زهير كاظم عبود
بانضمام اسبانيا وتشيلي إلى جانب جنوب افريقيا في قضية الإبادة الجماعية، المرفوعة ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، استنادا إلى الاتفاقية الدولية التي تجرم عمليات الإبادة الجماعية، وتلزم جميع الدول الأعضاء بفرض حضرها وتجريمها، والتي اعتمدتها الهيئة العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الثالثة بتاريخ ٩ ديسمبر ١٩٤٨
واستنادا إلى المادة 63 من نظام المحكمة، لارتكاب إسرائيل جرائم الإبادة الجماعية بشكل سافر ومستمر، يتوضح للرأي العام الدولي والحكومات كافة حجم الأدلة والقرائن، التي توفرت في القضية ووضعتها الدول المذكورة امام المحكمة الجنائية الدولية، خصوصا وان هناك عددا من الحكومات تدرس إمكانية الانضمام إلى هذه القضية، ومنها كولومبيا والمكسيك وايرلندا وبلجيكيا، وهناك دول أخرى طلبت بالفعل الانضمام إلى دولة جنوب افريقيا ومنها تركيا وليبيا ونيكاراغوا والدولة المجني على شعبها ( فلسطين ) ما يوجب على المحكمة المذكورة ان تدرك حجم الجرائم، التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين العزل من الفلسطينيين.
ويلاحظ المجتمع الدولي تزايد عدد الحكومات المطالبة بالانضمام إلى هذه القضية المرفوعة ضد إسرائيل، فاذا كان على المحكمة ان تستعجل النظر في هذه القضية وتصدر قراراتها العادلة، فان على المجتمع الدولي مسؤولية أكبر من مسؤولية المحكمة بأن يتخذ من المواقف والإجراءات ما يوقف هذه الحرب المجنونة، والتي تحصد البشر وتحيل الحياة إلى جحيم.
وامام انظار المجتمع الدولي بلغت حجم الضحايا البشرية التي قامت دولة إسرائيل بإبادتها 124 ضحية بين قتيل وجريح، اغلبهم من الشيوخ والأطفال، إضافة إلى حجم الخراب والدمار الذي لم يتوقف بالرغم من انه أوقف معالم الحياة البشرية في هذه البقعة من العالم، واللافت في الامر ان إسرائيل، وبالرغم من صدور قرارات الإدانة والقرارات، التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية وقرارات مجلس الامن الدولي بإيقاف القتال، فإنها لم تستجب لكل هذه القرارات والاوامر، وبغض النظر عن الإجراءات القانونية والقضائية، التي تتبعها المحكمة وفق نظامها الأساسي، فإن العالم اليوم، متمثلا بالأمم المتحدة ومجلس الامن أن يلزما نفسيهما قانونيا واخلاقيا بأن يتخذا من القرارات ما يوقف إسرائيل عن الاستمرار بارتكاب جرائمها، والتصدي للتحدي والعنجهية الإسرائيلية، وحتى لا يستمر التاريخ يذكر أن دولة كبيرة وعضوا في مجلس الامن كالولايات المتحدة الامريكية تعارض كل المشاريع، التي تردع إسرائيل وتوقفها بعدم استمرار ممارستها لأفعال الإبادة الجماعية بحق أهلنا في فلسطين، وبالرغم من أننا نعرف حجم التحالف والعلاقة بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل، إلا أننا نثق بأن القوى المحبة للحرية والسلام العالمي لم تزل تستطيع ان تلعب دورا فاعلا في هذا المجال.
وعلى جميع الحكومات التي تحترم عضويتها في الأمم المتحدة، وتحترم توقيعها على الاتفاقيات الخاصة بتجريم ومنع الإبادة الجماعية للبشر، أن تتخذ موقفا يرتقي بها إلى مستوى المسؤولية، والشعب الفلسطيني بالرغم من انه يتعرض لأبشع عمليات إبادة في التاريخ البشري، فهو لا يحتاج إلى الغذاء والدواء والمعونات بقدر ما يحتاج ان توقف آلة الحرب الإسرائيلية استمرار قتلها البشر وتدميرها لكل معالم الحياة في عدد من مدن فلسطين، يحتاج إلى فرصة ليتنفس الحياة، وهذا الموقف لا يحتاج إلى دراسة أو اجتماعات بقدر ما يحتاج لصحوة ضمير انساني.
المحكمة الجنائية الدولية لا قيمة لقراراتها اذا لم تستجب لها الدولة المعتدية، ومجلس الامن يتمتع بصلاحيات المحافظة على السلام والامن الدوليين، ومثل هذه الصلاحية وحدها تكفي أن تضع قرارا يوقف إسرائيل وعنجهيتها في حال لم تستعمل احد الدول الأعضاء حق الفيتو، وحتى لا يتحول العالم إلى غابة يستقوي بها الوحش على البشر دون حماية يوفرها المجتمع الدولي.