أنشئت بأموالنا

الباب المفتوح 2022/05/25
...

قاسم موزان

من المرئيات المؤلمة تلك الأبنية المهمة، التي نالها الاهمال والخراب، وتحولت في ما بعد إلى مشهدية موجعة، تثير الرثاء والتأسف والأسى لما آلت اليه، على الرغم من مواقعها في وسط بغداد العاصمة غير بعيدة عن شوارعها الرئيسة، مثل البناية الأنيقة في نهاية شارع مقهى الزهاوي المنشأة على طراز حضاري ينسجم مع كل الأزمنة، وشغلتها عدة دوائر حكومية آخرها الخزينة المركزية. 
يجاور هذا المبنى مرقد عثمان بن سعيد العمري في نهاية سوق الهرج في الميدان ويقابل جامعة السليمانية، وهو معلم تراثي عريق أنشئ في العهد العثماني، ثم الاعدادية المركزية الثرية بعطائها التربوي وكذلك البريد، وهي مدخل الى القشلة مقر الحكومة العثمانية وشارع المتنبي، الآن المبنى أصبح في حال يرثى له من الإهمال شبه المقصود، وأصبح مكبا للنفايات او مأوى للمشردين، لماذا لا تعاد إليها الحياة بشكلٍ أو اخر، بوصفها أنموذجا مدنيا حديثا الى جانب بغداد القديمة.
 النموذج الثاني الذي لايقل خرابا المطبعة الحكومية في باب المعظم في الجهة المقابلة لمحلة الفضل، اذ تعرضت الى الدمار شبه الكامل وسرقة المكائن والمعدات وبعثرة الاوراق والكتب، وصارت نهبا للمارة، وبات منظرها مقززا لكثرة المخلفات ورمي الانقاض فيها وملاذا لإيواء الحيوانات السائبة، ماذا لو أعيد تأهيل البناية من جديدة أو استغلالها كمجمع فني أو في مشاريع استثمارية ناجحة تسهم في رفد الاقتصاد الوطني بمردوات ربحيَّة.
 فضلا عن تشغيل العاطلين عن العمل، النموذج الثالث الأكثر ألما مجمع الأسواق المركزية في حي المستنصرية الذي انشئ على مساحة واسعة من الارض وفضاء مفتوح بطراز معماري لافت، إلا أن يد الإهمال امتدت له بقسوة لا نظير لها، وتعرض هو الآخر غلى السلب والنهب في مرحلة ما بعد التغيير ، ما زال الوقت أمام الحكومة لاعادة الاعتبار لهذا المبنى الحيوي، الذي كان يلبي احتياجات المواطن الضرورية بأسعاره المناسبة والمدعومة
أحيانا.  هذه النماذج الثلاثة هي صورٌ موجعة لعشرات المشاهدات لأبنية كانت يوما تنبض بالحياة قبل أن تصيبها مصائد الإهمال وغض البصر عن دمارها، فهي أولا وأخيراً أنشئت بأموال العراقيين، نأمل
التغيير.