سعد العبيدي
لقد وقع العراق أو أوقعه ساسة الزمن السابق «المصابون بداء العظمة» في حروب، غيرت مجرى الحياة، حرفتْ مسارات الاقتصاد والسياسة، دفعت البلاد إلى العيش في حالة من عدم الاستقرار لعقود أربعة، ودفعت بالأبناء إلى الهجرة والتشرذم والعيش تحت وابل القلق والاضطرابات النفسية شبه المستمرة... وعلى الرغم من التغير وأفول نجم الدكتاتورية وانتهاء عصر العبادة الأيديولوجية للرجل الأوحد، بقيت طبول الحرب تقرع في ربوع البلاد دون توقف أو حتى الحصول على استراحة مناسبة لالتقاط الأنفاس، لكن قرعها هذه المرة مختلف، جاء من خارج دواوين الدولة، من حركات وجهات مسلحة تشارك في إدارة الدولة دون الرجوع إلى أجهزتها المعنية بإعلان الحرب، ومن غير التنسيق مع المؤسسات القادرة على إدارتها عسكرياً وسياسياً وإدارياً، وهي، وعلى وفق سياقات الإعلان الثورية، ستكون نتائج حصولها ذات كلف وتأثيرات كبيرة على الدولة والمجتمع، بينها تهديد السيادة والاستقلال، وزيادة التسارع في مسارات تآكل السلطة، وبينها تعقيد المشهد السياسي واضطراب الأمن وحصول العدو الداخلي على جرع نفسية للإمعان في التخريب، والأكثر كلفة تقويض هيبة الدولة وإضعاف قدرات الحكومة المركزية في الضبط
والسيطرة.
إن إعلان الحروب وخوضها بهذه الطريقة، ودون موافقة البرلمان الجهة الدستورية المخولة بإعلان الحرب، سيضع العراق الدولة والمجتمع في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، قد يفضي إلى فرض عقوبات دولية، وتقييد المساعدات الاقتصادية والتنموية التي يحتاجها العراق في إعادة بناء بنيته التحتية واقتصاده.
هذه من بين الآثار السلبية القريبة لإعلان الحروب وخوضها بمعزل عن الدولة، وهناك بطبيعة الحال آثار وأضرار على المدى البعيد، يتمثل قسم منها بتقويض قدرات الدولة اللازمة على الاستمرار في الوجود دولة موحدة... آثار ومخاطر سيعتمد تفاديها أولاً وأخيراً على قدرة الحكومة ومناورتها لتطبيق فقرات الدستور المتعلقة بشن الحرب، وضبط حركة الجهات المسلحة لتكون جزءاً من حركة الدولة الاستراتيجية والتعبوية، خاصة ما يتعلق منها بالتعامل مع الأعداء والأعداء
المحتملين.