عبد المهدي: نعمل على تفكيك منظومة الفساد وتطويقه
الثانية والثالثة
2019/04/10
+A
-A
بغداد / محمد الأنصاري
أكد رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي أن العراق لن يكون طرفاً في أي نزاع إقليمي، بل أنه يريد أن يكون مركز ثقل من أجل استقرار ومصالح المنطقة وإبعاد شبح الصراعات والحروب عنها خدمة لمصالح شعبه ومصالح دول المنطقة، وكشف عبد المهدي عن زيارة قريبة سيقوم بها إلى الرياض لعقد اتفاقات مع المملكة العربية السعودية على غرار الاتفاقات الموقعة مع مصر وإيران والأردن، وأشار رئيس الوزراء إلى أن المجلس الأعلى لمكافحة الفساد ماضٍ بتنفيذ آليات وخطوات تطويق منظومة الفساد وتفكيكها ومن بين تلك الخطوات "توطين الرواتب".
يأتي ذلك في وقت أقر فيه مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها أمس ضوابط إعارة الموظف للعمل بالقطاع الخاص، وأقر المجلس توصية اللجنة العليا لإصلاح نظام البطاقة التموينية بشأن الجرحى والمصابين بالعجز الصحي، والمحالين على التقاعد لأسباب صحية، كما صوّت مجلس الوزراء على عدة آليات وضوابط لأجل تحسين بيئة الاعمال والاستثمار.
وافتتح رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي أمس الثلاثاء، معرضاً للوثائق والمخاطبات الرسمية للنظام المباد، يوثق قرارات إبادة جماعية وأحكاماً جائرة بحق العراقيين موقّعة من قبل رئيس وأركان النظام المباد، كما أصدر عبد المهدي بيان تعزية في الذكرى السنوية لاستشهاد السيد محمد باقر الصدر.
المؤتمر الصحفي
وبدأ عبد المهدي مؤتمره الصحفي الأسبوعي أمس، بعرض إيجاز لأهم القرارات في جلسة مجلس الوزراء، ومنها "إعارة الموظف للعمل في القطاع الخاص وإعادة عرض موضوع الاستثمار في ميناء الفاو الكبير، وإقرار توصية اللجنة العليا لإصلاح نظام البطاقة التموينية بشأن الجرحى والمصابين بالعجز الصحي وهو القرار الذي يصب في مصلحة شريحة مهمة من المواطنين، إضافة لعدة قرارات أخرى".
وأكد عبد المهدي أن "9 نيسان يصادف يوم تغيير كبير شهده العراق بإزالة كابوس جثم طويلاً على صدر الشعب العراقي، ولقد دمر البلاد وأدخلها في حروب عديد وقمع العباد"، وأضاف أن "هذه المناسبة تتزامن مع جريمة كبرى ارتكبها النظام المباد بحق رمز ديني ووطني ومفكر كبير هو السيد محمد باقر الصدر، فمضى مجاهداً شهيداً قارع النظام وكان داعية للوحدة في بياناته المعروفة، حيث دعا لتوحيد صفوف الشعب العراقي بجميع مكوناته، ولقد واجه الشهيد الصدر النظام المباد بدون خوف، ونحن نقف وقفة إجلال أمام هذه الشخصية الكبيرة العظيمة".
السيول والفيضانات
وأشار، إلى أنه "تابع على مدار الساعة موضوع السيول والمياه، ولقد كنا ننتقل من موقع إلى آخر لمعالجة الأمور المتصلة بهذا الموضوع من حيث الإطلاقات المائية وطريقة توجيه المياه إلى الخزانات والأحواض الطبيعية منها أو الاصطناعية لغرض خزنها وتلافي الأضرار بكل صورة ممكنة على مواطنينا وممتلكاتهم وتقديم كافة الخدمات من إجلاء أو إنقاذ الأهالي من مخاطر السيول والفيضانات"، مؤكداً أن "الأمور لغاية الآن مسيطر عليها، ورغم ضغط السيول القادمة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن دجلة إلا أننا نحاول تصريف المياه إلى جميع الروافد الموجودة، ونحن بذلك نحاول السيطرة على هذه الملف وإبقائه كنعمة وهبة إلهية لخزن أكبر كمية من المياه".
