البريمييرليغ يتحدّث الإسبانية

الرياضة 2023/07/03
...

علي رياح



تخلّى الإنكليز أواسط تسعينيات القرن المنصرم عن بقايا تزمّتهم التدريبي في كرة القدم، وفتحوا النوافذ والشبابيك أمام تجارب قادمة من وراء الحدود، وصار مألوفاً أن ترى فريقاً مهماً كالأرسنال يقوده مدرب من خارج إنكلترا وإسكتلندا وجمهورية إيرلندا، أعني بالطبع الفرنسي أرسين فينغر الذي كسر الأطر الجغرافية ببراعة، ويكفيه فخراً أنه مثـّـلَ اللون التدريبي الفرنسي على مدى 23 سنة ابتداءً من 1996، وقد تبعه بعد ذلك سبعة مدربين فرنسيين حتى يومنا هذا، لم يحظ أي منهم بقدر كبير من النجاح، وكان آخرهم باتريك فييرا مع كريستال بالاس وقد تمّتْ إقالته في آذار الماضي.

تمضي المواسم لنشهد كل هذه الانقلابات في الرؤية الإنكليزية التي صارت عالمية بامتياز، حتى باتت إسبانيا تشكل عموداً فقرياً على هذا الصعيد، وقد سجّل الموسم الماضي وجود سبعة مدربين إسبان في القيادة التدريبية من بين (39) مدرباً أشرفوا على الفرق، نجح تسعة منهم فقط في إكمال الموسم كما بدأوه.

كيف تغيّرت، على مَرّ الزمن، الهويّة التدريبية في البريمييرليغ الذي تأسس عام 1992؟! يشير تقرير ممتع نشره موقع (ذي أثلتيك) الأمريكي إلى أنه بمجرد وصول غوارديولا وأرتيتا وإيمري إلى مانشستر سيتي وأرسنال وأستون فيلا، اختلفت الصورة والمردود والإنجاز، فأصبح الحضور التدريبي الإسباني قابلاً للنمو والازدهار، هذا الحضور الذي انطلق عملياً في الموسم 2004-2005 بتعاقد ليفربول مع رفاييل بينيتيث، ومن يومها لم يخل موسم من مدرب واحد إسباني على الأقل، بعد أن كان الوجود التدريبي (من خارج إنكلترا) مقتصراً على إسكتلندا وجمهورية إيرلندا.

يتذكر عشاق تشيلسي اليوم الذي وصل فيه البرتغالي جوزيه مورينيو إلى معقلهم 2004، ولدى نهاية الموسم الماضي كان مجموع المدربين البرتغاليين ستة آخرهم ماركو سيلفا مع فولهام.. وهكذا أصبحت (الجالية) التدريبية البرتغالية في ترتيب موازٍ للإسبانية رقمياً، لكن الأخيرة احتفظت في الموسم الماضي بالنخبة والنجاح، والعدد سيرتفع بشكل مُطرد في المستقبل، هكذا تشير التوقعات.

واضح أن الأجانب قد أحدثوا كل هذا التغيير، حتى أن الموسم الماضي شهدَ وجود مدربين من (14) بلداً، وفي الموسم الجديد سيرتفع العدد إلى (15) بقدوم الأسترالي إنجي بوستيكوغلو مدرباً لتوتنها.

الإحصاءات المتاحة الآن تؤكد أن المدربين الإنكليز سيتواجدون بنسبة تقرب من (20) بالمائة فقط من إجمالي مدربي الأندية المشاركة في البريمييرليغ بعد أن تأكد بقاء روي هودسون على رأس قيادة كريستال بالاس وهذه هي النسبة الأقل منذ عام 1992.. وكان لافتاً أن المدرب الإنكليزي الناجي الوحيد من مقصلة التغيير في الموسم الماضي هو إيدي هاو الذي قاد نيوكاسل ببراعة لتحقيق إنجازات لم تكن متاحة للنادي ردحاً طويلاً من الزمن.

لم يستبق المدربون القادمون من خارج الجزر البريطانية إلا القليل لمدربي هذه الجزر، إسكتلندا مثلاً لم تقدم في الموسم المنتهي سوى مدرب واحد هو ديفيد مويس مع ويستهام.. لقد صمد الرجل الذي اختاره مواطنه السير اليكس فيرغسون صاحب الـ (1500) مباراة مع اليونايتد في البريمييرليغ، كي يخلفه في أيار 2013.. وقد شاءت المقادير أن يفشل مع الشياطين ويجد حظاً من النجاح مع النادي اللندني الشهير.