أ.د.عبد الواحد مشعل
يقصد بالإعلام هو الإعلام المؤسساتي الذي يقوم على الاسس المهنية والعلمية وتوظيف النظريات الإعلامية والطرق المنهجية في دراسة المواضيع ذات العلاقة بالتأثير في الجمهور، وهو ما يمكن الاستعانة به في هذا المجال تصل بمدى انعكاس ذلك على تحقيق السلام المستدام في المجتمع العراقي، لا سيما ان هذا المجتمع بدأ يخرج من دوامة العنف والارهاب، وفي هذا السياق تكون مسؤولية الاعلام تدورعلى تحليل وتفسير اسباب الصراع والنزاع وتحويله إلى السلام، بطرق علمية لاعادة تنظيم المجتمع وتطوير آلياته ووسائله وأدواته، لتطوير مؤسساته في إدارة الصراع وتحويل السلامن خلال بناء استراتيجية إعلامية ناجحة، تعزز قيم التعايش السلمي، معتمدة على التثاقف الثقافي وقبول الآخر، كما لا يخفى أن مواقع التواصل الاجتماعي التي تشهد تطوراً نوعياً في عصرنا الراهن، وهذا النوع من المواقع، هو ما يعرف اليوم بالإعلام الجديد الذي لا يتقيد بقواعد مهنية، اذ يمكن لأي فرد تأسيس موقع أو قناة على الـ»يوتيوب» أو عن طريق الـ»فيسبوك أو التويتر» وغيرها، ومن خلاله يوجه رسالته أو يبث أفكاره وتصوراته، ولا شك أن هذا الاعلام الجديد قد انبثق من الثورة المعلوماتية والياتها التقنية، بالاستخدام الواسع للشبكة العنكبوتية، ونقطة البحث في هذا المجال مدى تأثير هذين النوعين من المؤثرات الاعلامية في ترسيخ السلام المستدام في مجتمع، يكون في اشد الحاجة إلى الاستقرار المجتمعي بعد أن مر بأزمات وحروب ومشكلات أمنية وتجاذبات أيديولوجية وعرقية ومذهبية سياسية هددت أمنه الاجتماعي، وقضايا السلم فيه، وهنا ينبغي الاجابة على التساؤل المركزي: كيف يمكن توظيف الإعلام المؤسساتي والإعلام الجديد في إعادة البناء الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي، واستيعاب الواقع وفهم تغيراته من اجل الوصول إلى مرحلة الاستقرار وترسخ قيم المواطنة، بدلا من الطائفة والعشيرة والعرق، مع احترام الخصوصيات الثقافية للمكوناته الاجتماعية، لنجعل ذلك هو المعيار الاساسي الذي تقوم عليه الدولة المدنية، ولا شك أن ترسيخ قيم التعايش السلمي، ينبغي أن يدعم بحماية القانون، وتحقيق المساواة والعدالة في اطار المشتركات الوطنية، وأن تكون الرسالة الاعلامية ترجمة لأصول الثقافة العراقية الجامعة نابذةً لكل اشكال العنصرية والتعصب والعنف والإرهاب.
إن التطور التقني وضع امام الانسان تدفقا معرفيا، كان له الفضل في تنمية وتطور وتقدم عقله في عالم دخل الالفية الثالثة بتقنية عابرة للحدود، بين المجتمعات الانسانية وللثقافات الفرعية في المجتمع الواحد من خلال توظيف المعرفة الانسانية في خدمة المجتمع عن طريق مؤسسات المجتمع، لا سيما المؤسسة الاعلامية، ومواقع التواصل الاجتماعي في الوصول إلى عقل الانسان العراقي الراغب بالسلام والاستقرار.
وخلاصة القول إن فهم دور الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في ترسيخ السلام وتعزيز قيم التعايش السلمي، يأتي من خلال إبراز دور الإعلام في تحليل، وتفسير الصراع والنزاع في المجتمع، حتى يمّكن القائمين على الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على فهم ثقافة أبنائه، ومدى استحابتهم وقبولهم لرسالتهم الهادفة إلى ترسيخ السلام المستدام.