لماذا أمرنا الله بالصوم 30 يوماً؟

استراحة 2023/04/01
...

قد يكون السبب هو أننا لا نتحمل الصوم أكثر من ثلاثين يوماً أو يكون موجباً للعسر والحرج الشديداً أو يكون موجباً للإضرار بالصحة وإيجاد الضعف البدني لدي الإنسان أو غير ذلك.

وبالإجمال نقول بما أنَّ الله تعالى عالمٌ حكيمٌ لا يفعل فعلاً عبثاً ولغواً فلا بُدَّ أنْ يكون في الصوم ثلاثين يوماً مصلحة راجعة إلينا لا إلى الله تعالى؛ لأنه غنيٌّ بالذات ولا يحتاج إلى صومنا وصلاتنا، ولو كانت هناك مصلحة في إيجاب الصوم أكثر من ثلاثين يوماً لكان الله تعالى يوجبه فمن عدم حكمه بوجوب الأكثر من ثلاثين يوماً يعلم عدم المصلحة في الأكثر وانحصار المصلحة في الثلاثين فقط هذا على فرض تسليم أنَّ آدم كان مأموراً بالصوم أكثر من ثلاثين يوماً مع أنه غير معلوم.

عن مولانا الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما قال: "جاء نفرٌ من اليهود الى رسول الله صلى الله عليه وآله، فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان في ما سأله أنْ قال له: لأي شيءٍ فرض الله عز وجل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوماً، وفرض على الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إنَّ آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوماً، ففرض الله على ذريته الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عز وجل عليهم، وكذلك كان على آدم، ففرض الله ذلك على أمتي، ثم تلا هذه الآية: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ). 

قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتساباً إلا أوجب الله عز وجل له سبع خصال: أولها: يذوب الحرام في جسده، والثانية: لا يبعد من رحمة الله تعالى، والثالثة: يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم، والرابعة: يهون الله عزوجل عليه سكرات الموت، والخامسة: أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة: يعطيه الله عز وجل براءة من النار، والسابعة: يطعمه الله من طيبات الجنة، قالت اليهود: صدقت يا محمد.

وللصومِ ثلاثُ درجات: الأولى - صوم العموم: وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة، وهذا لا يفيد أزيد من سقوط القضاء والاستخلاص من العذاب. 

الثانية - صوم الخصوص: وهو الكف المذكور، مع كف البصر والسمع واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن المعاصي، وعلى هذا الصوم تترتب المثوبات الموعودة من صاحب الشرع. 

الثالثة-صوم خصوص الخصوص: وهو الكفّان المذكوران، مع صوم القلب عن الهمم الدَنية، والأخلاق الردية، والأفكار الدنيوية، وكفه عما سواه بالكلية، ويحصل الفطر في هذا الصوم بالفكر في ما سوى الله واليوم الآخر.. وحاصل هذا الصوم إقبال بكنه الهمة على الله، وانصراف عن غير الله وتلبس بمعنى قوله تعالى: (قل الله ثم ذرهم).

وهذا درجة الأنبياء والصديقين والمقربين، ويترتب عليه الفوز بما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب أحد.

وإلى هذا الصوم أشار مولانا الصادق (ع) حيث قال: (قال النبي (ص): الصوم جنة.

أي سترٌ من آفات الدنيا وحجابٌ من عذاب الآخرة، فإذا صمت فانوِ بصومك كف النفس عن الشهوات، وقطع الهمَّة عن خطرات الشياطين، وأنزل نفسك منزلة المرضى، ولا تشتهي طعاماً ولا شراباً، وتوقع في كل لحظة شفاءك من مرض الذنوب، وطهر باطنك من كل كدرٍ وغفلة وظلمة يقطعك عن معنى الإخلاص لوجه الله.

قال رسول الله (ص): قال الله تعالى: الصوم لي وأنا أجزي به.

والصوم الأخير صوم الجوانح وهو الأفضل، اذا قُرنَ بصوم الجوارح.