نظرة على العهد الملكي وعهد قاسم

آراء 2024/07/23
...

 باسم محمد حبيب


عندما نتكلم عن العهد الملكي وعهد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، لا يمكننا أن نتجاهل ما تحقق في هذين العهدين من تطورات كبيرة وإنجازات مهمة على مختلف الصعد قفزت بالعراق من حال إلى حال.

فالعراق الملكي الذي تأسس بجهود بريطانية، مثل البداية لعهد الدولة العراقية الحديثة بعد سبعة قرون من خسارة العراق لدولته الوسيطة، فتم في هذا العهد إرساء دستور دائم وبناء مؤسسات الدولة من برلمان وحكومة وقضاء وجيش وشرطة ونظام صحي ونظام تعليمي وبنى تحتية وخدمات بلدية وما إلى ذلك من الأمور، التي كانت مفتقدة أو محدودة في العراق قبل هذا العهد، لكن النظام الملكي لم يستمر في اندفاعه فيحرز نجاحات اجتماعية وحقوقية واقتصادية كما هو مأمول منه، بل بقي يراوح في مكانه فزادت الهوة بين الريف والمدينة، وتزايدت الفوارق الإجتماعية و تدهور الواقع الاقتصادي.

أما عهد الزعيم عبد الكريم قاسم، فقد تحققت في عهده منجزات مهمة من بينها : إصدار قانون الإصلاح الزراعي الذي حسن ظروف وأحوال الفلاحين، وقانون الأحوال الشخصية، الذي ضمن حقوق المرأة، والقانون رقم 80 الذي حرر أراضي العراق من سيطرة شركات النفط الاحتكارية، وألغى قانون دعاوى العشائر، الذي جعل الكثير من شؤون العشائر خارج سلطة القانون المدني، ما جعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، فتم في عهد الزعيم قاسم إلغاء هذا القانون، ليغدو الجميع متساوين أمام القانون، لكن هذا لا يعني أن هذا العهد لم تنتابه الإخفاقات والنكبات، أولها ما حصل في قصر الرحاب في 14 تموز 1958 من قتل لمعظم أفراد العائلة المالكة بما في ذلك الأطفال والنساء، فضلا عن نوري سعيد الذي قتل في اليوم التالي، ثم استمرت الصراعات طوال حكم الزعيم قاسم لتنتهي بإنقلاب 8 شباط 1963، الذي أنهى ذلك العهد، كما تم إلغاء الممارسات الديمقراطية من إنتخابات وورقابة برلمانية وإلغاء الدستور والبرلمان وإنهاء الفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية، ما مهد لانتقال البلاد إلى الحكم الدكتاتوري والفوضى العارمة بعد انتهاء حكم الزعيم قاسم، وصولا إلى عام 2003.

لذا يجب علينا عند الكلام عن هذين العهدين ذكر منجزاتهما وإخفاقاتها من دون أن نتحيز لعهد دون آخر، لكي تكون لمراجعتنا التاريخية قيمة وفائدة، فنستلهم منها الدروس والعبر، لبناء حاضر خالٍ من الأخطاء والسلبيات وصناعة مستقبل نامٍ ومزدهر، فنعرض السلبيات ومن قام بها، كما نعرض الإيجابيات، ونذكر بالخير كل المسؤولين المخلصين، سواء أكانوا من العهد الملكي أم من عهد حكم الزعيم قاسم، بما في ذلك الملوك الثلاثة رحمهم الله، ورؤساء وزراء ذلك العهد، ومنهم المرحوم نوري السعيد داهية السياسة العراقية، والزعيم عبد الكريم قاسم ووزراؤه، رحم الله المتوفين منهم، والصحة والعمر الطويل للباقين، فهكذا نكون منصفين

 وموضوعيين.