نرمين المفتي
اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي في الأسبوع الماضي فيديو عن الاسير الغزي المحرر (بدر دحلان 29 سنة) متزوج وله ابنة واحدة، وشاهده على منصة (X) وحدها وخلال يومين فقط مليون مشاهد.
اختفى دحلان وهو نازح مع عائلته من خانيونس في رفح قبل شهر من تحريره وبحث عنه اهله في كل مكان، المستشفيات والمخيمات ونشروا صورته على مواقع التواصل الاجتماعي على امل العثور عليه.
وفجأة جاءهم بلاغ من مستشفى شهداء الأقصى بأن دحلان ومع أربعة أسرى محررين اخرين، قد ادخلوا المستشفى لسوء وضعهم الصحي في 22 حزيران الماضي وليجدوا أمامهم شخصا مختلف تماما عما كانه وهو وبسبب الأوضاع المعيشية وحرب الابادة المستمرة كان قد اصيب بحالة نفسية بشهر قبل اعتقاله.
ظهر متلعثما وجاحظ العينين واول كلمتين نطق بهما ولخصتا الشهر الذي أمضاه في الاعتقال كانت (كابوس وتعذيب). يظهر في الفيديو بنظرة خائفة وخالية من الحياة، في يديه وساقيه اثار وجروح التعذيب ويقول بنبرة بطيئة جدا بأنهم هددوه ببتر ساقيه وهو لا يعرف ما هي تهمته. تصف ادبيات الحرب جحوظ عيون الجنود المشاركين في حروب شرسة بانها (نظرة الألف ياردة) وكانت مجلة (لايف) الأمريكية قد علقت على بورتريه لجندي أمريكي من مشاة البحرية كان قد خرج من اشتباكات عنيفة في 1945 بهذه العبارة والتي دخلت منذئذ إلى هذه الادبيات وصولا إلى وصف حالة دحلان.
وكانت شبكات إخبارية نقلت عن طبيب في المستشفى قوله بأنه يعاني من اضطراب نفسي ناتج عن التعذيب والظروف القاسية، التي تعرض لها خلال الاعتقال. واشار بيان مشترك لهيئة شؤون الأسرى والمحررين (مؤسسة فلسطينية رسمية) ونادي الأسير الفلسطيني (منظمة مجتمع مدني فلسطيني) ونشرته وكالات الانباء إلى شهادة للأسير الفلسطيني الصحفي (محمد صابر عرب- 42 سنة) والمعتقل في معسكر (سديه تيمان) الصهيوني والمعتقل منذ اكثر من 100 يوم والذي التقاه المحامي الفلسطيني (خالد محاجنة)، وهو أول محام فلسطيني يتمكن من مقابلة أسرى من غزة منذ بدء حرب الابادة.
وجاء في الشهادة ان ادارة المعسكر “تبقي المعتقلين مقيدين على مدار 24 ساعة، ومعصوبي الأعين”. وتم رفع العصابة عن عينيه لاول مرة منذ 100 يوم وهو يلتقي بالمحامي الذي بينهما حاجز زجاجي وسياج وحولهما حراسة مشددة وتهديد ان أية كلمة يسمعونها قد تضر بأمن الكيان معناه إنهاء المقابلة فورا.
واضاف بأنهم “يتعرضون على مدار الوقت لعمليات تعذيب وتنكيل واعتداءات بمختلف أشكالها ومنها اعتداءات جنسية، وعمليات اغتصاب”، مؤكدا عمليات التعذيب تسببت باستشهاد عدد من الاسرى. واستنادا إلى الشهادة، فان الاسرى ممنوعون من تبديل الملابس ولا يفك قيودهم إلا لدخول الحمام لدقيقة واحدة يوميا! ونقل محاجنة عن الصحفي محمد عرب بأن ادارة المعسكر تمنع الاسرى من التحدث مع بعضهم البعض وان حدث فأنهم يتعرضون إلى ضرب مبرح، مما جعلهم يتحدثون مع انفسهم وهم ممنوعون من اداء الصلاة ايضا ومحاطين بالكلاب البوليسية وينامون على الارض بدون مراتب وأغطية. شهادة الصحفي محمد عرب تلخص جريمة حرب اخرى يرتكبها النازيون الجدد ضد الاسرى المدنيين..
وكانت جريدة (نيويورك تايمز) قد نشرت في شهر اذار الماضي تقريرا عن تحقيق غير منشور قامت به ( وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- الأونروا) وربما بسببه تم اتهام الوكالة بالعمل لصالح المقاومة الفلسطينية والذي رفضته الوكالة. واشار التحقيق إلى اساءة معاملة الاسرى الفلسطينيين، الذي تم اعتقالهم في غزة خلال الحرب وبينهم اكثر من الف أسير مدني تم إطلاق سراحهم بدون توجيه أية تهمة اليهم وكان بينهم أطفال ونساء وكما جاء في التقرير فان أعمارهم كانت تتراوح بين 6 إلى 82 سنة وأشار إلى أنهم احتجزوا في ثلاثة مواقع عسكرية داخل (اسرائيل)، وتضمن التقرير شهادات اكدت بأنهم تعرّضوا للضرب، والتجريد من ملابسهم، والسرقة، وعصب أعينهم، والاعتداء الجنسي، وحرمانهم من التواصل مع محامين وأطباء، لأكثر من شهر في كثير من الأحيان. واذ تم توثيق حالة بدر دحلان، ترى ما هو عدد المدنيبن، نساء ورجال وأطفال، في غزة يعانون من (نظرة الالف ياردة) لهول مشاهد القصف والتدمير وعدد الشهداء والمصابين، ولم يصل اليهم الصحفيون لتوثيق
حالاتهم؟