسهيلات لدخول المستثمرين والتعاون بين المؤسسات الدينية والتربوية وبناء منظومة لتحصين دولنا ومجتمعاتنا، مقترحا تأسيس شركات مشتركة في القطاعات الصناعية والزراعية، مشيرا الى ان العراق عانى كثيرا من الارهاب وقدم شعبه تضحيات غالية ويجب تحقيق تطلعاته في الاستقرار والاعمار وايجاد بنية استثمارية جاذبة . 
بدوره، عبّر رئيس الوزراء المصري عن مشاركة العراق الرغبة برفع مستوى التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري الى اعلى مستوى وبما يتناسب مع العلاقات التأريخية بين الشعبين ،
 وقال : كلنا امل بتحقيق العراق نموا اقتصاديا وان يزداد قوة واستقرارا وان تسهم اللقاءات بدفع العلاقات الثنائية الى امام . 
وحضر الجلسة وفد كبير رافق رئيس مجلس الوزراء، ضم كلاً من وزراء النفط والخارجية والتخطيط والاتصالات والاعمار والاسكان والتعليم العالي والبحث العلمي والصناعة والعمل والشؤون الاجتماعية والتجارة، كما حضره نواب عن مجلس النواب وعدد من وكلاء الوزارات والمستشارين والمسؤولين الحكوميين، اضافة الى السفير العراقي لدى جمهورية مصر العربية.
 
زيارة مجلس الشعب
ولدى زيارته مجلس الشعب المصري، اكد رئيس مجلس الوزراء أن العراق بلد برلماني تعددي وان الدستور هو الحاكم بين القوى السياسية.
وأوضح عبد المهدي، بحسب بيان لمكتبه الإعلامي، تلقته "الصباح"، "أننا حرصنا على ان يكون معنا في زيارتنا الاولى الى مصر وفد كبير يضم وزراء ونواباً ورجال اعمال، ويجب ان تكون العلاقات الاقتصادية هي الهدف لتحقيق مصالح الشعبين، والعمل على تسهيل دخول رجال الاعمال والمستثمرين الى العراق للمساهمة في عملية الاعمار والبناء". 
واشار عبد المهدي الى ان "وحدة الشعب العراقي وتضحياته ووقوف المرجعية الدينية هي التي هزمت داعش، ونحن نبني العراق اليوم بنفس الوحدة والعزيمة"، مؤكداً ان "بلدنا يتعاون مع الجميع ويرفض سياسة المحاور والحرب التي دمرت دولنا وشعوبنا".
وبين رئيس مجلس الوزراء ان "المرأة العراقية لها دور كبير وحضور فاعل في العملية السياسية والديمقراطية وعموم نواحي الحياة وتمثل نسبة 25 بالمئة من البرلمان".
فيما رحب رئيس مجلس الشعب المصري علي عبد العال برئيس مجلس الوزراء والوفد المرافق له، مؤكدا ان "همّ العراق ومصر واحد وان مصر مرّت بظروف صعبة مثل ما مر به العراق وتم تجاوزها ايضا".
وتمنى عبد العال للعراق ان "يتطور ويزدهر"، معبرا عن "سعادة مصر حكومة وشعبا بالتقدم الحاصل وبوحدة العراقيين التي هزمت هذا التنظيم الشيطاني المسمى داعش".
وأكد عبد العال "تطلع مصر للعمل بجد على التعاون بين البرلمانيين"، لافتاً إلى ان "لدى مصر بنية استثمارية وشركات تمتلك خبرة للمساهمة باعمار العراق وانها تعمل على تسهيل دخول رجال الاعمال والمواطنين". 
وحضر اللقاء عدد من اعضاء البرلمانين العراقي والمصري.
وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قد أصدر توضيحاً بخصوص زيارته إلى مصر بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قائلاً إنه "يشعر بحرج كبير على تركه" البلاد في هذه الحالة بعد حادثة عبارة الموصل وإعلان الحداد في البلاد، لكنه أكد "صعوبة" تأجيل الزيارة مرة أخرى.
وقال عبد المهدي، في بيان تلقته "الصباح": "يعلم شعبي الكريم بأنني تعهدت بعدم مغادرة البلاد قبل إنهاء المستلزمات الضرورية لتنفيذ البرنامج الحكومي، وبالفعل انتهينا من إقرار البرنامج وإنجاز المهام التي كان من المطلوب إنجازها خلال الأشهر الأولى من عمر الحكومة".
وأضاف عبد المهدي "لقد أجلت سفرة عمل مهمة إلى الشقيقة الكبرى مصر مرات عديدة بدعوة من الرئيس السيسي، ومنذ أكثر من شهرين والعمل جار على وضع الترتيبات الكاملة لإنجاز الزيارة في 23-24 من الشهر الجاري، ليس لعقد اللقاء الثنائي مع الرئيس المصري فقط بل لعقد لقاء ثلاثي سيشترك فيه العاهل الأردني أيضاً".
وتابع رئيس الوزراء "أشعر بحرج كبير على تركي البلاد في هذه الظروف خصوصاً بعد حادثة العبارة في الموصل العزيزة وإعلان حالة الحداد لمدة ثلاثة ايام، لكن طبيعة الزيارة باعتبارها زيارة عمل هدفها الأول خدمة العراق والعراقيين ولأهمية اللقاءات المرتقبة وما تحققه من مكاسب للوطن والمنطقة، ولصعوبة تأجيل الزيارة مرة أخرى بعد الاعدادات المعقدة والطويلة لا يسعني الا المضي قدماً في هذه الزيارة وسأعود إلى البلاد اليوم"، مختتماً بالقول: "سأبقى متابعاً لكافة الأوضاع سواء في نينوى أو في البلاد".