مكافحة الفساد
وتطرق عبد المهدي إلى خطوات المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، حيث أكد "أننا نواصل بجد متابعة أعمال هذا المجلس، وأن هناك الكثير من المبادرات التي بدأت تسجل في كيفية محاصرة الفساد، ومن بينها مسألة توطين الرواتب، وعبر هذه الخطوة فإن هنالك تطويق كبير للفضائيين، وكبح ظاهرة صرف مبالغ طائلة من دون وجه حق، بحيث يذهب مبلغ الراتب إلى صاحبه الشرعي فقط"، منوهاً إلى "وجود فساد كبير عبر تعدد طرق السداد (سداد الرواتب)، ولذلك فلقد أشرنا مسبقاً أن الفساد هو منظومة وليس سراقاً أو فاسدين فقط رغم وجودهم، ويجب علينا تطويق الفساد بمنظومات".
وفي الشأن ذاته، أعلن عبد المهدي عن توقيع قرار يتم من خلاله انتداب عدد كبير من المحققين القضائيين إلى مراكز الشرطة، وقال: إن "هذه القرار جاء كي لا تتحول مراكز الشرطة إلى مواقع ابتزاز للمواطنين، وبذلك نحاول السيطرة على هذه الأمور"، مؤكداً أن "هنالك ملفات فساد ستظهر خلال الفترة القادمة"، وأن "بعض تلك الملفات دخل
حيز التنفيذ".
علاقات دبلوماسية
كما تطرق عبد المهدي في حديثه إلى الوفود الرفيعة التي تزور العراق، مؤكداً أن ذلك "دليل وشهادة من العالم الخارجي بأن الوضع في العراق يستقر أكثر فأكثر، وأن هناك آفاقاً واسعة للنشاطات الاقتصادية والعلاقات السياسية"، وأشار إلى استقبال الوفد السعودي الكبير الذي زار بغداد مؤخراً والاتفاقات والاجتماعات التي عقدت مع الوفد، وكشف عن "زيارة سيجريها قريباً إلى السعودية، وستكون لنا اتفاقات مع المملكة كما كانت لنا اتفاقات مع الأردن وإيران ومصر ودول أخرى، فنحن ماضون في هذا الاتجاه"، وأشار عبد المهدي إلى تلقيه اتصالا من وزير الخارجية الألماني، جرى فيه بحث التعاون والعلاقات بين البلدين، وكذلك "دعم قطاع الكهرباء والاستثمار بشكل واسع".
وأكد رئيس الوزراء، أن "علاقات العراق بمحيطه تتعزز بشكل كبير، وهو أمر مهم لأنه طوال العقود الماضية، كانت سمة علاقات العراق بجواره تصب باتجاهين؛ إما انتماؤه إلى محور من المحاور أو إثارة الخلافات مع دولة معينة، كالخلافات التي نشأت مع إيران وسوريا والكويت والسعودية وتركيا والأردن، وتعددت تلك الخلافات بين مالية وسياسية وجغرافية، ولقد كانت الخلافات هي التي يجري بحثها، ولكن منذ مجيء هذه الحكومة والحكومة التي سبقتها، بدأنا بالانفتاح على الخارج، وهذا الانفتاح صار يبنى على المشتركات مع دول الجوار أكثر مما يبنى على الخلافات"، مستدركاً: "ليس معنى ذلك أننا ننسى الخلافات فهي موجودة، ولكن نحاول أن نطوقها بمشتركات كثيرة، فنظرية أننا لن نتقدم في العلاقات إلا إن عالجنا كل المشاكل؛ فإن ذلك يعني أننا سنبقى قرناً آخر عالقين في دوامة الخلافات، بينما أن تفعيل المشتركات فيه عدة أمور إيجابية، فهو أولاً يتضمن الحفاظ على مصالح العراق مع أي بلد آخر، كما أن فيه صالح للمنطقة مثلما نشهد اليوم من إقبال الدول المجاورة على عقد اتفاقات وتعاون مع العراق، ونعتقد أن المشتركات كثيرة جداً بين العراق ومحيطه الإقليمي، وأن الخلافات لن تجلب المنفعة لبلدنا، وكمثال على ذلك سعينا لتسوية مسألة شط العرب التي خسر فيها العراق في العقود والسنوات الماضية كثيراً من المصالح، وذلك هو منطقنا لحل الخلافات الذي ينشأ عنه كثير من التقدم والمصالح".
