دبلوماسيَّة المواطن عبر مسار العلاقات العامَّة

آراء 2024/07/14
...

 د. محمد وليد صالح

بناء علاقات دولتهم الخارجية على المستوى الإنساني مسؤولية يتحملها الأفراد وهدفها إدارة الحوار والاتصال المباشر أو الرقمي مع المواطنين نظرائهم في الدول الأخرى، لأن الذي تعجز عنه القنوات الرسمية تصنعه الشعوب وتنجح به، لزيادة الروابط الدولية والمصالح المشتركة ومضاعفة تأثير أدواتها وإرساء قواعد بناء الثقة والتفاهم ومبادئ السلام.
وبدورته الرابعة 2024 أتى اليوم العالمي للعلاقات العامة، الذي جسدت فيه جمعية العلاقات العامة العراقية (ايبرا) وبالتعاون مع مؤسسة الإعلام العراقي رؤية المبادرة الأممية بأهمية هذا العلم المعاصر وممارسة وظائفه في نشر الثقافات العالمية، عبر عمليات التسويق وتصدير الأفكار والآداب والعلوم والفنون من دولة إلى شعوب ودول أخرى عبر الجماعات المؤثرة وقادة الرأي ضمن الدبلوماسية الرسمية والشعبية وزيادة تأثير الرأي العام، بمعنى أن الدول لا تستطيع أن تعيش طويلاً في عزلة وعادة لا تعبأ إذا تعارض هذا الرأي مع ما تراه هي محققاً لمصالحها، فضلاً عن دور المؤسسات غير الحكومية في عملية التعاون الدولي لكسب ثقة الجمهور وسعة الانفتاح والحد من ظاهرة احتكار المعلومات، نظراً لحاجة المجتمع للمشاركة في معرفة الأخبار ودخول تقانات الذكاء الاصطناعي.
إنَّ تحقيق قدر من الانسجام الجماعي على وفق أدق فهم لثقافات الشعوب المختلفة وعاداتها، ينبثق من ممارسة نشاط العلاقات العامة الاتصالي بوصفها أداة تأثير ذات خصوصية عالمية لا يتوقف على مجرد نشر رسالة معينة، وإنما عملية تبدأ برسالة يتلقاها الجمهور المستهدف تجذب انتباههم فيفهمونها ويستجيبون لها بالطريقة الناجعة لوصول الرسالة.
فيما تكمن نصف سياسات القوة في العالم بالقدرة على صنع صورة الدولة وتحسينها أمام الرأي العالمي، لذ اتسمت تكنولوجيا العمليات الاتصالية بالاستمرارية والتفاعلية ودفعت الحاجة إلى وجود تفاهم متبادل ومستمر بين المؤسسات والشركات متعددة الجنسيات والحكومات، وبين جمهورها، فالثقة الدولية عامل يتيح لها الحصول على الموارد والدعم السياسي والمادي، أو ما يطلق عليه السمعة الوطنية للدولة يمكن أن تكون في أكثر فائدة لها من القوتين العسكرية والاقتصادية مما يعطي جاذبيتها الثقافية وقيمها وسياساتها
الإيجابية.
إذ تواجه عملية تشكيل الصور عن الشعوب الأخرى مشكلات عدة من أهمها صعوبة الاتصال أو الحوار خاصة كنوع من العوائق، وابرزها اختلاف اللغة فهي لا تقتصر على نقل المعاني، بل تنقل رؤية كاملة للعالم بما يحويه من قيم ومعتقدات وماضٍ تأريخي، بمعنى كيفية تصوّر شعب ما لسمات شعب آخر بعد التحوّل الرقمي في مجال العلاقات العامة، فيما تتجلى تحديات استعمال التقانات في المؤسسات المتنوعة، سواء أكانت في العراق أم الدول المجاورة والعربية ارتباطها بالبعد الإنساني غالباً،
ونقص المعرفة والكفاءة والمهارات التحليلية والتقنية اللازمة ومنافسة قدرات الموارد البشرية وفرص العمل، على الرغم من توفير الوقت والجهد في إعداد الرسائل الإبداعية وتوجيهها إلى الجمهور لصعود سلم التقدم والازدهار والنجاح المعرفي.