الصيف والكهرباء وثالثهم الإعلام

آراء 2024/07/03
...

 محمد شريف أبو ميسم 


عند انقطاع التيار الكهربائي مع تصاعد لهيب حرارة الصيف، تتصاعد أصوات الناس مطالبة بحق الحصول على خدمة كهربائية جيدة، ويتكرر المشهد سنويا، إذ تتنوع الأصوات بين السخرية والتهكم والنقد اللاذع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كلما اقتربنا من الخمسين درجة مئوية، اذ توظف الكوميديا السوداء التي عرف بها العراقيون للتعبير عن مأساة الحر وتداعياته، ولا يخلو الأمر من أساليب الإثارة الإعلامية، التي توظفها القوى المعارضة للحكومة، فيما يتصاعد استغلال هذه المتلازمة التي حيرت المراقبين (في بلد كان يحتاج لنحو 15 ألف ميكا واط من الكهرباء في العام 2013 وهو اليوم ينتج 28 ألف ميكاواط وغير قادر على توفير هذه الخدمة على مدار الساعة) وصولا إلى مرحلة تبدو في أعلى تجلياتها وكأنها حرب دعائية في حملة انتخابية شديدة

المنافسة.

 ومع ذلك لا تستطيع وسائل الإعلام ولا مواقع التواصل في أعلى حالات التكثيف الإعلامي أن تجر الأصابع لتشير إلى مكامن الخلل، ولا تستطيع الأصوات أن تلفت الأسماع لمعالجات وبدائل فنية أو إدارية ولا حتى سياسية، اذ تطغى ضبابية السخرية والتهريج والمواقف المسبقة المدفوعة برغبة استغلال أجواء الأزمة بهدف التسقيط، وليس بهدف المشاركة في حلها.

ونحن وإن كنا الدافعين الرئيسين لضريبة الأخطاء التي يرتكبها الآخرون، إلا أننا في نهاية المطاف لسنا معنيين بزيد أو عمر وهما يتصارعان على الصدارة، لنبتلى بهذا الكم من التهريج الإعلامي والتسويف في عرض الحقائق دون الإشارة إلى رغبة الإرادات الدولية، التي تحكمت بهذا الملف وسواه الذي يؤسس لخصخصة وظائف الدولة، وصولا لهذا الهدف الذي تكلمنا عنه من قبل وقدمنا فيه الأدلة منذ جولة «جيمس بيكر» المكوكية في العام 2004 لإسقاط نحو 80 بالمئة من ديون نادي باريس، مقابل حزمة إصلاحات شرطية تتقدمها رفع أسعار المحروقات وخصخصة قطاع الكهرباء وتحرير سعر الصرف، وصولا إلى ما أعلنه السفير الألماني «اوله دييل» في تموز 2022 والذي أكد فيه وهو بصدد الحديث عن عقد أبرمته الحكومة العراقية مع شركة سيمنز الألمانية «أن امريكا غير راغبة بإصلاح ملف الكهرباء في العراق».