أسئلة الإعلام
وأجاب رئيس الوزراء عن الأسئلة التي وجهها مندوبو وسائل الإعلام المختلفة التي حضرت المؤتمر، ففي إجابة له بشأن سياسة العراق إزاء كل من الولايات المتحدة وخلافاتها مع إيران، قال: "لدينا سياسة خارجية منظمة، والعراق اليوم لديه مركز قوي في المنطقة، فبعد أياما سيعقد اجتماع برلماني مهم لكل دول الجوار، وذلك لم يحصل سابقاً لولا الموقع الجديد للعراق، وبالتالي فإن مصطلح (مسك العصا من الوسط) في رسم سياستنا مع طهران وواشنطن لا يتطابق في وصف موقفنا، وكما ذكرنا مراراً فأن العراق لن يكون ضمن أي محور، بل يريد أن يكون مركز ثقل وهناك فرق بين الموقعين، ولدينا ثقل وسياسة يحترمها الجميع".
وكشف عبد المهدي عن اتصالات مكثفة أجراها مع زعماء المنطقة والإدارة الأميركية لإيقاف قرار واشنطن بإدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة الإرهاب، وأضاف، "لقد أبلغنا جميع الأطراف أن مثل هذا القرار ستكون له ارتدادات وآثار سلبية على المنطقة، ولكن واشنطن أصرت على إصدار القرار، وسيكون هناك قرار إيراني مقابل"، مؤكداً أن "العراق ينأى بنفسه عن أي صراع في المنطقة مثلما صرحنا مراراً وتكراراً وكذلك أخبرنا الجميع بإبعاد أي صراع عن أراضينا، وسنستمر في استثمار علاقاتنا الجيدة بالطرفين (واشنطن وطهران) وبكل الأطراف"، وأضاف، "لم تعان دولة مثلما عانى العراق من الحروب والصراعات طيلة عقود طويلة، وذلك يجب أن يتوقف"، وتابع القول: "ليس معنى ذلك أننا نريد النأي بأنفسنا فقط، وإنما السعي لإبعاد شبح الحروب والصراعات عن المنطقة التي تهمنا أيضاً مصالحها ومصالح شعوبها لأننا جزء منها، ونحن ندعو إلى التهدئة وإيجاد لغة دبلوماسية تبعد التصادم، لأن تصعيد الصراع لن يخدم أحداً لا العراق ولا إيران ولا دول المنطقة ولا حتى الولايات المتحدة نفسها، والجميع سيكون خاسراً".
وبشأن ملفات الفساد، أكد رئيس الوزراء، أنه "ليست كل القضايا المفتوحة في هذا الملف حقيقية، ولقد حاولنا في أول اجتماع لمجلس مكافحة الفساد الذي حضره المرحوم عزت توفيق رئيس هيئة النزاهة الراحل، تصنيف القضايا وفرزها بحسب أهميتها وخطورتها، حيث وضعنا ثلاثة مستويات للقضايا (الأهم، المهم، والأقل أهمية) حتى لا نغرق وتتشتت جهودنا، لذلك تكلمنا وفرزنا 40 ملفاً يتعلق بأهم قضايا الفساد لتفكيك منظوماتها وأصدرنا قرارات ستكون ملموسة في
الواقع قريباً".
جلسة مجلس الوزراء
وعقد مجلس الوزراء جلسته الاعتيادية أمس الثلاثاء برئاسة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، وأفاد بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء تلقته "الصباح"، بأن مجلس الوزراء قرر تعديل تعليمات تنفيذ الاعمال بإسلوب التنفيذ أمانة رقم (1) لسنة 2018، كما اقرّ المجلس ضوابط إعارة الموظف للعمل بالقطاع الخاص، وصوت مجلس الوزراء على إعادة عرض موضوع الاستثمار في ميناء الفاو الكبير مُجدداً على مجلس الوزراء.
