قاسم موزان
العراق مصدر الإشعاع الحضاري والإنساني، والعاصمة بغداد مركز الحكم والثقافة والقرار السياسي، وبغداد تحديداً أخذت تشهد منذ سنوات أزماتٍ حادةً أكثرها تندرج في إطار اللامبالاة المقصود، وتتعرض لإساءات بالغة من قبل، بعض الذين باتوا يشكلون للأسف الغالبية العظمى، التي ركبتها موجة الانفعال المفتعل والتصرفات غير المسؤولة في حفظ هيبة البلد؛ فهم يرسمون صور الخراب في أبشع أشكاله، متجاوزين الذوق العام، حتى كاد يسيطر عليهم الاعتقاد، بأن المواطن الذي يتمتع بحس وطني أنه مصاب بلوثة عقلية.. هؤلاء تنمروا على مجتمع بأكمله، من خلال سلوكيات شاذة لا تنتمي لقواعد وقيم الارث العراقي
الأصيل.
فالمواطن الذي يتقصد رمي الأوساخ والنفايات في الطرقات، ويتركها تتراكم على نحو مقزز ويتمادى في تصرفه فهو “مدان”، عندما يستبيح الجدران العامة والخاصة، كاتباً عليها بخطوط قبيحة أو يلصق إعلانات شخصية “مدان” أيضا، المواطن الذي يستغل الرصيف لأغراضه الشخصية، ويعيق السير “مدان”، كالذي حول شوارع بغداد إلى مناطق صناعية لتصليح السيارات والدراجات تعج بالفوضى “مدان”، المواطن الذي يسيء لرجال المرور ويعتدي عليهم، وينعتهم بأقبح الألفاظ السوقية بغياب اجراءات رادعة تعاقب المخالف ويحمي هيبة شرطة المرور، كما هو السائق النزق، الذي يقود عجلته برعونة، مستخدما هاتفه النقال غير آبه بأرواح الأبرياء، طالما يدور في ذهنه جهة ما سوف تحميه عند الطوارئ فهو وسابقه مدانان.
الذي يمعن الأذى بالممتلكات العامة ويعبث بها “مدان”، وذاك الذي يسطو، من دون وجه حق على التيار الكهربائي ويحرم غيره منها في صيف لاهب فاقت حرارته التوقعات فهو “مدان”، من سمح لنفسه احتلال أراضي الدولة، ويشيّد عليها “مقاطعة عشوائية” يؤجرها لمن يشاء وله القول الفيصل، وفي رأسه فكرة أنه صاحب حق مكتسب بالتقادم “مدان “
كذلك.
كل هؤلاء المدانين وغيرهم شكلوا منظومة خرائبية للبلاد، وكأن بينهم اتفاق ضمني لتصعيد وتائر الدمار بامتياز، كل ذلك في عتمة غياب قانون صارم يحد من السلوكيات المعيبة، قانون لا يجامل ولا يقبل الوساطة، والفرص ما زالت مواتية لتطبيق القانون بحذافيره بحق (المدانين)، الذين تناغموا وانسجموا مع
التشويه.
الدولة في الوقت الحاضر تستنفر قدراتها البشرية والمادية، لإحداث تغيرات جوهرية في الواقع الخدماتي، وهذا ما يلمسه المواطن لدى تجواله في شوارعنا، التي باتت أكثر إضاءة، وعلى الجميع الوقوف معها.. نأمل التغيير