{سنابل}.. وأزمة الشعر

ثقافة شعبية 2023/03/02
...

كاظم غيلان 

لعل من الهوايات المحببة لأنفسنا المأخوذة بحماس الشعر واندفاعنا المبكر في تلك الحقبة السبعينية، الذي لخصته تجاربنا الأولى الطرية الواثقة، والمسؤولة معاً. إصدارنا لنشرات مدرسية حائطية، لكن يا لها من 

نشرات .

أقدمت على إصدار، أول نشرة بينما كنت في المرحلة المتوسطة مكرسة لشعر العامية أقوم بتحريرها وإصدارها وتعليقها على أحد جدران المدرسة بأبسط ما امتلك من أدوات (قلم جاف، قلم حبر، أقلام الماجك الملونة، علبة صمغ للصق الصور) هذه هي عدة التحرير .

اليوم والعدد الأول من تلك النشرة والتي منحتها اسم(سنابل) يشخصان في ذاكرتي وكيف خصصت الركن الأيسر لجانب العنوان والذي هو (حكمة العدد) فاخترت بيتاً لمظفر النواب من قصيدة (صلاح) هو:

(المنايا الماتزورك زورها) والصقت صورة للنواب بالصمغ بعد أن اقتطعتها من جريدة (الراصد) وتضمن ذلك العدد قصائد شعرية منتخبة جداً .

في عدد تالٍ خدمتني مصادفة جميلة إلا وهي مرور الشاعر الشهيد ذياب كزار(ابو سرحان) بالعمارة قادماً من البصرة ليمضي استراحة قصيرة معنا، أنا والصديق كريم القزويني، ليغادرنا لبغداد فاقتنصت الدقائق جيداً لمحاورته بعد أن زودني بصورة شخصية استلها من محفظته فأتممت مادة وضعت لها عنواناً يتناسب مع وعي تلك الحقبة: (لقاء مع الشاعر ابو سرحان). 

وللأمانة التاريخية كنت احتفظ بأي عدد صادر لأسلمه إلى الصديق الشاعر، ريسان الخزعلي الذي يحمله ويقوم بلصقه في الجامعة التكنولوجية ببغداد، إذ كان طالباً 

فيها. 

هكذا وبهذا الحماس، وبفهمنا للشعر بوصفه هماً ثقافياً، وإحدى قضايانا وهمومنا الإنسانية والإبداعية، كانت اللهفة بأعلى مستويات الوعي وباندفاعات الروح بكل ما تحمل من شفافية وشجاعة ترفدها ثقافة التجربة رغم بداياتها. وهكذا تنمو السنابل أليس كذلك؟. 

تلك النشرة (الجدارية) كانت الدافع الأول لشغفي بعالم الصحافة التي لم أدخلها عبر دراسة أكاديمية ولا ورشة تدريبية، إنما يعود الفضل لـ (سنابل).

تذكرت تلك النشرة وما تضمنته من موضوعات وأنا أطالع ما ينشر على صفحات الفيسبوك من شعر عامي وبضع كتابات عنه والتي لم أجد في معظمها ما يصلح للنشر في (سنابل). والآن .. فكم كان محقاً سركون بولص يوم أطلق جملته الشعرية تلك: (آه .. أيها الماضي ماذا فعلت

بحياتي).