ووافق مجلس الوزراء على فتح قنصلية فلبينية لدى العراق في محافظة أربيل، وفتح قنصلية عامة سعودية لدى العراق في محافظة النجف الاشرف في مقابل فتح قنصلية عراقية بمدينة الدمام السعودية، وقنصلية عامة لجمهورية العراق في تورنتو الكندية، وتأسيس مكتب لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في محافظة نينوى، وأقر المجلس توصية اللجنة العليا لإصلاح نظام البطاقة التموينية بشأن الجرحى والمصابين بالعجز الصحي، والمحالين على التقاعد لأسباب صحية. وشهدت الجلسة التصويت على تحسين بيئة الاعمال والاستثمار بشأن ما يأتي: آلية منح سمات الدخول للمستثمرين والعمالة الاجنبية في المشاريع الاستثمارية / آلية تسجيل الشركات وبدء النشاط التجاري / النافذة الواحدة في هيئات الاستثمار / الاراضي والبنى التحتية.
كما أقر مجلس الوزراء توصيات اللجنة المؤلفة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (23) لسنة 2019 بشأن تدقيق الكشوفات المقدمة من وزارة الزراعة، والاجراءات المتبعة في تعويض الاضرار جراء الاصابة بمرض انفلونزا الطيور.
معرض الوثائق
من جانب آخر، افتتح رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي أمس الثلاثاء، معرض الوثائق والمخاطبات الرسمية للنظام المباد، المقام تحت شعار (الوثيقة تأريخ ناطق) ويوثق المعرض، بحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء تلقته "الصباح"، قرارات إبادة جماعية واحكاماً جائرة بحق العراقيين موقّعة من قبل رئيس وأركان النظام المباد، وأقامت المعرض وكالة وزارة الداخلية للشؤون الادارية والمالية / مديرية السجلات والوثائق.
استشهاد الصدر
إلى ذلك، أصدر رئيس الوزراء بيان تعزية بذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر، وقال عبد المهدي: أنه "في أيام المحنة والجهاد ومقارعة الاستبداد وفي مسيرة شعبنا المظفرة التي مهدت لسقوط الدكتاتورية، تقدّم علماؤنا المجاهدون الصفوف وتصدوا للمسؤولية التأريخية والواجب الشرعي والوطني في رفض الظلم وفي الدفاع عن الشعب، وكان في المقدمة المفكر الكبير والعالم المجاهد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر قُدس سره الشريف، الذي صدق ما عاهد الله عليه وقال كلمة الحق عند سلطان جائر وضحى بنفسه ليكسر حاجز الخوف، وقارع بالكلمة والموقف الشجاع سياسات القمع والاستبداد التي مارسها النظام المباد بحق ابناء الشعب العراقي الصابر المحتسب". وأضاف عبد المهدي، "في هذه الايام نستذكر جريمة النظام الكبرى بإعدام الشهيد السيد محمد باقر الصدر وكوكبة من العلماء والمجاهدين، تلك الجريمة التي عمّقت أسس سقوط رأس النظام وانهيار حكمه المستبد في مثل هذا اليوم من العام ألفين وثلاثة"، مؤكداً أن "كلمات الشهيد الصدر (قدس سره) وخطاباته الموجهة الى العراقيين كافة ستبقى خالدة أبد الدهر وتؤرخ لمسيرة جهادية وضعت وحدة الشعب في المقدمة وقدمت الغالي والنفيس من أجل نيل الحرية والخلاص من الظلم، إذ تحمّل الشهيد الصدر بنفسه عذابات السجون ولاقى ربه مخضبا بدمه شهيدا وشاهدا ومحطما للأغلال، فحطم بفكره وجهاده وتضحيته الصنميةَ والقيود والاستعباد.. سلام على الشهيد الصدر وأخته العلوية يوم كتب ونطق بالحق وزعزع عروش الظالمين، وسلام عليه نبراساً مضيئاً وسلام عليه شهيداً
ومنتصراً".
وختم رئيس الوزراء بيان التعزية بالقول: "وإذ نتقدم لشعبنا ولمراجعنا العظام بأحر التعازي بحلول ذكرى استشهاد السيد الصدر، ندعو أبناء شعبنا الكريم الى التمسك بالقيم والمبادئ التي ضحى من أجلها الشهيد الكبير ودفع آلاف العراقيين دماءهم لتحقيقها، والحفاظ على الوحدة التي كانت القاسم المشترك في منهجه وفي كل خطاباته.. تحية لأرواح شهداء العراق على طريق مقاومة الاستبداد وفي مواجهة الهجمة الارهابية
السوداء ."