وليد خالد الزيدي
لا يمكن أن تسود العدالة بين الناس ما لم تنتج نبتة سريعة النمو تشرع افرعها وتؤصل جذورها، لتكون شجرة وارفة الظل يمنحها الله تعالى لمن يعرفها وينهض بها ويجسدها على أرض الواقع، فالخالق يهبها لأولئك الذين يحبونها ويسعون على الدوام للحفاظ عليها وللدفاع عنها، والذين يسهرون على بقائها، فهي حقيقة مطبقة حينما تفعل في أي مجتمع وقتها تكون الحرية بأوج قمتها وأجمل صورها وأبهى أشكالها
لا سيما حينما يكون القانون الأعلى لسلامة الناس، وصوتهم القوي الجبار ولا أفضل في الوجود من حكومة سائرة في عدالة السلطة، لتنفذ إلى حكم مبدأه النظام وصورته الاستقرار وهدفه الاصلاح وغاياته التقدم كعناصر ضرورية لسبل قويمة وحياة مستقيمة ونوايا سليمة، لكي يعيش الناس بطمأنينة توفر الهدوء لجميع الرعية.
ليس من الصحيح أن تفرض العدالة بالقوة فحسب، بل يمكن ان تفعل بالتفاهم فضلا عن انها ليست من بناة حزب سياسي أوتنظيم بحد ذاته انما هي وليدة ثقافة مجتمع ونظام مؤسساتي ومتغيرات سياسية ذات شرعية تستمد مقوماتها من معالجة قضايا المجتمع بكل فئاته ومختلف اطيافه وتنوع اتجاهاته وايجاد الحلول لازماته والنأي به عن امراض العصر كازمات الغذاء والمجاعات ونقص الخدمات وسوء توزيع الثروات وفقدان الامن والتمييز بين الناس على اسس مفترضة لا تاخذ بعين الاعتبارالمساواة بين افراد المجتمع والانصاف فيما بينهم ووحدة المصير والعيش الكريم وبالتي تغيب نظرة الابوة لدى نظام الحكم منهجا وعملا ويكون البناء المؤسساتي كالكوخ المنخور لا يوفر لساكنيه الأمن والراحة من بطش المتغيرات الخارجية، بيد أن أي زعامة من قبل حزب ما أو جملة أحزاب سياسية ليس مثلمة، ولا هو سبة، اذا ما اندمجت في بودقة النظام السياسي الوطني، الذي يحافظ على جميع ثروات البلاد من الضياع على ان يعتبر الجماهير في كل ربوع البلاد أبرز وأهم تلك الثروات والمساواة في الحقوق والواجبات فيما بين جميع افراد المجتمع لهي محور أساس في بناء الدولة المستقرة.
بناء الدولة وفق ايجاد مؤسسات تضمن للجميع الحياة الكريمة، هي من أبرز مقومات التطور المجتمعي، وإن ابثقت تلك الدولة من رحم أحزاب سياسية متعددة، فحزب مبدأه العدالة والاصلاح والتقدم وحزب مبدأه النظام والاستقرار والأمان، كلاهما من العناصر الضرورية في النظام السياسي الناجح، والمعبر عن إرادة عامة الناس، لا سيما حينما يكون أمنهم ورفع الحيف عنهم القانون الأعلى للزعامات والقيادات، اذا ما أرادت أن تكسب شرعيتها وديمومة وجودها ودرجة تفاعلها مع إرادة أبناء المجتمع وتحقيق تطلعاتهم في العيش، تحت خيمة بلد متطوروحياة مستقرة وليس النظر فقط إلى مصلحة طبقة سياسية بحد ذاتها، وتلك مبادئ أساسية للنجاح والفلاح، لأن كل شكل من أشكال الحكومة، يميل إلى الزوال، بسبب تخليها عن مبدأها الأساس، الذي عاهدت الناس على تحقيقه.
ما لفت نظرنا في تلك الجزئية المهمة حديث رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني مؤخرا، وتأكيده على تحمل أركان حكومته مهمة إنفاذ القانون وبناء صرح العدالة والمساواة والاستقرار، باعتبارها خطوة ضرورية في الحياة وأحد أركان النجاح الحكومي، ولكونه مدعوما بإرادة برلمانية وشعبية واسعة، نحو إحداث تنمية وطنية شاملة ومستدامة والانتقال بالعمل المؤسساتي، من مرحلة الإنتاج وتشييد البنى التحتية، وتحريك الاقتصاد، وخلق فرص العمل إلى مواجهة التحديات وترسيخ السيادة والعمل، بمبدأ المساواة بين جميع أبناء الشعب.