بيروقراطيَّة القوانين والقرارات

آراء 2024/07/01
...

 سوسن الجزراوي


تعج الساحة الحكومية بالمئات من القوانين والقرارات التي تسنها السلطة التشريعية، أو تنبثق من توصيات واجتماعات رسمية أخرى مثل مجلس النواب، وهذه كلها تصب في خدمة المواطن وتنظيم حياته، وبالتالي تقود المجتمع إلى حالة من الاستقرار والمعرفة بما له وما عليه. من ناحية اخرى فانها تؤثر بشكل كبير في اقتصاد البلد وواقعه القانوني والسياسي والاجتماعي، بل حتى على مستوى علاقاته الخارجية مع الدول. كما وتشهد اعداد كبيرة من هذه القرارات، اخفاقات عديدة في آلية تنفيذها، التي يفترض ان تتم من قبل الجهات المعنية بها مثل المؤسسات الحكومية الرسمية، بل حتى مؤسسات القطاع المختلط أو الخاص الذي تفرض عليه بعض بنود القانون، والاسباب كثيرة تبدأ من عدم استيعاب فكرة هذا ( القانون ) أو ذاك القرار، مروراً بخضوعه لمزاجيات الموظف المسؤول عن ( التنفيذ)، وصولاً إلى حالات الترهل والاداء غير الرصين ازاء اغلب مايصدر أو ماتحتويه بنود القرار.

وتهمل الكثير من القطاعات الحكومية ومؤسسات الدولة، قضية المتابعة والتي أراها، الجزء الاهم والاصعب في سلسلة نص القوانين واصدار القرارات، اذ تلعب مسألة متابعة مايصدر من بنود، دورا هاماً في تنفيذها، لانها الخطوة الاولى بعد اقرارها، (فلا تنفيذ دون متابعة)، وربما ايضا دون (محاسبة).

ومع التطور التقني للحياة، اصبح الكثير من المعنيين بتفيذ بنود القوانين والقرارات، يستسهلون الاتكال على المنظومة الرقمية التي تؤدي دوراً بديلاً عنهم، وهم بهذا يضعون مصير المواطن ومطالبه تحت مطرقة خرساء لاتعرف الا لغة البرمجة، التي يعتريها الخلل احياناً ويأكل من جرفها اخفاق منظومة الانترنت أو (الخادم الرقمي) أحيانا أخرى، من ناحية أخرى، صارت هذه المسألة اعلاه، حجة لبعض المؤسسات والدوائر التي تفتقد هذا التطور التقني وبالتالي تتحجج بأن رتابة العمل اليدوي وسلسلة المراجع، هي السبب في تأخر التنفيذ، ليقع الشخص المعني في ورطة هذا المقص الثنائي (المثلوم).

وحتى لا نلقي باللوم كاملاً على الجهات الرسمية، يجب ان نتوقف عند المراجع نفسه، والذي يجب ان يعي دوره في تسهيل تطبيق مايصدر عن الدولة ومؤسساتها من قرارات وقوانين، ولا أعني الامتثال الكامل لها ولكن على اقل تقدير، استيعاب حيثياتها وإدراك أنها انما اتخذت بناء على مقتضيات المصلحة العامة، اضافة إلى هذا، فإن دوره يتجسد في حرصه على متابعة معاملته وفق الخطوات الاصولية وتحت نظام التنظيم بالمراجعة، واحترام الموظف المختص، اذ تم تسجيل العشرات من حالات (الهجوم) اللفظي والاستهانة والاستهزاء بالمعني بتمشية القرار والقانون، وانتقاد الدولة بالفاظ نابية والتعامل مع الموظف كأنه آلة بلا قيم ولا مشاعر، وهذا كله يقود بلا ادنى شك، إلى تمرده ضد تسهيل مهمة المراجع، وكي لانتجاوز نقطة أخرى غاية في الاهمية، الا وهي (الواسطات)، التي تجعل معاملة فلان تتقدم بفارق أهداف خرافية على معاملة علان، الامر الذي يجعل المراجع الملتزم بالطابور يستشيط غيضاً على الاساءة اليه عبر تفضيل (العرف) على انسانيته وحاجته.

من هنا اصبحت الحاجة ملحة جدا لضرورة متابعة ما يُسن من قوانين وقرارات ومحاسبة المقصر بتنفيذها، فهو بهذا سيكون أولا متجاوزاً للاعراف الرسمية، التي تلزمنا جميعاً باحترام ما يصدر من قوانين وقرارات حكومية، كذلك فان عدم تنفيذه بنود القرار سيؤدي إلى ترهلات وتأخير لاداع له، ما يؤثر سلباً في سير العمل وتسهيل مهمة المواطن عبر احتراف بيروقراطية المعاملات والإجراءات الرسمية والمعقدة المتبعة لإنجاز أي معاملة أو إجراء. والتي غالبا ما تكون بطيئة ومرهقة وتتطلب الكثير من الأوراق والموافقات، ما يعيق سير أي 

معاملة.