أحمد فاضل .. الأدب النسوي نقطة خلاف

ثقافة 2019/04/06
...

حوار/ سريعة سليم حدي
الأدب النسوي كان وما يزال موطن جدل على الساحة الأدبية الواسعة بشكل عام, هذا مما ولَّد خلافات كثيرة في الرأي ما بين رافض وقابل ومتشدد ومستهجن.. فتعددت أسماء المصطلح وكثرت المقالات والكتب.. من هنا آثرنا إجراء الحوار التالي مع الأستاذ الأديب (أحمد فاضل) الذي ترجم للعديد من الكاتبات الغربيات, وكان له عدة كتب في هذا المجال:
* ما الذي دفعك لترجمة الأدب النسوي العالمي؟
 
ـ يحتل الأدب النسوي العالمي مكانة متميزة بين الأمم المتحضرة  كونه يحمل بين ثناياه الجرأة في الطرح، وهو ما غاب عنه الأدب العربي حتى مع بعض الاستثناءات من هنا حاولت التقرّب منه لنقل تجربة العديد من الكاتبات الغربيات خاصة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية. وذلك بما قدمنه من جهد فكري وثقافي وإنساني.
ليس  غريباً أن تولي الثقافة الأجنبية جُلَّ اهتمامها بالأدب النسوي  الذي  يشكل  نصف الحياة الثقافية والفكرية هناك إن لم نقل أكثر، فالمرأة الكاتبة ومنذ عقود تهيمن على الشارع الثقافي سواء في بريطانيا أم أميركا أو فرنسا أو ألمانيا والذي يصلنا عن  طريق  الترجمة لا يوازي الكم الهائل لأسماء باتت معروفة هناك، من أجل ذلك حاولت أن أقتحم عالم  المرأة  الكاتبة هناك وتقديمه للمتلقي العربي الذي يجهل الكثير عنه.
 
* ما الفوارق - برأيك - بين الأدب النسوي العربي والأدب النسوي الأجنبي؟
 
– الجواب قد يحتل صفحات كثيرة, لكنني أوجزه باختصار في الجرأة في الطرح, وتناول ما يمكن أن  نطلق عليه بـ (التابو) أي المحظور في نظر المجتمع، أي ما تعتبره أعراف المجتمع أو السياسة أو جهة أخرى من المحرمات (وليس حتماً وفق الشريعة التي يدين بها ذلك المجتمع)  وإن  كانت في بعض الأحيان  تقترن   لدى البعض بمفهوم الحلال والحرام, فالتابو أي خط أحمر لا يقبل  المجتمع تجاوزه بغض النظر عن مدى كونه مبرراً أو حتى متماشياً مع القوانين والشرائع.
  الكاتبة  الغربية  تتميز بأسلوبها  الواقعي  وغير النمطي، كما أنها تمتلك خيالاً خصباً حينما  تتناول  قضية اضطهاد المرأة سواء  في العمل أم في البيت، أو قضية الهوية أو الجنس أو التفرقة  العنصريّة.. هذه الاقتحامات الجريئة لا نجدها في عالم الكاتبة  العربية إلّا في بعض الاستثناءات ككتابات كوليت  خوري  أو لطفية الدليمي أو نوال السعداوي وغيرهن. من هنا جاء اهتمامي بترجمة أسماء وأعمال المرأة الغربية وتقديمها للقارئ العربي. 
 
* ما الذي لفت انتباهك في  موضوعات وأساليب الطرح بالنسبة للأدب النسوي العالمي؟
 
–  كل الكاتبات الغربيات وجدتهن يتمتعن بقابلية كتابية خارقة للأنماط الكتابية الموجودة عندنا إلّا في بعض الاستثناءات. هن  يمارسن الكتابة عن موضوعات حساسة في المجالات الاجتماعية والأسرية الصرفة.. أو ما يتناولنه من قوانين اجتماعية سارية  المفعول في مجتمعاتهن يشعرن أنها تقييد لحرياتهن مثل: قوانين الهجرة، الهوية، ويكتبن  بقوة  عن  التفرقة  العنصرية  في  العمل والحياة. 
 
* هل وجدت خلافاً ما بين الأدب النسوي والأدب الذي يكتبه الجنس الآخر، أم أن هذا الفصل بينهما جاء متكلفاً، وما هي  وجهة  نظرك  التي  استنتجتها من خلال ترجماتك المتنوِّعة؟
 
– هناك اختلافات واسعة بلا شك, مع أنّني لا أحبذ الفصل بينهما لأنهما جنس واحد لكنهما لا يلتقيان فيما يطرحانه، والفصل بينهما  قد يكون متكلفاً فعلاً. وجدت ذلك في أكثر ترجماتي حيث تعددت الخلافات في الآراء خاصة أن البعض من الكاتبات الغربيات لهن مواقف متشددة حيال الجنس الآخر.
 
* في كتابك (هموم كافكا) قدَّمت ترجمات متنوِّعة جداً عن الأدب  النسوي العالمي، ما هي القواسم المشتركة التي وجدتها في هذه الترجمات المختلفة؟
 
 –  جميع من تناولتهن بالترجمة من كاتبات غربيات، كانت هناك   قواسم مشتركة بينهن، فقد كُن يدافعن عن بنات جنسهن خاصة  عن اللواتي يتعرضن للاضطهاد والاغتصاب في العمل وفي البيت   وفي الأماكن العامة أو في دفاعهن عن الجميع. خذي مثلاً في    ترجمتي الموسومة: «كتاب الكاتبة الإنكليزية لارا فيجيل «طعم النصر المر في أنقاض الرايخ» الذي  تتحدَّث  فيه  عن  مرحلة  ما بعد الانتهاء من القضاء على النازية في (ألمانيا) وما واجهت  تلك المرحلة من صعوبات تكللت في النهاية بالنجاح، أو في ترجمتي الموسومة: «أعادت الرواية الكورية إلى الصدارة هان  كانغ في روايتها «النباتي» الأكثر مبيعاً في 20 بلداً الآن. وهي تتحدث فيها عن أحلام مزعجة ومقلقة تنتاب امرأة  تعاني من إحباطات جنسية تعرضت لها في شبابها، وترجمات أخرى التقت جميعا   لتتناول مشاكل المرأة ونضالها لوضعها في المكان اللائق في المجتمع والحياة.
* هل وجدت حقيقة كما يقال: إن الأدب النسوي يعد تمييزاً عنصرياً يهدر قيمة المرأة؟
 
– كلا، لم أجد ما يشير إلى ذلك لأنّ هدف ذلك الأدب هو أسمى من أن يطلق عليه تمييزاً عنصرياً فغايته الدفاع عن المرأة وليس الهدر من قيمتها تجاه المجتمع الذي تعيشه وترتبط به، فالقوانين التي وضعت منذ عقود لم تشارك المرأة في صياغتها أو مناقشتها  على الأقل والتهمة الكبيرة دائما ما توجه للمجتمع الذكوري الذي وضع وسنَّ العديد من تلك القوانين، فالمرأة حينما تدافع بفكرها  من خلال قلمها ويقف معها الكثير من الكُتّاب الذين يؤمنون بأحقيتها في التعبير عمّا يجول في نفسها، فهذا يشكِّل دليلاً قوياً على عدم عنصريتها كما يقال عنها.
 
* في «هموم كافكا» أيضاً ترجمت لكاتبات مازلن يتسيّدن الشارع الثقافي في  الغرب سواء عن طريق الرواية أو القصة  القصيرة أو الشعر.. منهن: أجاثا كريستي، إيزابيل اللندي.. فماذا عن مشاريعك 
الحالية؟
 
ـ لقد ظهرت أسماء عديدة أخرى قمت بترجمة ملخصة لإنجازاتهن في حقول الرواية والقصة القصيرة والشعر نشرتها في العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية والمواقع الثقافية الألكترونية الأدبية الرصينة كموقع «المثقف» الذي ينطلق من أستراليا وموقع الكتابة من مصر 
وغيرها.